facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بائعة السبانخ


د. عائشة الخواجا الرازم
07-04-2018 12:52 AM

كان يا ما كان في غريب الزمان سيدة تحب النزول لعاصمة بلدها.... وتشتري في فصل الربيع جميع ربطات السبانخ من النساء الجميلات الروح والعصاميات الشريفات...
وفي ظهيرة يوم خميس قبل عطلة يوم الجمعة توجهت تلك السيدة إلى نفس الرصيف الملون بالصيصان والأرانب والخبيزة والحمام والبيض البلدي ... نفس الرصيف الذي يحتضن نساء يشكلن جباه الوطن الصابرة اللامعة بالعزة ...
وما أن انحنت تلك السيدة لتبدأ بجمع إضمامات السبانخ الخضراء اليانعة المغسولة بدمع الأمل والرزق الحلال على أيدي أمهات يربين ويعلمن ويطعمن ويرفعن هامات أجيال لترنو نحو حياة كريمة ...
حتى ضجت الأرصفة المتجاورة حولها بالصراخ وبرجمات الحمام ونقنقات الصيصان وبكائيات نساء متتالية ترجو وتحاول جمع وريقات السبانخ واستدارات وريقات الخبيزة كأنها من بنات عيونهن اللواتي سهرن طوال الليل يمسدنها ويصففن عروقها للعاشق الولهان لخضرة الوطن ...
ارتطم رأس تلك السيدة بمفرش خشبي حملته بائعة السبانخ لتهرب به من رجال وطنها ومن حماة أمن راحتها ...هؤلاء الذين هجموا يحطمون المفارش ويهشمون أقفاص الحمام المتطاير هلعا ... ويفقشون البيض البلدي على نفس رصيف الخير الوفير في أحضان الحالمات بخبز العيال ولا تجوع الحرة في وطن الصابرين ...
تلوع الشارع والمتفرجون ... ومشهد الويل يغطي بطن عربات الشرطة ومكبات أمانة عمان ...فيخالط البيض المكسر وزناخة الصفار إضمامات الخبيزة والسبانخ وأجنحة الطيور المكسرة في الأقفاص ...

انتبهت تلك السيدة لذراعيها المتشبثين بربطات السبانخ وهي تلحق ببائعة ذات مدرقة سمراء جميلة القبة والتطريز واختفت وهي تلطم وتدعو على شباب ورجال غرباء لا يحملون في سحناتهم قربى الدم فبدا عليهم العداء وظهرت الشراسة عالية الوتيرة ...
اقتربت منها وقالت.: تعالي معي إلى سيارتي ... وساعديني في حمل سبانخاتك الفاخرات النظيفات ...
أجلستها بجانبها في السيارة وهدأت من روعها وهي تلملم دموعها وانطلقت بها إلى بيتها في الهاشمي الجنوبي ... لتوصلها وتستمع إليها حتى إذا وصل الحديث لنقطة الصفر عند وصول منزل بائعة السبانخ...كان ولد بعمر العشر سنوات يقف على عكازة حليق الشعر مورق الخدين بالصفار ويبتسم لأمه التي حضرت في سيارة بيضاء مع سيدة ليس لها في الحي حوض سبانخ ولا حوض كزبرة خضراء كما هي في حوش تلك الدار العفيفة النظيفة ...
سلمت على الفتى ... وقبلته على وجنتيه ... وقالت : أمك كلمتني عنك أيها البطل ... أنت حبيبي ...سأزورك كل يوم ...
قال : بعد غد يا خالة ...عندي كيماوي بحرق حرق تعالي ...
اقتربت منه وهي تنظر لوجه أمه الشابة المطلقة التي تعنى بفتاها الوسيم الجميل الحالم بمظلة وطن لا يغفل عن حياض وحوض بيته رجال الأمن والأمان ...
وقالت : لن أغيب عنكم يا بطل ...
فجأة انتحى بأمه جانبا والسيدة تدخل لتشرب الشاي وسمعته يهمس.: جبتي لي الحفاية للمستشفى ؟
همست الأم : بكرة يا عمري ...بكرة !
سأل : خلصتي بدري يمه ...؟ نفقتي بسرعة.؟
قالت الأم : الحمد لله ...الله جبر يا عمر ...
دخلت السيدة البيت المرتب الأنيق .. وهي تستمع لحوار عمر وأم عمر .. وتتأمل بجنبات البيت الكريم في وطن يتصرف فيه قوم لئيم ... وهبت في سمعها كلمة : بعتيهم كلهم ؟
قالت الأم : كلهم
قال عمر : كان خليتي لنا تعملي قراص قبل ما أروح ...!
تطلعت إليه أم عمر : حوض السبانخ بعده مليان ما قصيته كله !
ابتسم عمر : لا يا يمه ... أجت أم حسام وقصت الحوض ودفعت لي دينار ونص ...خذي يمه ...
اقتربت السيدة من عمر : اليوم راح ناكل أنا وياك أزكى اقراص ...
وبكرة ...أحلى حفاية ...
على راس كل عتل لئيم زنيم في موقع مسؤولية ...!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :