facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عزيزي المريض الأردني .. لك الله


د.سهيل الصويص
08-04-2018 05:58 PM

إن كنت تعتقد عزيزي المريض الأردني بأنك مع ما يزفوه لك من أخبار عن قرب صدور قانون مسؤولية طبية يوفر لك الحماية ويجعلك تغمض عينيك مطمئناً على صحة ومستقبل أطفالك فأعذرني عزيزي أن أقول لك بأن همومك قد بدأت وبأن عليك أن تقشعر رعباً مما يتربص بك .

لم نسمع يوماً بأننا نعيش في دولة تحكمها شريعة الغاب ولا يوجد بها قانون ولا قضاة وبأن القضاء الأردني قد خذل يوماً مريضاً تعرض لحادث طبي وأثبت التحقيق وجود إهمال أو تقصير أو أن طبيباً أردنياً لم يدفع تعويضاً لمريض أقره القضاء بل ولم يسبق لنا أن قرأنا بأن قاض أردني مخضرم يطالب بتشريع قانون جديد للمسؤولية الطبية والأهم لم تصل إلى مسامعنا دراسات وإحصائيات تثبت أن الأخطاء الطبية غدت اليوم هواية أطباء الاردن المفضلة .

الطبيب كمهني تحكم مسؤوليته من جهة بنود دستور نقابة الأطباء وهي الهيئة المهنية المنتخبة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن ممارسة الطبيب ، وتحكمه عند حدوث حادث علاجي قوانين الدولة الأردنية المدنية والجزائية التي لم تتنظر ليأتي من يلقن قضاتنا ومحامينا أصول المهنة ويخطوا لهم قوانين جديدة .

أثبتت جميع الدراسات العالمية بأن 18% من الأخطاء الطبية تعود لأخطاء بشرية بينما 82% منها تعود لخلل في النظام الصحي وقصور في الإمكانيات المتوفرة للتشخيص والعلاج .

من هنا كانت نقطة الإنطلاق الخاطئة بتحميل الطبيب وحده مسؤولية كافة ما قد يتعرض له المريض من تقصير وإهمال لأن ذلك يحمي الاَخرين المسؤولين عن غالبية ما يحدث اليوم على الساحة الأردنية من ماَسي ، لذلك نراهم يهرولون لتشريع قانون جديد يبعد المسؤولية عنهم ويحموا أنفسهم جاعلين الأبرياء يعتقدون بأن الهدف حماية الأبرياء .

فلطالما أن 82% من الأخطاء الطبية تعود للنظام الصحي الأردني الهش الهزيل فكان من واجب حماة المرضى والمشرعون الجدد البدء بتحسين الإمكانيات المعدمة التي تنقص مراكزهم الصحية ومستسفياتهم فبتفادي حدوث خطأ نحمي المريض وليس بانتظار وقوع الفاجعة لننقض على الطبيب ونعلق له مشنقة في ساحة الجامع الحسيني .

في جميع دول العالم قانون المسؤولية الطبية جزء من قانون المجالس الطبية أي في بلدنا نقابة الأطباء وما ينقصنا هو من جهة تحديث قانون نقابتنا وصياغة أسس جديدة للمسؤولية الطبية ضمن دستور النقابة ولكن الأهم فرض قيام النقابة بدورها الرقابي والعقابي بصورة جادة وجدية لكي لا تبقى هيئة ديكورية فقدت مع السنين مصداقيتها أمام الأطباء قبل المرضى . ولا يوجد دولة في العالم تحتل فيها وزارة الصحة مكانة النقابة في الرقابة والعقاب على الطبيب بل وأنه وفي غياب تشريع جديد يسحب من النقابة دورها القانوني فإن ما قامت به وزارة الصحة من إقصاء للنقابة واحتلال مكانتها بهذه السهولة يعتبر سابقة قانونية ومهنية خطرة وفريدة بين الدول فهل تخيلنا وزير الإعلام يقصي نقابة الصحفيين ويحتل مكانها وكذلك الامر لوزير التربية والتعليم مع نقابة المعلمين ؟

غالبية الأخطاء تقع في المستشفيات سواءً الحكومية أو الخاصة وهنا أفليس من حقنا أن نسائل الوزارة بصفتنا أطباء ومرضى محتملين من سيحمينا يوم تقع الكارثة بسبب قصور خدمات مراكز ومستشفيات الوزارة حيث تكمن أكبر نسبة لاحتمالات وقوع الأخطاء بسبب فداحة تعداد المراجعين والمنتسبين وليس بالإجحاف إن زدنا على ذلك بسبب شح الكوادر والاختصاصات والإمكانيات أيضاً ؟

فأين في القوانين الجديدة ما يلمح بوضوح دون التباس لمسؤوليات الوزارة وفي أي نص نجد تلميح لضرورة تحسين إمكانيات الخدمات البشرية والتكنولوجية في مؤسساتها وهو العنصر الحيوي الأهم في أي مشروع قانون عصري حضاري للمسؤولية الطبية لتفادي وقوع الخطأ ؟

وبما أن 82% من الأخطاء الطبية ليست ناتجة عن أخطاء بشرية بل عن تقصير في المؤسسات العلاجية فاسمح لي عزيزي المريض الأردني أن أذكّر وزارتنا الكريمة التي تجرّم الطبيب لوحده بأن مراكزها الصحية ال 676 قد استقبلت عام 2016 اثنا عشر مليون مراجع من بينهم مليونان لم يتم معاينتهم وعلاجهم من قبل الأطباء بل من قبل الممرضين بمفردهم أتسمعون ذلك نعم هذه أرقام الوزارة نفسها بينما في جميع المراكز لا يوجد سوى 176 طبيب اختصاص أي أخصائي لكل أربعة مراكز وهنالك 652 ممرض قانوني فقط أي ممرض واحد لكل مركز بينما هنالك في مراكز الوزارة 10684 موظف !!! فأي مرضى أبرياء تبحث الوزارة عن حمايتهم في قانونها الجديد ؟

في مستشفى البشير حيث تتواجد نخبة من أمهر الكفاءات الطبية تكتظ مكاتبه ب 2834 موظف بينما لا يوجد به سوى 192 طبيب اختصاص استقبلوا 590 ألف حالة اسعاف وطواريء عام 2016 و 460 ألف مراجع في عيادات الاختصاص وقاموا بإجراء 24464 عملية جراحية فهل هم سحرة أم بشر وهل يعقل أن لا يتسلل الخطأ ذات ليلة ظلماء لأحشاء مريض بريء ؟

وهل هي مفاجأة أن نطالع في نشرات الوزارة الرسمية بأن 867 مريض قد أدخلوا إلى قسم العناية المركزة في البشيرعام 2016 توفي من بينهم 371 فهل هذه النسبة المذهلة المقلقة المحزنة ناتجة عن عدم كفاءة الأطباء وتقصيرهم أم عن خلل في العديد والعدة وماذا قامت الوزارة بعمله لتفادي تكرار ماَسي متماثلة غير تحميل الطبيب وحده المسؤولية ؟

ليس بتحميل الطبيب الأردني بمفرده مسؤولية كافة الثغرات في النظام الصحي سنوفر لمرضانا نوماً هادئاً فهذا القانون لن يغير شيئاً عزيزي المريض سوى اغتيال سمعة الطبيب الأردني ومهنة الطب الأردنية بأكملها بخنجر في الصدر قبل الظهر بأيادي من يفترض بهم حماية المهنة ومنتسبيها ، ويا ليت المتحمسين اقتدوا بمشروع قانون المسؤولية الطبية الكويتي المعروض حالياً على مجلس الأمة للخروج بقانون حضاري مكتمل عادل ومشرف .

لن يغير القانون المرتقب شيئاً إيجابياً عليك أيها المريض ببضعة سطور مبهمة من مشروع قانون عقابي بحت يركز على تشكيل لجان ولجان لا تحصى لا نعرف متى وممن ستتكون لكن كل ما نعرفه أنها لجان يبقى خلالها الطبيب هو المذنب وهو القاضي .

ولطالما أن من يتحملوا مسؤولية الخلل الأكبر والاخطر في تقديم الرعاية الصحية الاَمنة قد منحوا لأنفسهم صك غفران فأرعبوا المريض من طبيبه وحملوه كافة المسؤوليات رافضين النظر بواقعية لصلب المحنة ولمسؤولياتهم وإلى ضرورة العمل على تنظيم المهنة ومكافحة احتمالية تعرض المرضى لأخطاء وحوادث علاجية يبقى الغد مليئاً بالمفاجاَت ويبقى
الله وحده عزيزي المريض الأردني حاميك الرحيم .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :