facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صفقة القرن بين الحقيقة والخيال


د. عادل يعقوب الشمايله
29-07-2018 03:10 PM

كثيرون اولئك الذين كتبوا أو تحدثوا عن صفقة القرن. بعضهم حلق بعيدا في انفاق المؤمرات وسرد تفاصيل دون تحديد مصادرها، في حين أسندها البعض الاخر لمصادر مختلقة، وقَولَ السياسيين الغربيين ما لم يقولوا وهذا امر اصبح يجيده العرب عموما والاردنيون من بينهم خاصة مع انتشار الفيس بوك. وعلى الرغم من أنني اشاهد محطات CNN, BBC , France 24, CJTV العالمية العميقة الاطلاع، الا أننى لم أُصادف خبرا أو برنامجا أو ندوة أو لقاءاً جادا ومتكاملا حول هذا الموضوع. كما أنني تقصيت عن صفقة القرن على الانترنت فلم أجد سوى بضعة روايات صحفيه تقع ضمن دائرة التأويل الشخصي اكثر من كونها نقلا رسميا من وثائق مكتومة او معلنه أو عن مسؤولين أمريكيين باعتبارهم المعنيون بالامر. ليس هناك ما يؤكد على وجود خطة او استراتيجية ناضجة وقابلة للتطبيق وملزمة. الاصل في الصفقات أنها عملية تبادل رضائي علني بين طرفين متعادلين أو شبه متعادلين. بخلاف ذلك، يتحول الامر الى قرارات وإملاءات فوقية واجبة التنفيذ بين طرف متجبر وطرف مهشم الجناحين والاظافر والاسنان. وقد خلصت الى أن ما يُسمى "بصفقة القرن " لا وجود لها ولا معالم لها وبالتالي فإن تخويف الناس منها أو تأميلهم بحدثوها من قبل تجار الازمات والاحداث أمر غير جائزٍ لتأثيره السلبي على الاقتصاد والسياسة والاجتماع. إنها مجرد فزوره او مزاعم منجمين حولها البعض الى مسلسل رمضاني معطل لصلاة التراويح مما يطيح بحسنات صيام يوم قائظ. وعلينا أن لا ننسى " كذب المنجمون ولو صدقوا".
لقد تعرف الفلسطينيون ومن بعدهم اشقائهم العرب على دبلوماسية المبعوثين والممثلين الشخصيين للقادة السياسيين والزيارات المكوكية والكتب البيضاء والسوداء من عشرينات القرن الماضي. وهذا ما يفعله كوشينر الان مثله في ذلك مثل كيري وروجرز وكيسنجر. الطروحات الموجودة على الانترنت "وهي غير رسمية" تشير الى حدوث مشاورات مع مصر، تستهدف استقبال استثمارات ومشاريع مصممة امريكيا، ممولة خليجيا تُنشا في شمال سيناء على واجهة البحر المتوسط تستقطب فلسطيني غزة للعمل فيها ثم تستدرجهم بمرور الزمن للتوطن بحيث يتم تفريغ قطاع غزة رضائيا إغرائيا من التكدس البشري المقلق إنسانيا وسياسيا وعسكريا. انها بمثابة عملية شفط للدهون وإزاحة للترهل السياسي والاقتصادي الذي إصطنعه قادة حماس منذ عقود فأحال حياة الناس الى جحيم حقيقي لاقناعهم بان ليس هناك ما يخسرونه، ولذلك يتم التضحية بهم وبممتلكاتهم باستمرار في معارك انتحارية خاوية الهدف والنتيجة دون وازع من ضمير او شعور انساني او وطني وفي تلك الاثناء يعيش قادة حماس وقادة فتح عيشة الاباطرة. رغم ان اولئك القادة يعلمون علم اليقين انه من غير الممكن استرداد متر من فلسطين ولا حتى تعثير خطوات ابتلاع بقيتهأ هذا كانوا معنيين بالتحرير اصلا. إن لعبة القط والثعبان التي تلعبها حماس واسرائيل هي مجرد قنابل دخانية تغطي التقدم الاسرائيلي من جهة، والانسحابات الحمساوية الفتحاوية من جهة اخرى.
الجزء الثاني من الرواية يتنبأ أو يتمنى أو يتخوف من إعادة الدور الاداري والامني للحكومة الاردنية على أجزاء من جسد الضفة الغربية الذي خردقته إتفاقية اوسلو التصفوية التي كانت استكمالا وشرعنة لوعد بلفور، هذا في حال تخوف قادة السلطة من التوقيع على معاملة حصر الارث، أي معاملة الاقرار بالامر الواقع الذي تعايشه وتشارك فيه منذ مجيئها من تونس. والامر لا يختلف عن اعطاء الوصاية للاردن على القدس، وقد اثبتت الاحداث أن الاردن عاجز عن القيام بهذا الدور مثله مثل أي دولة عربية او اسلامية وحتى لو اجتمعت هذه الدول. الهدف كالعادة هو تعرية الاردن وتحميله وزر الوهن العربي، ومن ناحيتنا نطيش على شبر مي ونقبل ادوارا مزيفه مصدقين العرب الذي اشتهروا تاريخيا بالخبث بين بعضهم البعض والخبل تجاه الغير.
خلاصة القول، والحقيقة التي لا مراء فيها، والتي لا يحب الكثيرون ان يتذكروها أو أن يُذكروا بها، أن صفقة القرن قد تمت بكافة تفاصيلها ومراحلها قبل اصدار وعد بلفور. وكان وعد بلفور مجرد العنوان فقط على بوابة من الخيش. لقد نُظمت المنطقة المحررة من الاستعمار العثماني الهمجي الذي لا يختلف بنتائجه عن اجتياح هولاكو، بإرادة وهندسة القوى المنتصرة في الحرب العالمية الاولى قبل تاريخ اعلان انتهاء الحرب المتوقعة النتائج. من المهم أن يعرف الجميع أن تقاسُم المنطقة العربية بين الدول المنتصرة في الحرب لم يكن لاسباب دينية كما يحلو للبعض أن يروج. إنها الحتمية الازلية لنهاية الصراعات المسلحة. الا يقول الله في القران " إن الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة" كلمة دخلوا تعني اذا انتصروا. لقد قسم الحلفاء المانيا ولا زالت جيوشهم فيها مع ان شعبها مسيحي مثلهم، كما لا زال الجيش الامريكي يحتل اليابان. ولا زالت جزر يابانية تحتلها روسيا.وهناك نزاعات على الحدود والاراضي بين الصين والهند. ولم تتردد الدول المنتصرة من نزع كافة مستعمرات ايطاليا منها بعد خسارتها الحرب لتغنمها الدول المنتصرة ولم يبق لروسيا من الاتحاد السوفيتي بعد انهياره الا ما يشبه ما بقي لفرعون بعد غرق جيشه " اليوم ننجيك ببدنك لتكون للناس آيه". وهذا تماما ما فعله العرب الذين أدخلوا تحت سيطرتهم كافة البلدان التي انتصروا عليها في القتال وأفنوا أنظمتها السياسية ولغاتها وثقافاتها الى جانب إفناء اديانها. ولذلك فان من غير الغريب ان تتصرف اسرائيل تصرف الدول المنتصرة فتحتفظ بما احتلته بحروبها مع العرب ابتداءا من فلسطين كلها والجولان وسيناء واي اراض اخرى يمكن ان تطأها بساطير عساكر الجيش الاسرائيلي. اي ان اسرائيل تحتل الاراضي التي تحتلها لسببين مقنعين عالميا. الاول أنها غنيمة المنتصر التي لا تستطيع ان تنكرها عليها روسيا ولا الدول الاوروبية لانها مارستها، والسبب الثاني هو السبب الاسطوري الديني. وهذا السبب يدافع عنه اكثر من ملياري مسيحي في العالم الغربي باعتباره واجبا دينيا وشرطا مسبقا لعودة المسيح المنتظر. انني أُسمي الاشياء باسمائها فقط ولا أعطي أعذارا لانني لا املك سلطة المنع ولا سلطة المنح. وأنا مجرد فرد من أمة أبتليت بالخسران الحضاري والعسكري والسياسي بل وخسران الهوية منذ مئات السنين. مضت لم نربح خلالها الا بطولات القصص والروايات التي تتلى في سهرات البيادر تحت ضوء القمر أو حول جورة النيران في الشتاءات القاسية حيث تحتاج الاجساد المرتعشة الى دفء الحماسة العاطفية اكثر من حاجتها الى دفء النيران الهشة. لم يبق من الامة التي رددنا كثيرا انها خالدة، سوى جيفة ورائحة نتنة، كما اصبحت تصنفها الانوف والاذواق في كافة انحاء العالم. كلام مرير وقاس ومؤلم ولكنها الحقيقة. ولان الهنود الحمر كانوا كذلك فقد اصبحوا على ما اصبحوا عليه واصبحت امريكا على ما اصبحت عليه. وليس حال من بقي من الهنود الحمر احياء في امريكا الجنوبية وهم بعشرات الملايين افضل من الذين انقرضوا. السبب أنهم منقرضون حضاريا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :