facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سمعة و"طباخ الرئيس"


سميح المعايطة
20-05-2009 05:17 AM

قبل سنوات عرض الفنان الأردني، موسى حجازين، مسرحية سياسية حملت اسم "حاضر سيدي" وكانت فكرتها تقوم على شخصية رجل عجوز يذهب الى دائرة حكومية، ويتوهم البعض هناك انه الملك متنكرا في شخصية هذا الرجل.

كان ذلك في الفترة التي قام بها الملك بعدد من الزيارات الى مؤسسات حكومية متنكرا، وبعد سريان الاشاعة تعرض الرجل العجوز الى كل انواع الاحترام ورأى وجها آخر للمسؤولين وهو مستغرب لما يجري.

وفي الجوهر نفسه، قدم الاشقاء في مصر عملا فنيا حمل اسم طباخ الرئيس، حيث يقدم شخص الرئيس المصري وهو يحاول الاقتراب من الشارع، ويقرر يوما ان يذهب الى الاسواق ويتجول بلا حراسة، لكن من حوله ودون ان يعلم يعلنون للناس ان هناك كسوفا، ويكون حظر التجول، وعندما ينزل الرئيس الى الشارع لا يجد احدا لأن كل الشعب في البيوت إلا رجل واحد يعمل بائع وجبات على باص صغير. وتجري الأحداث ويتم تعيين هذا الشخص طباخا خاصا للرئيس, ويبدأ بايصال الصورة الحقيقية عن مشكلات الناس وهنا يقرر من حول الرئيس إبعاده.

الفكرة ليست جديدة لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتجول ليلا يبحث عن فهم لحقيقة ما يجري في المجتمع، والقصص هنا عديدة، مثل عثوره على الأم الفقيرة وأولادها وقصة خلط الماء باللبن التي درستها الأجيال في المناهج كلها كانت في جولاته الليلية ليدرك وضع رعيته.

دائما هنالك حول كل صاحب قرار من يحاول رسم صورة وردية، ودائما هنالك فئة من البطانة وهم في كل مؤسسة او جهة تمثل الدولة تحاول اخفاء الحقائق لأن إظهارها ادانة لهم، ودائما هنالك من يحاول أن يحجب المسؤول عن الناس وحصره في مساحة ضيقة من البشر يجب أن يسمع بآذانهم، وأن يرى بعيونهم، وأن يقرر ما يعتقدون أنه مصلحة عامة، وأحيانا تكون المصالح العامة التي يرسمونها لصاحب القرار هي مصالحهم, لهذا يرفعون قدر من يحبون ويدخلونه الى طبقات النفوذ ويخفضون قدر من لا يلبي مصالحهم وأهواءهم، ولهذا يصنعون في كل حين طبقة من اهل المسؤولية من اتباعهم ومواصفاتهم.

أسوأ دور لما يسمى بالبطانة ان تجعل صاحب الأمر في أي مسؤولية يغرق في أكوام من الاوراق هم يكتبونها، وأن يمارسوا صورة غير حقيقية لما يجري ويصنعون وهم الإنجاز بينما الامور بين الناس على النقيض، فيتحول هؤلاء الى عين الدولة وعقلها وآذانها، بل ومشاعرها. ومعيارهم ان يتعاظم نفوذهم وتزداد ثرواتهم وان يكونوا بوابة النفوذ التي يدخل منها شركاؤهم في التجارة او أقاربهم الى مواقع السلطة.

والأخطر أن يعمد هؤلاء، في أي دولة، إلى تفريغ عمليات التواصل التي يقوم بها اصحاب القرار من مضمونها، وتتحول إلى مناسبات بروتوكولية لا يستطيع المواطن أن يرفع صوته، ومن يتحدثون باسم الناس هم أيضا دخلوا من بوابة النفوذ، التي يقف هؤلاء على بابها، حتى لو كان هذا النفوذ للحظات وعبر كلمات بسيطة.

من يقفون على بوابة كل صاحب قرار هم البطانة، التي قد تتحول الى مصدر خطر على المسؤول، وربما تكون هذه البطانة مع الزمن عازلة للناس ومشاكلهم وحقيقة مشاعرهم. وفي النهاية تتحول البطانة الى سجن لصاحب القرار وسجان للناس, وشيئا فشيئا تنشأ الغربة بين الناس والمسؤول.

"المساحة البشرية" من المسؤولين التي تقف بين المسؤول والناس من اهم عوامل قوة الدولة. لهذا فكل حكم في العالم يجب ان لا يمنح لأحد ان يكون عينه وأذنه, بل ان تتعدد مصادر التواصل مع الناس، وأن يكون من يقف على باب المسؤول من الناس يعلم أن المصلحة العليا ألا تغيب صغيرة عن صاحب القرار، حتى لو كانت على حساب تحالفات الكبار ومصالحهم، وإلا تحولت السلطة إلى خدمة لتحالفات الكبار ومصالحهم حتى لو كان الثمن غاليا، والتجارب كثيرة.

sameeh.almaitah@alghad.jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :