facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جذور هويتنا وانعكاسها على صفحة الإعلام


سامي الزبيدي
09-06-2009 04:01 PM

عمون - كتب سامي الزبيدي - في العشرية الملكية، للمملكة الرابعة والمتمثلة في عيد جلوس جلالة الملك عبد الله الثاني على العرش وبما تكرسه هذه المناسبة من معان تاريخية في المقدمة منها أن الأردن أضحى حقيقة تاريخية ناجزة وعصية على الإلغاء، في هذه المناسبة يمكن إلقاء نظرة فاحصة إلى الوراء لنتعرف على عظم المفازة التي قطعتها الدولة الأردنية بقيادة هاشمية تواصلت وتناقلت المٌلك جيلا فجيل عبر أربعة ملوك على مدى قرن من الزمان إلا قليلا.

في هذه الأجواء تبرز في الوجدان أسئلة عن الوجهة التي نتجه إليها وما هو المستقبل المنتظر لدولة تقبع في عين العاصفة وفي إقليم لم تهدأ حواف خرائطه حتى اللحظة تلك الأسئلة تتصل حكما بالهوية وبمكوناتها وبأشكال التعبير عنها.

ولان لا إجابة قريبة من الصحة ما تكن ردا على سؤال صحيح فأنني اجتهد في صياغة الأسئلة بما يفضي إلى إجابات واضحة.

- ما هي مكونات الهوية الوطنية الأردنية وكيف يجري تعريفها وما هي أشكال التعبير عنها؟
وكمحصلة للإجابة المحتملة على هذا السؤال يمكن استنتاج انعكاس الهوية الوطنية الأردنية في الإعلام.

في سياق الحديث عن الهوية الوطنية الأردنية نجد أننا نقف وقوفا إجباريا أمام عوامل سياسية أساسية كان من شأن تظافرها في سياق متلازم أن تشكّل عامل صهر للهوية الوطنية وإكسابها مضامينها المعروفة الآن.

في مرحلة التأسيس تقاطعت ثلاثة عوامل استراتيجية في لحظة تاريخية محددة لتكّون ، عبر تفاعلها، ما أصبح يعرف على مدى 88 عاما الدولة الأردنية الحديثة.

أولا : مؤتمر أم قيس، حيث حددت العائلات والعشائر القاطنة جنوب بلاد الشام في مؤتمر وطني عرف بمؤتمر أم قيس في 13 أيلول عام 1920 عدة مطالب كانت محصلتها تبلور الإرادة الشعبية القائمة على ضرورة الاستقلال الناجز بقيادة أمير عربي رافضة الضم أو الإلحاق بأية كيانات مجاورة وهذا كان أول تعبير عن النزعة الاستقلالية لدى شعب شرقي الأردن.

ثانيا: مشروع الملك عبد الله بن الحسين وهو مشروع عروبي لتأسيس كيان سياسي يكون منطلقا لتحقيق أهداف ومبادئ الثورة العربية الكبرى التواقة لتوحيد بلاد الشام وارض الرافدين فكان من ثمار ذلك تأسيس إمارة أردنية عربية بقيادة هاشمية لتكون نواة لوحدة اشمل.
ثالثا: أهداف الطرف الدولي المهيمن ( الكولونيالية البريطانية) الذي لم يمنع تأسيس كيان سياسي شرقي نهر الأردن كتعويض عن الخذلان الذي مارسته لندن بحق قائد الثورة العربية الشريف الحسين بن علي بالإضافة إلى أهداف جيواستراتيجية أخرى.

ثمة طروحات تبالغ في تعظيم العامل الذاتي في تبلور الهوية الوطنية استنادا إلى اعتبار أن مؤتمر أم قيس كان عاملا وحيدا في التأسيس وهذا الاتجاه ينفي عن عمد العامل الدولي وكذلك ينفي الدور المحوري لقيادة الثورة العربية الكبرى في تأسيس الدولة.

في المقابل ثمة تيار يعظم من دور العامل الكولونيالي على حساب العوامل الأخرى فيلغي بجرة قلم أماني ونضالات أعضاء مؤتمر أم قيس بهدف تسليط الضوء على العامل الكولونيالي في تأسيس الدولة ساعيا إلى أن يلحق المشروع العروبي برغبات الدوائر الغربية .

هذا التيار نشأ على ضفاف الايدولوجيا القومية الثورية التي اتسع نطاق تأثيرها في الخمسينات من القرن الماضي واستمرت في عقد الستينات وتبنت أدبياته ( م ت ف) في سياق تحالفها مع العسكريتاريا العربية التي قفزت إلى السلطة وما استتبع ذلك التحالف من معاداة واضحة للأردن كيانا وشعبا حيث يرى هذا التيار أن تشكل الهوية الأردنية كان وطيد الصلة بالوجود البريطاني، وهو قول تلفيقي يستند إلى نظرية المؤامرة فيقلل من الأهمية التاريخية للمشروع الهاشمي الوحدوي كما يغفل الأبعاد المحلية المتمثلة بالخيارات الشعبية لسكان شرقي الأردن التي تبلورت في المؤتمرات الوطنية المتتالية وبالتالي يعظم من دور العامل الخارجي على حساب العاملين الآخرين ، هذه الرؤية قاصرة وساذجة تبقى مستلبة للنظرة الكولونيالية بحيث تغدو شكلا من أشكال الاستشراق معكوسا.

لقد انعكست عوامل التأسيس الثلاثة في الخطاب الإعلامي بصورة أو بأخرى وبدرجات متفاوتة، ففي حين كان المشروع السياسي الهاشمي واضح بشدة في الخطاب الإعلامي للدولة الأردنية والقائم على الاستقرار والتطوير المتدرج كان التيار الذي يعظم من أهمية دور العامل الكولونيالي يرسم للدولة الأردنية صورة إعلامية مغرقة في الظلم والاتهامية وهي دعاية علنية خارج حدود المملكة وسرية داخل الحدودها ( المنظمات المنبثقة عن منظمة التحرير) ،.. هذه الصورة جرى تنميطها في أدبيات الإعلام العربي عبر أقلام يحمل بعض أصحابها الجنسية الأردنية.

في هذا المشهد الذي تنازعته رؤيتين متناقضتين واحدة تتحدث باسم الحكم وأخرى رافضة لمشروعية الدولة غاب انعكاس العامل الشعبي بصورة ملحوظة في تنويعات الخطاب الإعلامي.

لقد شرعت الدولة مبكرا في عملية صهر مجتمعي معقدة حيث قامت ببدونة المجتمع قيميا وتحضير للبداوة معيشيا بهدف إعادة إنتاج نخبة سياسية أردنية بهوية وطنية واضحة المعالم ، بعد أن كانت الدولة تعتمد فيما مضى على طبقة سياسية عابرة للحدود ، عملية الصهر هذه كانت الاعمق والأكثر تأثيرا في الصورة النمطية للدولة، في حين كان تنامي هوية "أردنية" خدميا و"فلسطينية" وطنيا في صفوف اللاجئين تضغط بشدة على لأخذ اعتراف بها كمكون في سياق تركيبة الدولة.

في كل منعطف أو تحد وجودي للدولة ( في الغالب يتبلور على ضفاف الموضوع الفلسطيني) كانت الدولة تعيد تأهيل الهوية الوطنية وتعيد كذلك رسمها في الإعلام بما يكفل تجديد روح الاستمرار للدولة ويضفي عليها الديمومة، وكانت المؤسسة العسكرية هي المكان الأول لإعادة الروح للهوية الوطنية بوصفها المؤسسة الأغلى والأقرب إلى وجدان الأردني بل والمساهم الأساس في صياغة هذا الوجدان.

لم يكن الإعلام في الواقع سوى المرآة التي تعكس القوى المكونة للهوية الوطنية ولان الإعلام الأردني كان تحت الهيمنة الكاملة للدولة فقد تبلورت قواعد ضمنية وأيضا قانونية لا تسمح بتعدد القراءات في القضايا الاستراتيجية ومنها بطبيعة الحال موضوع الهوية خصوصا وان هناك خطابا اخر يحاول تقويض الخطاب الرسمي لمصلحة قوى نقيضة للدولة،في ظل ذلك كله وضعت العراقيل أمام "الهوية الأردنية الخالصة" ومنعتا من التبلور باعتبارها نقيضا لـ"الوحدة الوطنية" وهذه الأخيرة وصفة جاهزة للتوطين في إطار السباق المحموم على موضعة هوية اللاجئ (الأردني في القانون المحلي والفلسطيني في القانون الدولي) كمكون أساس نمت سجالية مرهقة تمفصلت حول سؤالين من هو الأردني ومن هو الفلسطيني في الأردن .

مع بدء العشرية الثانية للمملكة الرابعة وبالنظر إلى الروح العصرية التي يتحلى بها الملك عبد الله الثاني فإننا أمام تحد ذاتي يتمثل في كيفية ولوج القرن الحادي والعشرين بثبات وإصرار ، وفي سياق هذه التحديات نحتاج إلى التأسيس لشراكة وطنية حقيقية يكون فيها الإعلام على قدم المساواة مع السلطات الدستورية لان ذلك من شانه بالفعل لا بالقول خلق الأرضية لإعلام دولة قادر على صيانة وتعزيز هوية وطنية أردنية عصرية تتسق مع متطلبات الحداثة والعصرنة وبذات الوقت لا بد من إعادة تعريف اللاجئ بما يسمح له بالحفاظ على هويته الفلسطينية ويحفظ كرامته في مجتمعه المؤقت إلى أن يجري حل قضيته حلا عادلا يعيد له حقوقه التاريخية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :