facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اغتراب أمّ .. هدى محمد الرواشده*


08-07-2009 02:22 PM

حين يموت لنا عزيز ما ، فإنّ هول المصيبة تحد من شدة وطئتها أيّام العزاء ، ننشغل بالمعزين ، وقد نصاب بنوبة ضحك هستيري ، وهكذا شُغِلْتُ باكتشاف مكاني الجديد ، وكأني ولدتُ لا أعرف من هما أبواي ، أمرّ في فترة صمت كأيّ طفل رضيع ، استكشف المكان بتفاصيله فأكتسبُ ما أحتاجه بالتودّد ممّن حولي ، أتعلّم الحبو فأمشي ، أناغي فينطلقُ لساني، أغدو كيانا على أرض ألقاني عليها للتو رحمُ طائرة تزوّدت بما يكفيها من وقود ، ثمّ مضتْ في وجهتها لتلقي ربّما بأجنة غيري في أماكن أخرى .

لم يبدُ المكان موحشا كما توقعته ، و لم ينتابني كثير إحساس بغرابة ، فبدا المكان حنونا بعض الشيء ، كيف لا!ّ فلساننا واحد ونبيّنا واحد ، وان اختلفنا يوما !

لكنّ هذا لم يمنع من أن يختلجني الشوق و الحنين لأهلي ولوطني الأمّ و يتمادى الشوق ، فيفتك بي فتكا ، يطرحني مكتئبة ، فلا أملك إلا أن أجلس القرفصاء في إحدى زوايا غرفتي ، وقد أحشرُ نفسي بين جدار وأنبوبة غاز ، أمرّ في صمت مطبق لأكثر من ساعة ، أهملُ نظافتي الشخصية فتفوح رائحة العفونة منّي ، أستاء لدرجة الاشمئزاز إذا طرق أحد ما بابي بحجة الاطمئنان على صحتي ، رنين هاتفي أخاله سمّا ينسكبُ في أذنيّ ، أن أجمِّد جل اهتماماتي ، أدعُ غيري يتقاسم مصدر رزقي ، أجعُ من مكاني سجن أنا فيه السجين والسجّان، لا تقتحمُ مسمعي إلاّ دويّ الطائرات يزلزلني وهي تدخل وتغادر ، فما من طائرة كانتْ تمرُّ إلاّ و فطر قلبي دويُّها ، قد تكون إمّا قادمة أو مغادرة نحو وطني ، أو ربّما إخترقتْ مجالَه الجويّ فَعَلِق عليها شيء من غباره ، فأهرع نحو الشرفة ، أنادي بأعلى صوتي لكنّ صداه يخذلني .

أرغمُ جسدي المتثاقل بالتحرك نحو العمل ، مظهرة التعافي والنشاط ، ترسمُ شفتاي المتيبستين ابتسامة بطرفة عين ، تحتاج دهرا كاملا لتتشكل ، فتتشققان و تتشقق معها وجنتاي. أفتحُ كتابا وألقي برأسي داخله لأخفي كآبتي المحرمة ، فتقتحم صورة ابنتي الموضوعة سهوا بصري ، تهوي دموعي شلاَلا ماء فتتحلّلُ ألوانَها بعد أن تكون قد حرّقتْ وجنتي ، و تشكّل لهما مجريان خاصان كلما تكرّر الموقف . فأجد نفسي طريحة فراش أحد أسرّة المستشفى مستسلمة لحقنة مهدئة ومحلول تغذية .....

أن ينال مني صراعا الشوق و التمسك بمصدر رزق يوفّر لي مأوى دون أن أكلف نفسي وأهلي العناء ، فأختصر سنوات الشقاء . أنْ لا يسمح لي بإطفاء نيران أشواقي إلا بورقة صغيرة تحتاج إلى ظرف قاهر لأحصل عليها ، فتوسوس لي نفسي بأفكار شيطانية كأن أهِمُّ بإلقاء نفسي أمام إحدى السيارات ، أو أتدحرج من أعلى سلالم أحد المجمًعات ، فأصاب إصابة غير بالغة ، تمنحني شرعيّة التحليق نحو مطفأة أشواقي...............


hudaraw@yahoo.com
عضو ملتقى الكرك التقافي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :