facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




احداث في الذاكرة


طاهر العدوان
23-07-2009 07:58 PM

عندما وصلت الى القاهرة في اذار 1975 للاقامة فيها كانت ارصفتها مزدحمة بالصحف والكتب والمذكرات التي تخصصت في انتقاد حكم جمال عبدالناصر قائد ثورة يوليو/تموز عام 1952 .

من كبار المثقفين الى سائقي التاكسي كان (ناصر وعائلته), قصة للتداول, توفيق الحكيم, اديب مصر الكبير كتب »عودة الوعي« الذي تضمن اعنف هجوم على مصر الناصرية, حتى انه وصف السد العالي الذي بني في عهد عبدالناصر بانه كارثة لانه حرم الدلتا من الطمي والخصوبة.

حتى فتحية زوجة ناصر, وضعت في دائرة الاتهام وكتبت الصحف ان لها حسابا سريا في سويسرا, وبعد اخذ ورد استقر الامر بخبر صغير, بانها لا تملك سوى راتب التقاعد الذي تركه لها عبدالناصر والبالغ 400 جنيه.

جيش من الاعلاميين والصحافيين قادوا (الانقلاب) على الناصرية بشرعية انتصار حرب اكتوبر, الذي تحقق في عهد خليفته السادات الذي وُصف بـ (بطل العبور) وفيما بعد اضيفت اليه صفة (بطل السلام). كبار الصحافيين من امثال موسى صبري ومصطفى أمين وفكري اباظة وانيس منصور وآخرين ساهموا في الايحاء بان مصر الجديدة, مصر السادات هي دولة العلم والايمان التي لا يمكن ان تنهض الا على انقاض الناصرية.

شخص مثلي ينتمي الى جيل القومية العربية الذي تطلع دائما الى مصر 23يوليو بقيادة عبدالناصر, لا بد وان يشعر بالصدمة مما يقرأ ويسمع حتى وجدت نفسي في ارض الكنانة »غريب الوجه واللسان«.

بعد اقل من عامين في 17 و 18 كانون الثاني عام 1977 تغير المشهد برمته بتأثير »تسونامي« شعبي لم أر له مثيلا. كان الوقت ظهرا عندما بدأت شوارع القاهرة والمدن المصرية الاخرى تشهد بداية احتجاجات شعبية على قرار السادات رفع اسعار البنزين ومواد اخرى.

في الرابعة من عصر ذلك اليوم, نزلت مع صديق لي الى شارع قصر النيل باتجاه ميدان طلعت حرب, واذا بالشوارع والميادين فارغة من البشر تماما, فيما المحلات التجارية مغلقة, فاتجهنا الى ميدان »باب اللوق« حيث محطة القطارات القادمة من حلوان واذا بنا امام مشهد يتدفق فيه عشرات الآلاف من العمال خارجين من المحطة باتجاه ميدان التحرير في وسط القاهرة وهم يهتفون بصوت مزلزل »ناصر .. ناصر«.

ثم توجهنا الى ميدان التحرير القريب, وإذا بي امام مشهد لا يُنْسى, ومن على جسر المشاة الدائري في الميدان كان امامي بحر هائج متلاطم من الجماهير, كانت خوذات الجنود ورجال الامن وسطهم أشبه بفقاعات هنا وهناك. من كوبري قصر النيل الى مبنى الاهرام وشارع القصر العيني كانت الهتافات تدوّى »ناصر .. ناصر« (مات الوحش وخلف جحش).

لقد انتفض الشعب المصري بغضب هائل على الوعي الزائف, الذي اراد الانقلاب على كل قيم ثورة 23 يوليو. وابدت الجماهير درجة شديدة من الاخلاص لذكرى الزعيم الراحل.

وارجع بعض المحللين إقدام السادات بعد 8 أشهر من احداث يومي 17 و 18 على زيارة اسرائيل بانه رغبة منه في الانتقام. لانه في يومي الانتفاضة لم يجد مكانا يقيم فيه على كل ارض مصر, فلجأ الى معسكر للجيش غرب الهرم.

لم يتعظ السادات; وبدلا من ان يعتبر ذلك استفتاء ضد سياسته راح يصف ما حدث بانه (انتفاضة حرامية), لقد تباهى بقمع الانتفاضة وواصل معارضته العنيدة لمبادئ ثورة تموز ووجد في غضب الشعب مبررا لالقاء القبض على مئات من رموز السياسة والثقافة ورجال الصحافة والاحزاب المعارضة له. الى ان واجه مصيره المحتوم في حادث المنصة في السادس من تشرين اول عام .1981

لقد تعلمت من تلك التجربة التي شاهدتها بأم عيني, بأن ما يكتب في الصحف وما يقال في وسائل الاعلام وبين طبقات النخبة ليس بالضرورة معبرا عن المشاعر الحقيقية للشعب, فالمظاهر خادعة في التعامل البسيط بين الناس, وهي قد تكون خادعة اكثر فيما يتعلق بقياس رضا او غضب الشعوب, ومواقفها الحقيقية من السياسات.

أما الدرس الآخر, فهو رسوخ القناعة لديّ بان مصر هي مركز العالم العربي, وقوة التغيير, او سبب النكوص, وعند أعتابها تتجمد حركة التاريخ العربي او تتقدم.

taher.odwan@alarabalyawm.net

** الكاتب رئيس تحرير يومية العرب اليوم ..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :