facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مدى إلزامية عرض اتفاقية الغاز على مجلس الأمّة


سيف زياد الجنيدي
04-01-2019 08:24 PM

بعد غياب طويل أطلّت مجدّداً إشكالية التّوافق على مدى إلزامية عرض اتفاقية الغاز المبرمة من قبل الحكومة الأردنيّة وشركة إنوبل إنيرجي على مجلس الأمّة.

ما هو متّفق عليه إلى حدٍ ما في هذه المسألة، هو أنّ النّزاع الدّائر في هذا المقام يعتبر نزاعاً قانونيّاً بين سلطتين دستوريّتين، لذا فمن الواجب حل النّزاع من خلال الاحتكام إلى الدستور الذي يتربّع على قمة الهرم التشريعيّ في الدولة لاستوحاء نصوصه وارتكازها على مبادئ ساميّة تشّكلت عبر قرونٍ من الزّمن.

على الصّعيد ذاته يجسّد الدستور مفهوم دولة الحق الذي يعتبر مبدأي سيادة الأمّة والفصل بين السّلطات أبرز مقوماته ودعائمه، حيث يكفل المبدأ الأول علويّة إرادة المواطنين، وفي الوقت ذاته يعتبر المبدأ الآخر ضمانةً لخضوع السّلطات العامّة للقانون، تبعاً لما يفرضه من ضماناتٍ قانونيّةٍ تكفل توزيع الاختصاصات، وتحقيق الرّقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة، وكفالة استقلالية القضاء، وإرساء دعائم الديموقراطيّة.

عودةً على ذي بدء، علّقت المادة (33/2) من الدستور نفاذ المعاهدات والاتفاقات الدوليّة التي يترتّب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النّفقات أو مساساً بحقوق الأردنيّين العامّة أو الخاصّة على موافقة مجلس الأمّة، ويتمثل أسلوب الموافقة هذا بإقرار مشروع قانون (تشريع برلمانيّ) تعارف عليه بقانون التّصديق على المعاهدات أو الاتفاقيات الدوليّة يتضمّن الموافقة على المعاهدة أو الاتفاقية لتكتسي بموجبه المشروعية والنّفاذ القانونيّ وإلزامية التنّفيذ.
على الرّغم من وضوح إرادة المشرّع الدستوريّ في هذا الصدّد لم يقف الأمر دستوريّاً عند هذا الحد، بل إنّ المجلس العالي لتفسير الدستور والذي تتمتّع قراراته بقيمة دستوريّة ملزمة قد ذهب بعيداً في عام 1962م حيال تفسيره إرادة المشرّع الكامنة في النّص المشار إليه بحرمانه مجلس الأمّة من صلاحيته الدستوريّة في نظر الاتفاقيات الدوليّة إذا كان طرف الاتفاق الآخر هو شخص معنويّ أو طبيعيّ كالشّركات أو البنوك، حيث جاء في متن قراره رقم (1) لسنة 1962م :(إنّ الاتفاقات الماليّة التي تبرمها الدولة مع أيّ شخصٍ طبيعيّ أو معنويّ كالبنوك والشّركات مثلاً فهي غير مشمولة بحكم هذه المادة ولا يحتاج نفاذها إلى موافقة مجلس الأمّة ولو كانت هذه الاتفاقات تحمّل الخزانة شيئاً من النّفقات...).

اتّجه المجلس العاليّ بموجب قراره هذا نحو تضييق نطاق صلاحيتي البرلمان التشريعيّة والرقابيّة، وذلك من خلال إخراج الاتفاقيات المُبرمة بين الحكومة والأشخاص الطبيعييّن والمعنويّين من نطاق الاتفاقيات اللازم لنفاذها موافقة مجلس الأمّة حتى وإن حمّلت خزانة الدولة شيئاً من النّفقات.

وبالتّالي إنّ الحكم الدستوريّ بموجب قرار المجلس العالي لتفسير الدستور بائنٌ في حالة اتفاقية الغاز هذه. أمّا الحلول الدستوريّة المطروحة حيال هذا القرار والتّخلص من إلزاميته التي ستترافق مع كل حالةٍ مماثلة، فتكمن في طرح مسألة تفسير نص المادة (33/2) من الدستور مجدّداً أمام المحكمة الدستوريّة بموجب قرار يتّخذه مجلس النّواب بالأغلبية، حتى يتسنى إعادة تفسير هذه الفقرة بشكلٍ يلتفت إلى أثر الشّركات متعدّدة الجنسية التي أضحت في أيامنا هذه أحد أشخاص القانون الدوليّ العام، بل وبإيمانٍ مطلق بأنّ الّتفسير الدستوريّ في ظل البيئة الديمقراطيّة ينبغي أن ينصب نحو تعزيز صلاحيات المجالس التشريعيّة لا خلاف ذلك.

خلاصة القول إنّ الدستور الأردنيّ لا يقتصر على (131) مادة وإنّما يُضاف لها العشرات من قرارات المجلس العالي لتفسير الدستور التي تتمتّع بقيمة الأعراف الدستوريّة المكمّلة، علاوةً على القرارات التفسيريّة الصّادرة عن المحكمة الدستوريّة، وبالتّالي لا يجوز قراءة مواد الدستور بمنأى عن هذه التفسيرات لتقرير الحكم الدستوريّ على الوقائع أو لحسم أي نزاعٍ دستوريّ.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :