facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




قراءة المجتمع قبل قراءة السياسة


د.باسم الطويسي
25-02-2019 12:43 AM

بقیت أولویات الأردنیین منذ عدة سنوات لم تتغیر، مما یفید ان الحیاة لم تتغیر كثیراً، وھو الأمر الذي ینعكس بشكل مباشر في نبض الناس الیومي وشؤون حیاتھم وتفاصیلھا الصغیرة، كما تؤكده استطلاعات الرأي المتكررة، وتدور تلك الأولویات حول مشكلتي الفقر والبطالـة، ومواجھـة الفساد المالي والإداري، ثم الطموح بإجراء إصلاحات سیاسیـة.

فالحلقـة الضائعـة في أدبیات الحكومات الأردنیة المتعاقبـة تتكرر في ضعف القراءة الاجتماعیـة للتحولات الاقتصادیـة التي لحقت بقطاعات واسعة وما تنطوي علیـھ من أرقام قد تبدو في الكثیر من الأحایین خادعـة، والمشكلـة الحقیقیـة تتأكد حینما تتحول إنجازات الإصلاح الاقتصادي والإداري الى مجرد ارقام ولا تصل الى الناس.

في احادیث الناس واقصد القواعد الاجتماعیة جرح یضرب عمیقا في الثقة العامة، فرغم ان السنوات الاربع الاخیرة على اقل تقدیر شھدت جھودا وطنیة مھمة في تطویر منظومة النزاھة الا ان الفساد الانطباعي ما یزال مھیمنا في ھواجس الناس، لم تستطع المؤسسة العامة ترشید وعقلنة المساءلة المجتمعیة وتنظیمھا، فالناس یتذمرون من الفساد على الفارغ والمملوء ولا یعملون اي شيء ذي جدوى في ھذا الشأن اي ان ثقافة المساءلة المجتمعیة تجدف عكس ما یخدم بناء قاعدة صلبة للمساءلة والنزاھة، ومع ھذا یبقى الناس ینتظرون حدثا ما، ما یعني ان الایمان بالانجازات الكبیرة ما یزال یداعب الخیال.

العمق الاجتماعي للاصلاح یتحقق حینما نخلق توازنا بین السیاسة الدنیا والسیاسة العلیا؛ اي اتساع القاعدة الاجتماعیة المؤمنة بالاصلاح والمعتقدة بالاعتماد على الذات اي التحول الانتاجي طریقا للحل واداة لتغیر نوعیة حیاة الأفراد والجماعات نحو الافضل؛ أي ان نبحث عن عمق الاصلاح في القواعد الاجتماعیة العریضة ولا نكتفي بادارة الصراعات الیومیة والتوافق بین النخب، بحیث یكون حضور المطالب الاصلاحیة لیس مجرد حضور وعمل نخبوي بل یذھب عمیقا في المجتمع والحیاة الیومیة وفي الثقافة الشعبیة، ویتجسد في المجتمع المدني الفاعل، فالعمق المجتمعي للاصلاح یعني التحول الكیفي العظیم الذي یجعل من الانقسامات الاجتماعیة الحادة حول الاولویات وفھم الادیان والثقافات الفرعیة والجھات والاصول والمنابت والفروع والعشائر والحارات والاندیة وغیرھا حالة من التنوع داخل الوحدة وبالتالي مصدرا للثراء وقوة المجتمع.

علینا ان ندیر عقارب التفكیر السیاسي نحو السیاسة المحلیة نحو دمج الناس في السیاسات العامة وتوسیع قاعدة الحوار حول الخیارات الاجتماعیة والاقتصادیة، ربما سنكتشف كما یحدث في اعرق الدیمقراطیات ان العمل الدیمقراطي الذي یقود الاصلاح وینعكس على حیاة الناس یحتاج ان تكون قاعات البرلمانات انعكاسا لما یدور في قاعات البلدیات والمجالس المحلیة ولیس العكس.

ما الذي یحتاجھ الناس في بلادنا ھذه الایام اكثر من إعادة بناء الأمل في مواجھة مشاعر الاحباط واللاجدوى والیأس من التغییر، فقد مرت سنة صعبة وقاسیة على مختلف الصعد، وقبلھا ایضا سنوات صعبة تصاعدت فیھا الأزمات وطحنت الظروف الاقتصادیة الصعبة الناس وخلقت التحولات السیاسیة والاجتماعیة المتلاحقة حالة من اللامبالاة والتطبیع مع الفشل والجرائم والرداءة. والاخطر الخوف من المستقبل، الخوف من القادم والمصیر، لكن الامل لیس مجرد نبت یخرج من العدم، بل یحتاج ازاحة في الواقع وعلى الاقل یحتاج افكارا جدیدة وكبیرة تعید بناء توقعات الناس وتجعلھم یتمسكون بقدرتھم على تجاوز ھذه الظروف.

الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :