facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




البني ( سائق باص عمان – السلط)


المهندس حسين منصور الحياري
11-03-2019 11:53 PM

قبل أيام قليلة انتقل إلى رحمة الله المرحوم سليم البني أحد أشهر سائقي باصات عمان - السلط ,عمل رحمه الله لسنوات طويلة زادت عن الخمسين سائقا لباص عمان السلط, وكان رجلاً بشوشاً , طيب الأخلاق , سمح المعاملة , واسع الصدر , عرف ذلك عنه كل من تعامل معه , وأكاد أجزم أن كل الموظفين والجنود والمعلمين والطلاب والفلاحين الذين كانوا يذهبون يومياً إلى عملهم في عمان أو في طريقها كطلاب الجامعة الأردنية, ويعودون في المساء إلى بيوتهم بالسلط , لا يكاد أحداً من كل هولاء لا يعرف أبو سمير البني رحمه الله .

وكان الطلاب من أبناء الفلاحين الذين يقضي أهلهم فصل الصيف وجزءاً من فصل الخريف في أماكن فلاحتهم على طريق السلط –عمان في السرو, والشفا وأبو طاره , كان هؤلاء الطلاب يأتون بالباصات إلى المدارس في السلط , ويعرفون أبو سمير معرفة جيدة فكم من طالب ركب معه ببلاش لأنه لا يملك النقود , وكان أبو سمير حريصاً على أن يصلوا إلى مدارسهم دون تأخير لذلك ما كان يلقي بالاً إن كان الطالب معه نقود أم لا ,ولهذا أحبه الجميع لحسن تعامله ومحبته لهم وخاصة الفقراء و الطلاب ,وكم من طلاب المدارس روى لي أنه ركب مع البني عدة مرات بدون أن يدفع أجرة .

وأنا شخصياً لي معه قصة لطيفة ما زالت ماثلة في ذهني رغم طول السنين , ففي بداية العطلة الصيفية عام 1963, ذهب المرحوم جدي إلى الجبيهة من أجل ضمان مزرعة ,واصطحب معه المرحوم شقيقي الاكبر الدكتور حسن ورفض اصطحابنا أنا وابن عمتي( ابن عمتي أحمد السبع الدباس ) معه - كان عمري حينها عشر سنوات , وابن عمتي وشقيقي يكبراني بسنتين - , غضبنا كثيراً من جدي لعدم اصطحابنا معه , وقررنا اللحاق بهم إلى الجبيهة مشياً على الأقدام لأننا لا نملك النقود , وسرنا من السلط باتجاه عمان بضع ساعات ووتعدينا السرو, وكان الجو حاراً والوقت ظهيرة ووصلنا إلى بداية طلوع أم النعاج , فإذا بباص شركة المواصلات القادم من السلط يقف أمامنا بعدة أمتار وينزل السائق منه وينادي علينا ( تعالوا يا أولاد ,فجئنا إليه وقال أنا شفتكوا من الصبح وأنا ذاهب لعمان تمشوا وعدت إلى السلط وشفتكوا, وها أنا أعود إلى عمان وبعدكوا بتمشوا , أولاد مين أنتم ؟ فأخبرناه , فقال جدكوا الصبح طلع معي عالجبيهة ومعه ولد ,ويريد أن يذهب ليضمن مزرعة أبو حكمت كتوعة , اطلعوا على الباص وانا بدلكوا عليه ,فركبنا معه حتى وصلنا إلى منطقة مسجد الجامعه حالياً وقال لنا انزلوا هنا واذهبوا باتجاه الجبيهة واسالوا عن مزرعة كتوعة فهي معروفة , وفعلنا ما قاله لنا ووجدنا جدي وأخي الذين تفاجئوا بقدومنا رحمهما الله, وفي المساء عدنا معهم إلى بيتنا في السلط , لم يكن ذلك السائق الذي أدخل السرور إلى نفوسنا بكرمه ولطفه إلا ابو سمير البني الرجل الطيب الحنون العطوف ,المحب لمساعدة الناس وخاصة ذوي الحاجة منهم .

وبعد أسبوع تقريباً على هذه الحادثة عزبنا إلى المزرعة المذكورة بالجبيهة , وبنينا بسطة على الشارع العام مقابل مجدي مول حالياً , وكنت وابن عمتي من يبيع الفواكه من تفاح وعنب وإجاص وغيرها من ثمار المزرعة على هذه البسطة , وكنا نختار أفضلها ونضعه في كيس من الورق وإذا مر باص البني نؤشر له فيقف أمام بسطتنا فنعطيه له , فيسر كثيراً ويقول لنا ( شايفين هاي توصيلتكوا ما راحت ببلاش ) فيضحك ونضحك معه .

رحم الله الرجل الخلوق بشوش الوجه ولطيف المعشر وصاحب الجميل أبو سمير البني وجزاه خير الجزاء عن معروفه ,ورحم كافة السواقين الذين كانوا يعملون على باصات عمان السلط في فترة الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينات, العاملين على باصات عبد الحليم العلي الجزازي( شركة المواصلات ), أو باصات رجب الخشمان (شركة الاندلس ) ,وأذكر بعضا منهم : أبو سمير البني , وهاشم الدبعي ( أبو خالد) , وأبو سليم البيطار , ومحمد العايش البزبز( أبو غالب),وأبو معروف الخريسات , وأيوب حواتمه, ونجاح دلال , وغيرهم, الذين كانوا جزءاً أساسياً في حياة أهل السلط اليومية لعقود طويلة .

كانت أيام حلوة وجميلة وبسيطة مليئة بالمحبة والاحترام والمودة بين الناس, عاشها أهالي السلط رغم قساوة الحياة وضيق اليد وصعوبة الحال وقلة المال , فالناس كانوا يعرفون بعضهم بعضاً ويتعاونون فيما بينهم على أمور الدنيا بكل تفاني وحب وإخلاص .

أسال الله أن يرحم عبده سليم البني ( ابوسمير ),واتقدم بأحر العزاء إلى أبناءه وأحفاده وجميع أهله , وأساله أن يكونوا خير خلف لخير سلف ,وأن يجعلهم محبين للناس ومساعدين لهم كما كان أبو سميرعليه رحمة الله ورضوانه .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :