facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العبرة من دروس الحرية


د. عامر السبايلة
05-10-2009 06:42 PM

ان عملية بناء مجتمع حر مبني على أسس راسخة من التناغم و التفاهم, التعاطف و التراحم, الالتزام بالواجب و الاحساس بالمسؤولية, التقدير للقيم الانسانية و احترام التعددية, تمثل التحدي الأكبر لكثير من الشعوب و الأمم و خصوصاً بعد عصر التنوير و اعتبار أن هذه القيم و المفاهيم هي أساس البناء الحداثي للدولة.

و يعتبر الوصول بالمجتمع الى هذا الهدف هومعيار نجاح البناء الديمقراطي و القومي للدولة و يعتبر أوكسير الحياة الحقيقي للمجتمعات الساعية دوماً نحوالسمو و الرقي. و الحرية كما عبر عنها المفكر المصري خالد محمد خالد هي وحدها القادرة على تحريك الانسان لملاحقة التقدم ودفعه.
ان ما تعاني منه مجتمعاتنا اليوم من طغيان مشاعر الانسلاخ عن المحيط و الدلائل الواضحة لفشل عملية الاندماج و بناء الرابط القومي و الذي يهدف الى بناء العلاقة الراسخة بين الانسان و المكان الذي ينتمي اليه, و بذلك تتشكل الهوية القومية ذات المعالم الواضحة الغير قابلة للاهتزاز جراء الضغوطات المحيطة سواء كانت نابعة من الداخل أو قادمة من الخارج.

فالحرية شرط أساسي من شروط بناء الانتماء القومي و النجاح بخلق الروابط المتينة المتجذرة في الأرض. فمكان تغيب فيه الحرية يختفي به تلقائياً الرابط القومي بالرغم من وجود عوامل توحيدية كاللغة و الهوية و التي لا تعدو أن تبقى في جانبها النظري و بعيدةً كل البعد عن التطبيق العملي.

ان الحرية الأساسية و التي تعطي الفرد الحق في تحديد مستقبله و مكانته في المجتمع و معالم الحياة التي يرغب بها و ضمان حرية التعبير عن الرأي و الانخراط الايجابي في صنع القرار و قيادة عجلة التطوير و تقدير الأفكار و التجارب كلها أمور وجب على القوانيين صيانتها لأنها أساس بناء المواطنة الايجابية و الهوية القومية الراسخة.

ان النظرية تؤكد أن الحيث المستمر عن الحرية معناه غيابها على أرض الواقع كما يؤكد المفكر العربي الكبير عبدالله العروي بالقول: " كلما كثر الكلام عن الحرية في الفكر العربي ضاق هامش الحرية, فالحرية تتضخم في الفكر بعدما تضمر في الواقع". فمن هنا لن أطيل الحديث عن أهمية الحرية و لكني أتمنى أن يأخذ هذا الموضوع على محمل الجد و أن يعاد النظر في كثير من الممارسات الخاطئة و التي تمارس على أبنائنا منذ نعومة أظفارهم و حتى منذ المراحل التعليمية المبكرة الى حد الوصول الى كثير من القوانين المشرعة و التي في أغلبها لا تعدو أن تكون ارثاً عثمانياً بالياً لأسوء مراحل الانحطاط التي شهدتها الدول و التي تتنكر للقيمة الانسانية للانسان في أغلب ممارساتها و تطبيقاتها.

ان عملية نجاح الاندماج و خلق الانتماء و بناء الهوية لا يتم الا بحجر الزاوية الأساسي و هو الحرية, والا تبقى الأمور عرضة للاهتزازات المتكررة و تتشكل بذلك القناعة التشاؤمية باستحالة التغيير و تكون المعطيات سلبية و عكسية و هذا يتضح في كثير من الممارسات التي تطفو على السطح مؤخراً كالمشاجرات العنصرية في الملاعب أو تلك القبلية الفئوية في الجامعات.

ولا يزال السؤال الذي يدعو للحيرة يتمركز حول حقيقة برامج التطوير و الإصلاح و الممارسات على ارض الواقع حيث لا تعدو ان تخرج من قالبها النظري. فبعد أن أُثبت أن خير البشرية مصدره الحرية, تشهد الساحة الأردنية انفتاحاً ملحوظأ يطلق العنان لتحليلات شتى, فالتصريحات التي أُدلي بها, في وقت سابق, حول القيام بعملية الإصلاح السياسي و ضرورة الشروع به قبل أن يتم فرضه من قبل الديمقراطيين الذين وصلوا للحكم في البيت الأبيض. إلا أن الانفتاح الملحوظ الذي نشهده, و مخالفةً لما كان يجب أن يكون, تمثل بالدور المنوط بقوات الدرك و التي باتت صاحبت دور البطولة في أي مشهد سياسي على المسرح الأردني, فنحن نثمن و نقدر جهود قوات الدرك بحفظ الأمن و الاستقرار و نتمنى أن يُنأى بهذا الجهاز عن أي صورة قد تظهره بدور القامع للحريات, و ذلك حتى لا ترسم له صورة سلبية في عقول المواطنين بعيدةً عن النسيج الوطني الأردني أو يظهر بصورة حجر العثرة في وجه الإصلاح. و حيث أن منطقتنا اليوم تشهد واحدة من أخطر الحقب السياسية و التي قد تعيد هيكلة الشكل العام للمنطقة وجب علينا تعزيز الثقة في داخل البيت الأردني بحيث يكون الانفتاح و احترام الحريات الرد الرافض للتحليل الوحيد للاستخدام المفرط للقوة و الذي قد لايخرج من اطار العلاقة مع المستقبل القادم, و ان كثيراً مما يلوح بالأفق يحتاج الى منطق الفرض و بالتالي تكون سياسة الترويض هي الأمثل.

amersabaileh@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :