facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السياسة .. فالاقتصاد


المحامي عبد اللطيف العواملة
26-06-2019 09:13 AM

النقاش حول العدالة الضريبية يعيدنا الى تفكير اكثر شمولية في جوهر العمل الحكومي و اساسياته. فمنذ حوالي ثلاثة عقود و نحن نردد، و "بدون تردد"، ان تحدياتنا الاساسية هي اقتصادية و ليست سياسية بالأخص، و بالطبع ليست اجتماعية. اصبحت هذه "القاعدة" من المسلمات. ان ضبط المصطلحات و تصويب القواعد ضروري جدا من اجل وضع ايدينا على الحلول الحقيقية.

بداية، لا بد من توضيح مفهوم السياسة عندما نتحدث عن الدولة الحديثة. ليست السياسة في اصلها الجدل حول الاشخاص و التدخلات و الظروف الخارجية او المحاصصة المناطقية او العشائرية و ما شابهها من مواضيع على اهميتها. السياسية في العمل الحكومي هي مناظرة الافكار و الاطر المتعارضة و مقارنة الخيارات، من غير تشكيك في الوطنية او النزاهة، و ليست هي صراع الاشخاص خلف الكواليس او الخلافات الشخصية و الشللية في المجال العام. من هذا المنظور، فاننا اليوم في الاردن بحاجه الى سياسين و ليس لموظفين. الموظف البيروقراطي الممتهن مطلوب و لكنه يجب ان يعمل بتوجيه السياسي و هذا غائب.

لا يتميز العمل الحكومي بتبادل الافكار او مراجعة دقيقة للبرامج او تركيز على جوهر الامور. المعالجات عامة و تحديد جذور المشاكل لا يعتمد على العلم و الدراسات او مقارعة الحجة بالحجة بل فيه كثير من الشخصنة. تقول الحكمة ان الصغار يتحدثون عن الاشخاص و الكبار يتحدثون عن الافكار و الرؤى. في غياب النقاش العميق يتجه المواطن الى وسائط التواصل الاجتماعي و الاعلام البديل و يصبح اداة من ادوات الشائعات التي تؤدي الى العبث و العشوائية.

اين هي النقاشات البناءة في الفلسفة الضريبية؟ في استراتيجيات التعليم؟ في اولويات الرعاية الصحية و في الخدمات و المرافق العامة؟ في اداء البرلمان؟ في التوظيف و في اعداد القيادات الحكومية؟ كم من حكومة قدمت برامج متكاملة و تم الرد عليها ببرامج بديلة شاملة؟ هل تداولنا سياسات و سياسات بديلة و بشكل منهحي في اي من اولوياتنا الاقتصادية و الاجتماعية؟ هل ناقشنا مثلا و بشكل مفتوح و صريح مشاكلنا من بطالة و عنف مجتمعي متزايد في المستشفيات و المدارس و الطرقات، و حتى داخل الاسرة الواحدة؟ هل تبادلنا المقترحات في المواصلات العامة او الفساد او الفكر الارهابي؟ هل ناقشنا بانفتاح مواضيع العناية الجسدية و النفسية بكبار السن و المعاقين او المساواة و المواطنة الحقيقية او الطبقية الاقتصادية و انعكاساتها؟
ما هي علاقة الفقير بالغني، العامل بصاحب العمل، المستهلك بالمنتج، الطفل بالعائلة و المجتمع؟ هل تناظرنا في اولويات الانفاق العام و الرواتب و المزايا في الموسسات الحكومية و شبه الحكومية او الشركات الحكومية؟ هل نبني استراتيجياتنا على البحث العلمي الموضوعي؟

ان تحديد اجندات فلسفية و اخلاقية للعناصر الانفة الذكر هو السياسية بعينها و هذا ما نحتاجه. قبل اقرار توجهات اقتصادية و اجتماعية لها انعكاسات طويلة الامد، لا بد من مناقشة سياسية لافكار مختلفة و توجهات بديلة و عرضها على المجتمع ليتخذ القرارات الصعبة و يتحمل مسؤوليته في التعامل مع تبعاتها لا ان يتم اسقاطها عليه و كأنها حقائق مسلم بها. و هنا تكمن الخطورة، حيث ان لا احد مسؤول لان القرارات ليست مسؤولية عامة و على هذا الاساس يصبح الجميع متفرجا لا شريكا.

من دون سياسة يصبح معظمنا متفرجون و بعضنا مستفيدون و لكننا لسنا شركاء في الوطن متكافلون متضامنون كما يجب ان نكون. اذا لم نحل عقدة السياسة فلن تنفعنا الاستراتيجيات الحكومية الاقتصادية و الاجتماعية المختلفة بغض النظر عن مدى صحتها. الخيارات الاقتصادية و الاجتماعية الكبرى تبدأ بالسياسة، و من بعد ذلك تحتاج الى التطبيق البيروقراطي المهني الفعال.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :