facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اقتصاد "كل شيء"!


محمد عاكف الزعبي
08-07-2019 10:34 AM

لا تكاد تنظر الى تفاصيل الناتج المحلي الإجمالي في الأردن حتى تكتشف على الفور غياب مطبخ التخطيط الاقتصادي. فقد ظل الثبات، على مر السنوات، هو الصفة الغالبة التي لازمت نشاط الاقتصاد. الثبات لم يكن على صعيد الحجم، بل كان على صعيد الشكل. فتركيبة الاقتصاد؛ أي القطاعات المكونة له ومساهماتها في الناتج المحلي الإجمالي، ظلت عبر السنين ثابتة بدون أي تغيير يذكر.

ثبات الشكل له دلالة واحدة هي أن الاقتصاد لم يتطور، فلو تطور الاقتصاد لتغير شكله ولشاهدنا قطاعات تكبر وتنمو وهي القطاعات التي تتمتع بميزة تنافسية تمكنها من اختراق الأسواق التصديرية والمنافسة فيها، وقطاعات أخرى تضمحل وتأفل وهي تلك التي لا تملك مقومات البقاء.
عدم التطور هو انعكاس للسياسات الاقتصادية الرسمية، التي وقفت على مسافة واحدة من جميع القطاعات الاقتصادية، ولم تميز بين قطاع ناجح يستحق الدعم وآخر فاشل لا يستحقه. فالامتيازات والإعفاءات لم تكن يوما حكرا على قطاعات بعينها، بل كانت على الدوام شمولية الطابع.
والنتيجة كانت أن توزع الدعم (الإعفاءات والامتيازات) ولم يعد كافيا لتحقيق الانطلاقة المطلوبة في القطاعات الواعدة، في حين ظلت القطاعات الهشة على ما هي عليه من ضعف، تنتظر الإعانات الحكومية السنة تلو الأخرى طموحها أن تبقى على قيد الحياة.
لا يوجد في العالم دولة قادرة على دعم قطاعاتها الاقتصادية كافة. حتى أعظم دول العالم لا تستطيع ذلك، فتجدها تفاضل بينها، وتختار منها تلك التي تتمتع بميز تنافسية (مثل انخفاض كلف الإنتاج أو توافر الخبرات البشرية)، فتقدم لها الدعم حصرا دون غيرها، وتكرس جميع مواردها وتضع جميع إمكاناتها في خدمة تلك القطاعات، حتى تتمكن من المنافسة في الأسواق العالمية، فإذا انتعشت ونافست نهضت بالاقتصاد برمته.

تحقيق النمو الاقتصادي المنشود في الأردن، يتطلب بالضرورة السير في الطريق نفسه، والتخلي عن سياسات الاسترضاء الشمولية التي تقوم على مبدأ “خلي المركب ساير”، فلا يكفي أن يبقى المركب سائرا لخلق النمو المستدام والقادر على امتصاص الأعداد المتزايدة من المنضمين لسوق العمل، ولا بد من فرز القطاعات الاقتصادية وتحديد أيها الأجدر بالدعم، وذلك على أساس الميزة التنافسية وقصر الدعم عليها. وأما اذا كنا عاجزين عن ذلك لأسباب واعتبارات سياسية واجتماعية، فأضعف القول أن لا نتوقع من الاقتصاد الكثير.

هذه هي وصفة النمو المستدام، وهي المشترك في جميع النجاحات الاقتصادية على مستوى العالم. هكذا فعلت سنغافورة وكذلك ايرلندا واستونيا. أما الاستمرار في سياسات اقتصاد “كل شيء” فلن يجلب لنا الا خيبات الأمل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :