facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عيبا عدم الدستورية واستغلال السلطة بتعديلات الضمان


د. جهاد الجراح
31-08-2019 02:49 PM

تابعت كغيري ما اثير حول التعديلات التي ادخلها مجلس النواب على مشروع قانون الضمان الاجتماعي وما صاحبها من ردود من المهتمين بالشأن العام عموما والشأن القانوني على وجه الخصوص , ولما كنت قد كتبت مقالة مطولة بتاريخ 17 / 9 / 2014 في صحية الرأي الغرّاء حول قانون التقاعد للسلطة التشريعية وقتها ,حيث كان عنوان المقال : " تقاعد النواب والأعيان في الميزان " , حيث أعطت السلطة التشريعية لأعضائها وقتها حق الحصول على راتب تقاعدي لولا تدخل جلالة الملك وقتها وانتصاره للدستور وللمصلحة العامة .

وعليه وبمناسبة إصرار اصحاب السعادة النواب على توجيه ضربة مقفي من خلال طريق التفافي والحصول على تقاعد من خلال مؤسسة الضمان الاجتماعي هذه المرة , وكون بعض مضامين ذلك المقال ما زالت صالحة , فاسمحوا لي ان استعير بعضها في هذا المقام وأضيف على ذلك فيما يخص التعديلات مثار البحث أن مفهوم النيابة يعني أن يقوم النائب بعمله نيابة عن الأصيل ( الشعب ) في مباشرة سلطته وسيادته ولمصلحته وفي حدود هذه النيابة , ذلك أن الأمة هي مصدر هذه السلطة ( المادة 24 من الدستور ) , وإن أي عمل يقوم به النائب يجب أن تكون غايته مصلحة الأمة , والتي يعبر عنها أحيانا بالمصلحة العامة ,وهي ترتبط أيضا بمفهوم الدولة عموما , فهي تبرر نزع الملكية للصالح العام , ومن أجلها تكبل الحقوق والحريات , وباسمها تتعطل الدساتير , وباسمها يحكم القضاء حيث جعل التعسف باستعمال هذه السلطة مطعنا لإبطال أي تصرف لا يتغيّا المصلحة العامة أو ينحرف عن جادتها , وللتدليل على قدسيتها ذهب فقهاء القانون إلى أنه لكي نتعرف على أبعادها فإنه يجب علينا اختراق ضمير المشرع ووجدانه حينما يتصدى للتشريع , وكذا الأمر بالنسبة للقاضي حينما يعتلي منصة القضاء , فهي ترتبط بالضمير , وإن ثلمها يصيب الشرف الأخلاقي لمن وكل بها , ولذا قيل عنها أنها لا تعرَّف ولكنها تلاحظ فقط , وهي فكرة توأم مع العدالة والمساواة , فهي تأبى المحسوبية ,وهي لم تعد امتيازات لفئة على حساب أخرى , فالسلطة موجودة لا لتسود بل لتخدم , ولذا كانت المسؤولية صنو السلطة .

وبالبناء على ماسبق فإن النائب وهو يمارس سلطته عليه أن يتغيّا هذه المصلحة العامة , ولا يجوز له بحال وهو متدثر بهذه السلطة التي وجدت لأجل الشعب وحمايته بالأصل من عسف السلطة التنفيذية , أن يستغل هذا السلاح ليصبح سيفا للإستغلال والأنانية وجلب المصالح الضيقة , مما يجعل هذا القانون ليس فقط مشوبا بعيب انحراف السلطة التقليدي , بل عيب استغلالها , والفرق كبير بين الحالين .

وإن مما يرتبط بمفهوم المصلحة العامة مفهوم تضارب المصالح , والذي يعتبر وجه من أوجه الفساد , وإن الحد منه يعزز الديموقراطية ويعتبر انعكاسا جيدا للحكم الرشيد , ويندرج في إطار التدابير الوقائية للحد من الفساد , وعموما يرتبط بعملية التنمية بمختلف أوجهها , وإن مضمونه يعني إعلاء الشأن الخاص على المصلحة العامة , بتقديم العلاقات الذاتية والمصلحية على الاعتبارات الموضوعية , وإن أخطر انواع تضارب المصالح ذلك الذي يقوم على النفوذ والسلطة والمعرفة , فهي جريمة ضرر عام جرّمتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي صادقت عليها المملكة , حيث أوصت باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية وفقا للقوانين الداخلية لمنع تضارب المصالح , بل واعتبرت ليس فقط تضارب المصالح , وإنما مجرد الإحساس بذلك التضارب يضعف الثقة العامة , وبالبناء على هذا المفهوم فإن النائب لا يجوز أن يستغل سلطته ليشرع لنفسه بل ويقدم مصلحته الشخصية الضيقة على حساب مصلحة المجوع والتي أخذ منه الشعب قسما غليظا بأن يرعاها ويصونها ( المادة 80 من الدستور ) , مما يجعل هذه التعديلات المقترحة تشوب القانون المثار بعيب عدم الدستورية مرة أخرى .

وإن ما أثير من مبررات لتسويق التعديلات على هذا القانون وتضمينه امتيازات لشمول النواب بأحكامه بحجة الإشتراك الإختياري وأنه متاح للكافة من غير الخاضعين لأحكام قوانين التقاعد المدني والعسكري , فإننا نرى أن هذا الأمر لا يستقيم على ميزان العدل والتشريع لجملة من الأسباب منها :

أولا: إذا كان الأمر يتعلق بالإشتراك الإختياري للنائب كونه مواطنا يحق له الإشتراك كسائر المواطنين , فالسؤال غير البريء هنا,لماذا يلجأ النواب الى إقحام هذا الإشتراك في معرض التعديلات طالما هو متاح أصلا بموجب القانون الساري (المادة 7) .

ثانيا :صحيح إن الإشتراك الإختياري المقصود والوارد في المادة 7 من القانون الحالي يسمح لأي مواطن الإشتراك به , ولكن بشرط أن يتحمل المشترك النسبة المستحقة عليه وعلى رب العمل كاملة , وهنا بيت القصيد , إذ يبتغي النواب من هذا التعديل أن تتحمل الخزينة العامة من خلال موازنة مجلس الأمة هذه النسبة عنهم , وبالتالي يكون هناك نوعين من الإشتراك الإختياري : نوع للمواطن العادي البسيط يتحمل بموجبه الكلفة كاملة , ونوع آخر ( سوبر) لسعادة النائب تتحمل عنه الخزينة نسب الإشتراك !!! , وفي هذا اخلال بيِّن بقاعدة دستورية هامة وهي قاعدة المساواة في المراكز القانونية ( المادة 6 من الدستور ) , مما يجعل هذا القانون محلا لسهام الطعن بعدم الدستورية مرة أخرى .

ثالثا : إن الخاضعين لأحكام القانون الساري المفعول هم فئتان : اولاهما : فئة العمال وأصحاب العمل ( المادة 4 من القانون المذكور ) , وثانيهما : موظفي القطاع العام اللذين لا تنطبق عليهم أحكام قانون التقاعد المدني أو العسكري .

والنواب هم قطعا ليسوا عمالاً والسلطة التشريعية ليست صاحب عمل , كما أنهم ليسوا موظفين عموميين يتبعون السلطة التنفيذية , ولا هم عسكريون , وبالتالي هم خارج مظلة هذا القانون , وإن محاولة إدخالهم بهذا الشكل هو ليٌّ للنصوص والتفاف لا يجدي .

رابعا : إن القول بأن هناك فئة قليلة من أعضاء مجلس النواب هم فقط من يستفيدوا من هذا التعديل هو قول فيه تسطيح للمبادئ القانونية المستقرة ويجرح هذه المبادئ التي تقوم عليها القواعد القانونية عموما من حيث عموميتها وتجريدها , فالقاعدة القانونية لا تقاس بمدى سعة أو ضيق انطباقها بقدر ما تقاس بضرورة انطباقها بحيادية وموضوعية وخطابها للكافة , كما أن هذا التعديل سينسحب ليس فقط على أعضاء المجلس الحاليين , وإنما كل من يأتي لاحقا .

خامسا : إن خزينة مؤسسة الضمان هي ملك الأجيال ولا يجوز بحال أن تكون مثار صفقات سياسية – كما ذهب بعض المتحمسين لاعتبار إقرار هذا القانون هو بمثابة مصلحة وطنية وذلك لزيادة عدد المترشحين للإنتخابات !!!, وهنا نقول متى كانت الأعطيات والتنفيعات مصالح وطنية وبأي معيار !!!

سادسا : إن القول أن الكلفة التي ستتحملها الخزينة عن كل صاحب سعادة هي كلفة زهيدة تقدر بثلاثماية دينار شهريا , هو قول لا تقربوا الصلاة , من حيث أنه يبين كلفة الإشتراك دون أن يبين الكلف اللاحقة – وهي الأهم – والتي سيتحملها صندوق الأجيال حين إقرار رواتب التقاعد لأصحاب السعادة .

سابعا : إن من يتلقى الرواتب التقاعدية فإنه يتوجب عليه أن يدفع استحقاقاتها المالية مقدما , بينما المكافآت والمخصصات لا تدع عنها هذه الإستحقاقات , وإن القول بأنه يمكن أن تدفع هذه الإستحقاقات بأثر رجعي هو قول لا يجدي صاحبه , فلا يمكن لمراكز قانونية أن تتكون بأثر رجعي .

ثامنا : إن محاولة السادة النواب هذه , ما هي إلا التفاف غير محمود على محاولاتهم السابقة للحصول على تقاعد- وحيثما سنحت الفرصة للإنقضاض- وفي عقلهم الباطن رغبة المساواة مع الوزراء في التقاعد , مع الفارق الكبير في المراكز القانونية بينهما , فالوزير يعد جزءاً من السلطة التنفيذية وموظفا عاما , كما أنه يتلقى راتبا من الخزينة يتصف بالدورية والإنتظام والثبات , على عكس المخصصات والمكافآت , وهذه الشروط نفسها مطلوبة أيضا بموجب قانون الضمان للخضوع له .

تاسعا : حرم المشرع الدستوري الوزير أن يتقاضى أثناء وزارته راتبا من أية شركة أو أن يشترك في أي عمل تجاري أو مالي ( المادة 44 من الدستور ) , ومعنى هذا انقطاع صلته بأعماله السابقة منذ لحظة توليه الوزارة , لكن المشرع أجاز للنائب أن يستمر في ممارسة أعماله السابقة , وبالتالي إن كان مشتركا في الضمان فلا شيء يمنع من استمراره في هذا الإشتراك .

عاشرا : إن أخطر ما يجب التوقف عنده في هذه المحاولة ليس الكلف الإقتصادية - على أهميتها - , بقدر ما إن هذه المحاولة تهز الثقة بالمؤسسة التشريعية ومصداقيتها من قبل الناخب والتي يصعب جبرها لاحقا , والتي ستؤدي إلى عزوفه عن الإنتخاب - وليس تشجيعه كما قيل –وبدون هذه المشاركة لا تكتسب العملية السياسية شرعيتها ومصداقيتها , والمواطن العادي ليس هو المطالب وحده بمراعاة ظروف الوطن وشح موارده , كما أنه كيف لنا التوفيق بين رغبتنا بالحفاظ على موارد مؤسسة الأجيال برفع سن التقاعد المبكر تمهيدا لإلغائه وزيادة اشتراكات المؤمن عليهم من جهة , وتحميل الصندوق أعباء إضافية للأصحاب السعادة .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :