facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




منطق معاصر


د. صباح حراحشة
30-12-2019 04:25 PM

اعتمادا على تجربة كهف أفلاطون فإن كل الذين ينظرون للحائط ويجعلون مصدر الضوء خلفهم لن يبصروا سوى خيالات لأشياء لا يدركون ماهيتها تتراقص فوق الجدران التي أمامهم وبالتالي فإن كلا منهم سيفسر هذه الخيالات حسب قدراته لأنه لم يخرج من الكهف يوما ولم يتلمس هذه الأشياء ولم يختبرها حقا. ولكن هل كل من خرج من الكهف وتعرف على الأشياء عن قرب قادر على الحكم عليها ويدرك حقيقتها فعلا؟ وإذا كان كذلك فهل يملك الجرأة للدخول إلى الكهف مرة أخرى لنقل قناعاته الجديدة لمن اختاروا أن يبقوا هناك؟ وماذا عمن أدمن على الأوهام وآمن بها كحقائق وأراح نفسه من عناء المعرفة ومعاناة التفكير؟ بعد كل الجهد الذي بذله تلميذ أفلاطون النجيب أرسطو، المعلم الأول وواضع علم المنطق، توصل إلى نتيجة تتفق كثيرا مع ما توصل إليه استاذه فأقر بأن المعرفة سعادة والجهل تعاسة.

على خلاف أفلاطون وأرسطو توصل المتنبي لنتيجة مغايرة تماما عندما قال:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم

فأي القاعدتين تنطبق على عصرنا هذا؟ ربما أخالف أفلاطون وأرسطو وأتفق مع المتنبي في موضوع المعرفة خاصة في عصرنا هذا بعد أن سلبت من العلماء قوة التأثير وقوة التغيير وبعد أن أصبح المنطق الوحيد هو منطق النفوذ الذي يفرض نفسه إما بالمال أو الجاه أو السلطة بكافة أشكالها فأصبح العلم شقاءا فعلا لمن لا يملك القوة للاستفادة أو الإفادة منه بعد أن سلبت منه كل الأدوات لذلك؟

ولكن ألم تسقط الكثير من القوانين والقواعد أمام الواقع فعلا؟ فمثلا هل لا زالت القاعدة التي تقول أن الأشياء تكبر وتصبح أكثر وضوحا كلما اقتربنا منها تصلح لهذا الزمان؟ الم تصغر كثيرا من الأشياء بأعيننا بعد أن اقتربنا منها بل وأصبحت أكثر غموضا؟ وماذا عن قانون الجاذبية؟ ألا زالت الأشياء تسقط للأسفل بفعل الجاذبية أم أن كثيرا من الأشياء سقطت وتحطمت فقط لأنها فقدت جاذبيتها تماما فأصبحت لا تستحق البقاء؟

الكثير من المفاهيم أصبحت تستحق منا مراجعة وإعادة تقييم، فهل الوطن مثلا هو مجرد قطعة من الأرض ذات حدود وعلى بعض من فوقها واجب حصري بالدفاع عنها لمجرد أنه ولد فيها؟ ألا يحمل مفهوم الوطن معانٍ أخرى كثيرة تستحق من أجلها التضحية بالغالي والنفيس؟

وماذا عن الصراع المتنامي بين كثير من الشعائر والأخلاقيات ولمن ستكون الغلبة؟ ثم ماذا عن النفاق في المعتقدات فكثير من أتباع الإله الواحد خلقوا لأنفسهم آلهة بشرية لا حصر لها فعبدوها وقدسوها. نحن في زمان سقطت فيه حتى القوانين العلمية أمام الإدراك الفعلي فالكون لم يعد يتسع بلا توقف بل ضاق حتى أطبق على أنفاسنا، ولم يعد لكل فعل رد فعل فكثيرا من الأفعال تفرض نفسها دون أن تقابلها أية ردة فعل. كيف سقطت الفيزياء والكيمياء؟ كيف قتلت الفلسفة واختنقت العلوم؟

نحن بحاجة لإعادة تقييم الكثير من الأشياء التي غلفناها بحرص ورفعناها بعيدا عن متناول العقل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :