facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بعد وداع قائدها: سلطنة عُمان لا تنسى الماضي


علي أحمد الرحامنة
21-01-2020 12:33 PM

أيام قليلة مضت على وداع سلطنة عمان، وأصدقائها، للقائد المؤسس لنهضتها، ومسيرتها المعاصرة، المرحوم بإذن الله، السلطان قابوس بن سعيد، الذي قاد السلطنة طوال خمسين عاما مضت، منذ العام 1970، حتى وافته المنية يوم السبت، العاشر من كانون الثاني الحالي، عن عمر ناهز 79 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض. والسلطان الراحل من مواليد صلالة بمحافظة ظفار في 18 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1940، وهو سليل أسرة آل سعيد التي تحكم عمان منذ عام 1749، والحاكم الثامن منها. وكان السلطان قابوس قد التحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في بريطانيا وهو في العشرين من عمره. وتخرج منها بعد عامين برتبة ملازم، ثم خدم في ألمانيا ضمن فرقة عسكرية بريطانية لمدة عام. وقد قالت وكالة الأنباء العُمانية الرسمية إن وفاة السلطان جاءت "بعد نهضة شامخة أرساها خلال 50 عاما منذ أن تقلد زمام الحكم في 23 من شهر تموز/يوليو عام 1970، وبعد مسيرة حكيمة مظفرة حافلة بالعطاء شملت عُمان من أقصاها إلى أقصاها وطالت العالم العربي والإسلامي والدولي قاطبة وأسفرت عن سياسة متزنة وقف لها العالم أجمع إجلالا واحتراما".
أطلق السلطان الراحل فور توليه الحكم مرحلة من التحديث بدأت بتصدير النفط، وفتح عمان على العالم الخارجي بعد انغلاق طويل، وإطلاق عدد من الحريات، التي كانت، وحتى الأساسية منها، محظورة قبل عهده. كما باشرت السلطنة خطة إصلاح واسعة تضمنت بناء المدارس والمستشفيات والمرافق الأساسية الأخرى، بعدما كانت في السلطنة عند تولي الراحل السلطة ثلاث مدارس فقط، وبلغ مستوى الأمية عندها 66%، إلى جانب شيوع التخلف والفقر. وفي العام 1981، أسّس مجلس الشورى، وهو هيئة تمثيلية ذات مجلسَين أصبحت في العام 2003 مُنتخبة بالاقتراع العام، وفي العام 1996، طرح السلطان قابوس النظام الأساسي، الذي أصبح بحكم الأمر الواقع الدستور العماني. ومنذ توليه الحكم حتى وفاته، قفز الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان من 256 مليون دولار عام 1970 إلى نحو 80 مليار دولار هذا العام، رغم ارتفاع نسبة الديون الحكومية.
وتتعزز أهمية هذه الحقائق بالنظر إلى أن إيرادات النفط والغاز، على أهميتها الكبرى للاقتصاد العماني، إذ تشكل نحو 70% من إيرادات الحكومة، ولكنها لا تشكل نسبة "ساحقة" من الناتج المحلي الإجمالي، على عكس الحال في الدول النفطية العربي. كما إن من المتوقع أن ينضب الاحتياطي النفطي للسلطنة خلال نحو عشرين عاما. ولهذا السبب، ولأسباب مستقبلية استراتيجية، أطلقت السلطنة خطة 2016-2020 لتنويع مصادر الدخل، بهدف خفض الاعتماد على إيرادات النفط بمقدار النصف. ويساعد السلطنة في ذلك كونها تمتلك قطاعاً خاصاً في ميادين الصناعة والزراعة والنسيج والتجزئة والسياحة وغيرها. وربما كانت هذه الظروف الاقتصادية العامة رافعة بنية اجتماعية متميزة، تسيطر فيها روح العمل والإنتاج، والاعتماد على الذات، في بيئة قانونية للجميع، ومحترمة من الجميع.
لقد عُرف السلطان قابوس بشخصيته القوية وحكمته وبُعد نظره. وقد تبنّى الحياد الإيجابي الفاعل في السياسة الخارجية، وقيل عنه إنه "صديق الجميع". وأشارت مجلة "هارفارد" الدولية قبل أيام إلى "نهج التسامح الذي تعيشه السلطنة مؤكدة أن ذلك يمثل عنصرا مهما من عناصر الاستقرار وأن سياسة الحياد الإيجابي، تمثل الدعامة لاستقرار البلاد وغالبا ما تكون السلطنة نتيجة لذلك وسيطًا ناجحا بين الأطراف المختلفة". وبالفعل، كانت لسلطنة عمان، بقيادة السلطان قابوس، رحمه الله، أدوار يصعب حصرها، كان وراءها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، السلطان الراحل. ويُذكَر في هذا المجال، توسط الديبلوماسية العمانية في محادثات بين الولايات المتحدة وإيران في عام 2013، والتي توجت بالتوقيع على الاتفاق النووي بعد عامين. ومن أجل استقلال السياسة الخارجية، عارض السلطان قابوس اللجوء إلى الجيران الخليجيين للحصول على مساعدة مالية من أجل الإبقاء على السياسة الخارجية مستقلة. واتسمت السياسة الخارجية العمانية وأدواتها الديبلوماسية أساسا، بالتوازن، والحياد الإيجابي، ومدّ يد التعاون والصداقة، والتوسط في حل الخلافات والنزاعات الإقليمية والدولية، والتي لا يزال بعضها قائما الآن، وبينها ما بدا أو يبدو أنه عصي على الحل.
إن هذا كله لا ينفي بالطبع عددا من الصعوبات والتحديات التي تواجهها السلطنة، في الميادين الاقتصادية والسياسية. ولكن ثقة العمانيين، وكل أصدقاء سلطنة عمان، كبيرة، بسلطان عُمان، هيثم بن طارق آل سعيد، الذي تسلم مقاليد الحكم خلفا لابن عمه، السلطان الراحل قابوس، بناء على وصية السلطان قابوس، وقد تمّت عملية انتقال مقاليد الحكم بسلاسة استثنائية، إثر انعقاد مجلس العائلة المالكة وتقريره تثبيت من أوصى به السلطان قابوس بن سعيد، وكان أمام مجلس العائلة ثلاثة أيام لاختيار سلطان جديد، ولكن العائلة ارتأت أن تفتح ظرفا مختوما كتب فيه السلطان سرا اسم من يريد أن يخلفه. وهذا في ذاته يشير إلى عمق تقدير العُمانيين، بمن فيهم أسرة السلطان، لفقيدهم الكبير. وقد لاقى نبأ تسلم السلطان هيثم مقاليد الحكم ارتياحا محليا وعالميا واسعا. فالسلطان هيثم (من مواليد عام 1954) عمل مبعوثاً خاصاً للسلطان قابوس بن سعيد، وشغل مناصب عدة، بينها مناصب متصلة بشؤون الشباب والرياضة، وكان وزيراً للتراث والثقافة منذ العام 2002 حتى استلامه العرش. ويُعد السلطان الجديد لعمان أحد رجال الأعمال في السلطنة والمهتمين بالاستثمار، وهو خبير في شؤون الاقتصاد. وهناك ثقة عامة باستمرار التوازن في السياسة الخارجية للسلطنة، وبقدرة السلطنة في ظل قيادتها الجديدة على التصدي الناجح على للمشكلات المالية ومشكلات البطالة.
والعمانيون وأصدقاؤهم، واثقون بأن السلطان الجديد، هيثم بن طارق آل سعيد، الذي كان رئيسا للجنة الرؤية المستقبلية للسلطنة "عُمان 2040"، أهل للسير بالسلطنة، وبمزيد من الثقة، في مستقبل مشرق، خاصة وأن رؤية "عُمان 2040" تتمحور حول استراتيجية التنويع في عمان، من خلال تحويل اقتصاد الدولة إلى خمسة قطاعات محورية: السياحة، واللوجستيات، والتصنيع، وصيد الأسماك، والتعدين، كما تهدف إلى زيادة نسبة عمالة المواطنين العمانيين في القطاع الخاص إلى 42% بحلول عام 2040، وزيادة الاستثمارات الأجنبية إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، و مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وأن تسهم القطاعات غير النفطية بنسبة 93% من الناتج المحلي الإجمالي، بما سيمثل انتقالا جذريا وحاسما إلى اقتصاد منتج في الأساس.
ولعل من المهم الإشارة إلى ميزة بالغة الأهمية في السلطان هيثم، محورها تركيزه على عنصر الشباب للإعداد لمستقبل سلطنة عمان، ففي تصريح صحفي سابق، قال السلطان هيثم خلال لقاء جمعه بشباب في إطار مشروع رؤى عُمان 2040، إنه سيُعاد النظر في العديد من التشريعات بعد اعتماد الرؤية، وإن البرنامج الذي تقوم عليه رؤى مستقبل عُمان هو خلاصة "ما يتطلع إليه الشباب العماني". وهذه الرؤية ستوفر للسلطان بن طارق "معطيات تخطيطية تيسّر له إدارة الشأن التنموي وتمنحه وفرة معلوماتية وتفرداً معرفياً يمكّنه من المعالجة الصائبة"، كما قال الأكاديمي العُماني المتخصص بالشؤون الاستراتيجية، عبد الله الغيلاني في حديث لِ "الخليج أونلاين".
إن الأردنيين، قيادة وشعبا، يكنون للفقيد للراحل، السلطان قابوس، رحمه الله، أعمق مشاعر المحبة والأخوة التي تعمدت بالأفعال عبر عشرات السنين. وهم، ورغم مشاعر الحزن على رحيل القائد الكبير، المرحوم قابوس، تملؤهم الثقة بأن سلطنة عُمان ستواصل بقيادتها الطموحة الجديدة مسيرة البناء في طور جديد، يؤسس، كما يتمنى كل أهل السلطنة، وكل أصدقائها، لمستقبل مشرق، يحاكي آمال السلطان قابوس، رحمه الله، في بناء الدولة المعاصرة التي يعتز بها كل عربي وكل مسلم وكل محب لسلطنة عُمان.






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :