facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مجلس الامن القومي الاردني .. ضرورة أم ترف?


رنا الصباغ
27-12-2009 09:01 PM

الأردن مقبل على تحديّات مصيرية في العام المقبل: سنة انتخابات لا مركزية وتشريعية, تعقيدات اقتصادية, سياسية, إجتماعية مترابطة تتطلب أستراتيجيات واضحة وخططا على المستويات كافة لإعانة صاحب القرار على التركيز الكلّي على شكل الغابة.

قرار رئيس الوزراء ببناء آلية عمل لمأسسة أنشطة الحكومة وإحداث تغيير في أسلوب صناعة القرار, ينكش من جديد فكرة تأسيس "مجلس أمن قومي" برئاسة الملك لضبط إيقاع عمل مؤسسات الدولة على وتر استراتيجي في مواجهة سيل من التحديّات.

فكرة هكذا مجلس كانت برزت عام ,2005 حين عين الملك عبد الله الثاني مديرا جديدا لدائرة المخابرات العامة وطلب من مديرها السابق المرحوم سعد خير استحداث هيئة باسم وكالة الأمن الوطني بعد ترقيته الى رتبة مشير وتعيينه مستشارا للملك لشؤون الأمن.

بالتزامن, عين الجنرال د. معروف البخيت, وقتها سفير الأردن لدى اسرائيل, مديرا لمكتب جلالته الخاص ومديرا لجهاز وكالة الأمن الوطني كجسم مركزي يشرف لاحقا على الأجهزة الامنية.

على أن هذه الوكالة لم تر النور عمليا ولم تحدد مهامها في العلن. وهكذا دفن ذلك المشروع الاستراتيجي بالسرعة والضبابية ذاتها التي جاء فيها.

بين ليلة وضحاها غادر المشير خير موقعه الأخير. وانتقل د. البخيت بعد الانفجارات القاعدية إلى الدوار الرابع رئيسا للوزراء لغاية تشرين الثاني .2007 وأسدلت الستارة على فكرة وكالة الأمن الوطني العتيدة من دون توضيحات.

قد تكون الفرصة مواتية اليوم لإحياء مشروع مجلس الأمن القومي, على غرار مجلس الأمن القومي الامريكي, الذي يقدّم النصح والإرشاد للرئيس في مجالي الأمن القومي والسياسة الخارجية بمنهجية مؤسسية منذ إنشائه عام ,1947 بعد عامين من انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وقد يشكّل المجلس المنشود فرصة لمراجعة أداء العشرية الأولى في عهد عبد الله الثاني, لدراسة عثرات الماضي وتصويب المسيرة بعد سلسلة تخبطّات في اتخاذ القرارات ساهمت في تراجع الولاية العامة للحكومة, تآكل هيبة الدولة وتردّي علاقة المواطن بالسلطة.

قبل وعد الملك بإجراء المراجعة منتصف العام الحالي, كان قد أعاد دائرة المخابرات العامة إلى "المربع الأمني" في السياسات الخارجية والداخلية. سبق ذلك بأشهر عودة "مؤسسة الديوان الملكي" إلى مربعها الإداري - السياسي التوافقي التقليدي لتنتهي بذور الاستقطاب السياسي الذي أثر على البلاد ومس بالوحدة الوطنية.

وفي الخلفية بدأ مركز إدارة الأزمات يأخذ شكله الجديد كجهة تنسيقية بين مؤسسات ودوائر الدولة المعنية في التعامل مع كوارث داخلية غير متوقعة كالفياضانات والنشاط الزلزالي وغيره. هذا المركز المعزز بكفاءات وخبرات استخبارية وسياسية متخصصة, بإشراف الأمير علي بن الحسين, يعكف الآن على وضع خطط طوارئ بعيدة المدى لكل قطاع من قطاعات الدولة.

يؤمل في أن يعمل مجلس الأمن القومي كمخ مركزي للدولة, يتحمل مسؤولية التخطيط بعيد المدى ورسم الاستراتيجيات في مختلف القطاعات. ويجب أن تكون خطط هذه الهيئة ملزمة للحكومات وأن تخطط لنسج أدوار استراتيجية في السياسة والاقتصاد وصولا إلى مكافحة الإرهاب وبناء السلام.

بعد أربعة شهور على وعد المراجعة الملكي, عيّن المحامي راتب الوزني رئيسا لمجلس القضاء الأعلى. قبل ثلاثة أسابيع كلّف سمير زيد الرفاعي بتشكيل حكومة جديدة, وأعيد تشكيل مجلس الاعيان برئاسة طاهر المصري لتكتمل مرحلة إعادة توليف المعادلات الداخلية لتتكيف مع التحديات الاقتصادية, الاجتماعية والسياسية الداخلية والخارجية.

بانت صورة نهج التحديث أكثر وضوحا. أخرجت الشخصيات السياسية والأمنية التي أثرّت بحراكها على مسار التحديث الموعود. حلّ بدلا منها مزيج من الشخصيات السياسية المحافظة والاقتصادية الانفتاحية هي أقرب للمكونات الوطنية الإصلاحية التدريجية من دون قفزات متسارعة في الهواء, التي قد تمس هوية وشكل المملكة, في غمرة صراع التقليديين والليبراليين الاقتصاديين.

يوم الثلاثاء أدخل الرفاعي أسلوبا جديدا في صناعة القرار الحكومي. اقترح آلية جديدة تقسم عمل مجلس الوزراء إلى تسعة لجان قطاعية تغطي محتلف مهمات السلطة التنفيذية; لعل أهمها لجنة القرارات السيادية والمشاركة السياسية والمدنية, ولجنة التنمية الاقتصادية.

الأولى برئاسة الرفاعي والثانية برئاسة نائبه, د. رجائي المعشر. الهدف هو معالجة الاختلالات السياسية والاجتماعية الناجمة عن سياسات التخبط والمراوحة. وشكّلت لجنة متابعة بإشراف الرئيس وعضوية رؤساء اللجان التسع.

هذا الحراك يعطي الانطباع بأن مجلس الوزراء سيكون مرة أخرى مركز مناقشة ورسم السياسات العامة تتخذ فيه القرارات السيادية بعد أن تحوّل خلال السنوات الماضية الى مجرد هيئة تجتمع عدة مرات اسبوعيا لاتخاذ خطوات اجرائية تساعد على تنفيذ قرارات طبخت في مراكز نفوذ أخرى.

آلية عمل حكومة الرفاعي ستساهم في تجويد صناعة القرار بحيث تتولى اللجان الدائمة مناقشة القضايا الخاصة بها ثم تضع تصوراتها وخلاصة اجتماعاتها أمام مجلس الوزراء, صاحب القرار. كما ستمنح المجلس فرصة متابعة تنفيذ القرارات واحتواء الأزمات قبل وقوعها ومراجعة السياسات الماضية, وتخليص مجلس الوزراء من أعباء المهات اليومية كيما يتفرغ لرسم السياسات العامة وتحويلها الى برامج عمل.

الى جانب هذه اللجان سيكون للرئيس طاقم من المستشارين لمساعدته في متابعة الشؤون العامة والإحاطة بالقضايا كافة وسبل معالجتها, بحسب شروحات الحكومة.

لأستكمال سلسلة التغييرات التي تشير إلى رغبة ملكية في مأسسة عمل أجهزة الدولة, لن يعيب الاردن التعلم من درس مجلس الأمن القومي الامريكي الذي يعمل من خلال ثلاثة مسارات متوازية لتحديد استراتيجية سياسية متكاملة تخدم مصلحة الدولة العليا, يلتزم بها رجال وسيدات السلطة. كما توفر الوكالة ذراعا للرئيس لتنسيق السياسات بين مختلف وزارات ودوائر الحكومة.

فالأردن مقبل على تحديّات مصيرية في العام المقبل: سنة انتخابات لا مركزية وتشريعية, تعقيدات اقتصادية, سياسية, إجتماعية مترابطة تتطلب استراتيجيات واضحة وخططا على المستويات كافة لإعانة صاحب القرار على التركيز الكلّي على شكل الغابة.

في حال التجربة الامريكية التي تعتبر الاكثر نضوجا وعملية, يشرف الرئيس الامريكي على الجهد الدائم في مجلس الأمن القومي من خلال لجنة تجتمع شهريا. الأعضاء الدائمون هم نائب الرئيس فضلا عن وزراء الخارجية, الدفاع, المالية ومستشار الرئيس لشؤون الامن القومي. يلعب كل من رئيس هيئة الأركان ورئيس وكالة المخابرات المركزية أدوار مستشاري الرئيس لشؤون الدفاع والاستخبارات في اللجنة الدائمة. كما يحضر اجتماعاتها كبير موظفي البيت الابيض ومحاموه ومستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية. مهمة هذه اللجنة إقرار الاستراتيجيات الشاملة التي ترفع اليها غالبا من لجنة تضم مزيجا من أعضاء اللجنة الدائمة وأعضاء غير دائمين, يضافون إليها بحسب ما تقتضي طبيعة القضايا قيد النقاش. إلى ذلك يتواجد ضمن حلقة الأمن القومي المدعي العام ومدير دائرة الموازنة. وهناك اجتماعات على مستوى القاعدة لخبراء من الإدارات الحكومية كافة والمستشارين تجتمع لدراسة موضوع محدد مثل الصحة أو المياه, على أن ترفع توصياتها للحلقة الوسط التي تحولّها إلى مشاريع سياسات ترفع للجنة الدائمة لإقرارها قبل ان تصبح الاطار الناظم لمختلف مكونات الدولة.

تركيا ايضا لها تجربة غنية في مجال مجلس الأمن الوطني الذي تأسس بعد الانقلاب الذي قاده الجيش عام 1960 من أجل بلورة الاستراتيجية العليا للدولة. يضم مجلس الأتراك رئيس هيئة الاركان, عدد من أعضاء الفريق الوزاري ورئيس الجمهورية. السعودية والبحرين أيضا ضمن الدول العربية التي سبقتنا في مجال تأسيس مجالس مماثلة.

لعل قيام مجلس أمن قومي أردني يساعد في الإجابة عن أسئلة تشغل الأردنيين بمستوياتهم كافة, حول كيفية استعادة الأردن لدوره الاقليمي, أو تداعيات فشل حل الدولتين على أمن الأردن واستقراره وسط مخاوف من مخططات إسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية على حساب المملكة.

لا بد من الاستعداد لتعاطي جديد مع مرحلة سياسية في إقليم مضطرب يشهد تحولات عميقة ستظهر ملامحها قريبا. مطلوب مقاربات سياسية جديدة لمواجهة كل السيناريوهات الداخلية والخارجية بما يضمن مصالح الأردن الوطنية والقومية وإعادة رسم خريطة علاقاته الاقليمية والدولية.

مراجعة فرضيات السياسة الأردنية وبناء تصورات جديدة تستجيب للمتغيرات تحتاج لفريق سياسي-أمني متكامل في الدولة يتشارك في رسم التصورات العليا إلى جانب شخصيات ذات وزن وخبرة.

ولا مانع من إخراج الخطة المتكاملة التي وضعها الرئيس البخيت قبل أربع سنوات للتعامل مع تداعيات الوضع الفلسطيني. فهي تتضمن تصورات تفصيلية لكل سيناريو محتمل, وما تزال تشكل أساسا صالحا لبناء إستراتيجية اردنية متكاملة تشتق منها مؤسسات الدولة سياسات داخلية وخارجية تضمن أمن الأردن ومصالحه الان وفي المرحلة المقبلة.

في حال بناء استراتيجيات واضحة وخطوطا حمرا جديدة معروفة للجميع ضمن رؤية جلية, يستطيع القطار استكمال المسيرة حتى لو تبدلت الشخوص الرئيسية في قمرة القيادة.0

rana.sabbagh@alarabalyawm.net
العرب اليوم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :