عمون - أظهرت أعمال التوثیق العلمي والدراسات الميدانية أن محافظات الجنوب متصلة مع بعضها البعض تاريخيا من خلال عدد كبير من المواقع التي تمثل حضارات ما زالت شواهدها ماثلة على ارض المملكة، فعلى سبيل المثال نجد أن سور الاردن التاريخي النبطي الذي يؤرخ الى 2300عام مضت والممتد لمسافة تتجاوز 140 كيلو متر وينطلق من شمال محافظة العقبة مخترقا منطقة راس النقب جنوب معان وعبر اذرح الى الشوبك والفجيج عبر الطفيلة في منطقة وادي الحسا وصولا لحدود محافظة الكرك الجنوبية، وانه يعتبر ثاني اطول سور في العالم، كما انه يعتبر الاقدم في الع?لم من بين سلسلة الاسوار الطويلة، ويتربع على عرش الأسوار في قارات العالم،وانه يمثل مسارا نادرا ومنجما غنيا قابلا للاستغلال والاستثمار السياحي.

ونقلت الرأي عن الدكتور محمد وهيب استاذ علم الاثار والتراث في الجامعة الهاشمية قوله إن التعاون قد اثمر عن انجازات في المنطقة الواقعة ما بين العقبة و معان ومنها التعاون مع مديرية التربية والثقافة العسكرية بحيث تم تأسيس اول متحف اثري في راس النقب في مدرسة الأمير هاشم بن الحسين بالتعاون مع دائرة الآثار، ويسهم في نشر المعرفة والتنوير بحضارات الاردن في معان وجوارها من القرى والبلدات والأریاف.

وذكرت الدكتورة جمانة الدويكات المشاركة في اعداد الدراسات حول هذا السور، ان المواقع المكتشفة في جنوب معان ترجع في تاريخها الى نصف ملیون عام مضت استنادا على المكتشفات الصوانیة في بلدة القاسمیة وعين جمام،وكانت مرتبطة بمواقع في الفجيج والشماخ بالشوبك ووادي الحسا في الطفيلة، الأمر الذي یشیر إلى النشاط البشري في جنوب المملكة.

وكانت النتائج مذهلة بحسب العلماء والخبراء، حیث تبین أن أسالیب فن هندسة العمارة التي ترجع الى ستة الاف عام قبل الميلاد من حیث استخدام الشوارع والممرات والأدراج في تنظیم بناء المساكن والبیوت، الأمر الذي یؤكد التقدم الهندسي في العصر الحجري الحدیث وتفوقهم حيث كشف عن اطول قناة مياه في الشرق الاوسط والممتدة لحوالي 15 كيلو مترا وتصل ما بين محافظتي معان والعقبة، واشارت ان فريقا من العلماء والخبراء باشراف جمعية ادلاء السياح الاردنية وبالتعاون مع وزارة السياحة والاثار ومديرية الثقافه العسكرية قد عقد سلسلة من ورش الع?ل في راس النقب واصدر العديد من الدراسات والابحاث للافادة منها في عملية الاستثمار والتطوير السياحي.

ويضيف د.وهيب ان أبرز ما تمیز هذه المنطقة وكذلك المناطق الغربیة من محافظة معان وجوارها من المحافظات هو مرور الطریق الشهیر المسمى طریق الرومان، وطريق الحج الاسلامي، وطريق الايلاف القرشي حیث كشف عن بعض الاعمدة الميلية و حفظتها دائرة الاثار في مدرسة الأمیر هاشم العسكريه عام 1992 في المریغة ، وأوضح أن موقع الحییض وطاسان والحياض وابو اللسن أظهرت نتائج قیمة من حیث حجم المناطق التي كانت مأهولة بالسكان خلال العصرالنبطي والبیزنطي والاسلامي، وأن الانطلاق من نقطة إشعاعیة في أي اتجاه في منطقة جنوب معان ستوصل الزائر وال?احث إلى مدینة أو قریة تاریخیة نذكر منها على سبیل المثال لا الحصر، الداعوك، شدید، الحیاض، فویلة الشرقیة، فویلة الغربیة، سویمرة، المریغة عين جمام وغیرها من أبراج المراقبة والتحصینات الدفاعیة العسكریة القديمة.

واضاف د.وهيب ان العمل جار على اصدار موسوعة التاريخ والاثار لجنوب المملكة يشارك بها باحثون واكاديميون وان هذا العمل التطوعي سيفيد منه الخبراء والقطاعان العام والخاص في مجال التطوير السياحي واقامة المشاريع الهادفة لتحسين الواقع الاقتصادي والدفع باتجاه تحفيز التنمية الاقتصادية والنهوض وفق رؤية تستند على قواعد البحث العلمي واستخدام التكنولوجيا الحديثة، مشيرا لجهود ورؤية جلالة الملك عبدالله الثاني نحو التركيز على الجنوب واحداث التنمية المطلوبة وتوفير المعلومات اللازمة للتطوير والتحديث وتسريع الاجراءات.

(الرأي - محمد القرالة)