facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التغيير عنوان المرحلة


زينا الكركي
11-04-2020 11:18 AM

كتب لنا ان نشهد حدثاً تاريخياً لم يسبق له مثيل هز ارجاء المعمورة ولا يمكن توقع نتائجه او تبعاته. ولكن ثمة مهارات وامكانات كثيرة تؤثر على مدى تكيف الافراد في مرحلة دقيقة كهذه ومدى قدرتهم على البقاء والانتاج خلال هذه المرحلة والمرحلة المجهولة التي تليها. وفي المقابل هناك أيضا عوامل شدة وضغط وتشتت تؤثر على اكتساب هذه المهارات والسمات والتطبع بها للبقاء والاستمرار.

هي مرحلة تحمل تحديات وعقبات وقد أجبرت الجميع على تغيير نمط الحياة بشكل أو بآخر وفرضت متطلباتها الجديدة. مرحلة انتقالية بإمتياز تحمل رياح التغيير وتحمل الفوضى وجاءت كصاعقة على جميع دول العالم. ولكن بالرغم من شدتها ومن الفوضى العارمة التي سببتها إلا انه هناك مهارات وامكانيات وحالة من الاستعداد النفسي تمكن الافراد من التغلب على التحديات المستجدة والنجاة من هذه العاصفة بأقل الاضرار على الصعيد الشخصي والاجتماعي وعلى الصعيد المهني والوظيفي لا سيما اننا لا نعيش حربا ولا كارثة طبيعية ولسنا مشردين خارج بيوتنا او تائهين بل نعيش آمنين في بيوتنا وسط عائلاتنا تتوفر لدينا متطلباتنا وحاجاتنا الاساسية، الا اننا نفتقد لبعض الكماليات التي اعتدنا على وجودها كمسلمات دون ان نقدر قيمتها واهميتها الا بعد ان فقدناها في هذه الازمة.

أول هذه المهارات مهارة العيش بتصالح مع الحال الجديد. من حيث القدرة على تسهيل شؤون الحياة -حسب الشروط الجديدة التي تفرضها الدولة في التعامل مع الحدث- فالظروف المستجدة فرضت طرق ووسائل مغايرة لما اعتاد عليه الناس في تلبية حاجاتهم بوسائلهم التقليدية المعتاد عليها.

وثاني هذه المهارات القدرة على استخدام وسائل التكنولوجيا والاتصال عن بعد بشكل فعال. فمن أهم سمات هذه المرحلة الدخول في علاقة اجبارية مع وسائل التكنولوجيا والانترنت وهي علاقة طالما حاول الكثيرون تجنبها والابتعاد عنها. فكان هذا عامل ضغط تفاوتت شدته من شخص لآخر بحسب الاستعداد وبحسب العمر وبحسب التقبل لهذه العلاقة. فمن تطبيقات الشراء الى العمل عن بعد من المنزل والتعليم عن بعد ومنصات التعلم الالكتروني اصبحت الحياة شبه مستحيلة من دون الاستعانة بوسائل الانترنت والتكنولوجيا. ولم يعد استخدام الانترنت خياراً بل أصبح شرطا من شروط الوجود والعيش في هذه المرحلة. ونرى أن الثورة الصناعية الرابعة بما تحمله من تبعاتها من تطور تكنولوجي ووسائل الاتصال عن بعد فرضت نفسها وفرضت شروطها في مرحلة من أصعب المراحل. ليتضح أن القدرة على البقاء والاستمرار مرتبطة اشد الارتباط بتطوير الذات ومواكبة التقدم التكنولوجي والعلمي ولم يعد العيش بمعزل عن العالم وتطوراته خياراً . فالقدرة على التعامل بودية مع وسائل التكنولوجيا و العمل على خلق نوع من الراحة والثقة عند استخدامها يعتبر مهارة من مهارات البقاء في هذه المرحلة الحرجة.

وثالث هذه المهارات القدرة على التكيف وإدارة التغيير. حيث أن التغيير سمة بارزة في هذه المرحلة ويقابلها مهارة التكيف وإدارة التغيير. وهناك عوامل ضغط تؤثر على قدرة الأفراد على اكتساب هذه المهارة ومن أهم هذه العوامل عامل الاعتياد على نمط حياة معين. والتغلب على هذا التحدي يحصل على مستويات عديدة فبدءاً من المسؤولين وصانعي القرار والتزامهم بالشفافية وتقديم المعلومات الصحيحة الواضحة وتمكين المواطنين من خلال توعيتهم بدورهم واهميتهم في التغلب على التحديات التي تمليها هذه المرحلة ومصارحتهم بالفترة الزمنية اللازمة لعبور هذه المرحلة ومروراً بدور العائلة والعشيرة من حيث الالتزام بالممارسات الصحيحة الجديدة والتخلي عن الممارسات والعادات القديمة مهما كانت قيمتها الثقافية فالمرحلة الراهنة هي مرحلة التغيير وتتطلب التكيف للاستمرار والمحافظة على الوجود ومن الممكن ان يترتب عليها تغيير في منظومة القيم والممارسات الاجتماعية والثقافية في المستقبل، فكثير من العادات التي تبدو حميدة من الممكن ان تؤدي الى المرض والتهلكة اذا ما استمرت. ومن ثم يأتي دور الأفراد في إظهار الوعي والالتزام بالتغيير وتجسيد المواطنة الصالحة ودعم بعضهم بعضاً والتصدي للشائعات والمخربين.

ورابع هذه المهارات مهارة المحافظة على التوقعات واقعية. فليس من المنطق توقع سير الحياة بسهولة ويسر كما في السابق في هذه الظروف الاستثنائية ويظهر هنا عامل فقدان التحكم والسيطرة الذي يؤثر على التكيف في هذه المرحلة. فبلا سابق انذار فقد الافراد السيطرة على ابسط تفاصيل حياتهم اليومية وفقدوا القدرة على التحكم بقرارات صغيرة لم تكن تأخذ اي وقت اواهتمام. ففعل بسيط مثل شراء الاحتياجات المنزلية من طعام وشراب كان فعلاً اوتوماتيكيا لا يأخذ من التفكير والتخطيط شيئاَ ولكنه الآن بحاجة الى تخطيط وتخصيص وقت وجهد لم يكن مكرسا لهذه العملية في السابق. من حيث تحديد مكان المتجر والوقت المطلوب للوصول اليه سيرا على الأقدام و كمية المشتريات وكيفية حملها والعديد من الاسئلة الأخرى.

والذهاب الى العمل لم يكن يوما قرارا يؤخذ في كل صباح. بل كان فعلا اوتوماتيكيا بلا تفكير ووعي. ولكنه الآن قرار يومي بحاجة الى تحضير.فبدءاً من تحضير مكان العمل عن بعد في المنزل والتأكد من جودة الانترنت والتأكد من شحن الجهاز والسيطرة على ضجة العائلة والأطفال خصوصا للمرأة العاملة والقدرة على الفصل الذهني من حيث الانعزال عن العائلة عند بدء العمل وفي اوقات معينة من اليوم وعدم السماح لمرونة العمل من المنزل باستباحة جميع الاوقات.

والتحضير للغرفة الصفية الافتراضية اصبح تحدياً للعديد من المعلمات والمعلمين، حيث القدرة على إدارة الغرفة الصفية مفقودة لغياب التفاعل المباشر والاساليب الاعتيادية للشرح لم تعد تنفع فالتجربة التعليمية الآن تجربة جديدة يقتصر دور المعلم فيها على تسجيل الحصة واجابة بعض الاسئلة وتزويد الطلبة بالمادة التعليمية.

إن معرفة سمات هذه المرحلة ومن ثم الوعي بالمهارات اللازمة لتجاوزها هو الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح ومن ثم تحديد عوامل الضغط والتحديات التي يجب تجاوزها أو حتى التعايش معها حيث لم يتضح بعد ما شكل المرحلة اللاحقة لهذه المرحلة. ومن أهم المفاتيح أيضاً، تقبل الشعور بالاحباط بعض الأحيان وخيبة الأمل احيانا اخرى نتيجة هذا التغيير القسري.

واخيراً، انها تجربة تثبت للجميع أن العالم مرتبط ببعضه البعض شاء من شاء وأبى من أبى وان احجار الدومينو لا يمكن عزلها او فصلها عن بعضها البعض لافي السراء ولا في الضراء. وإننا افرادا وشعوبا نواجه تجربة وتحديات صعبة لم يسبق للبشرية التعاطي معها من قبل سيكون لها عواقب نفسية واجتماعية من جانب واقتصادية وسياسة من جانب آخر فنحن امام اختبار صعب فهل نخرج من هذه الازمة امام انفسنا بنجاح عند تقييمنا للمرحلة التي عشناها أم سنخرج منها ناقمين وساخطين.


مختصة في القيادة التعليمية والتواصل عبرالثقافات





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :