facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ذوو الإعاقة بين ضعف المناعة والأخطار المحدقة


د.هشام المكانين العجارمة
30-04-2020 12:03 PM

مع تصاعد عدد حالات الاصابة بفيروس كورونا المستجد Novel Coronavirus (كوفيد-19) في كل مكان من العالم؛ متجاوزة طاقة استيعاب المستشفيات واحدة تلو أخرى، ورافعة حصيلة الوفيات، فإن السباق لإيجاد لقاحات للشفاء من الفيروس أو الوقاية منه على أقل تقدير تسارع تسارعًا كبيرًا، خاصة بعد إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا جائحة عالمية، إذ دأبت مختبرات الطب والدواء العالمية بمحاولات عديدة للوصول للقاح المنشود إلّا أن المساعي لذلك لم تنتهي بعد لمطلبها.

وإزاء متابعة كبار العلماء في الشأن الطبي والدوائي وقراءة أحدث التقارير العلمية المرتبطة بالجائحة، يلحظ المتابع الدعوات المتنامية بضرورة تمكين المناعة وتقويتها كخطوة هامة ورئيسة في مجابهة الفيروس والحد من مخاطره على النفس البشرية خاصة في ضوء ما قد يتطلبه العقار المنتظر من وقت يصعب التكهن به في هذه المرحلة، وإذا كان ذلك مطلباً هاماً في ظل إدراكنا لمناعة الأصحاء والمتعافين في المجتمع، فكيف يكن واقع الحال لدى من يعانون بالأصل من ضعف المناعة كالمرضى وذوي الإعاقة مثلا!.

إن ضعف المناعة لدى نسبة كبيرة من ذوي الإعاقة أو عدم قيام الجهاز المناعي لديهم بوظائفه على النحو المطلوب إحدى أبرز الخصائص الصحية التي ينبغي مراعاتها في زمن الجائحة؛ إذ أنهى "خطر محدق" وخاصة لدى من يعانون من إعاقات عقلية أو اضطرابات توحد أو إعاقات صحية أوجسمية أو إعاقات متعددة، حيث أن ضعف مناعتهم غالباً ما يعود لأسباب ترتبط في الإعاقة ذاتها، إذ أن إلقاء نظرة سريعة لواقع المصابين بمتلازمة داون مثلاً تأكد ذلك، حيث أنهم أكثر عرضة لجفاف الحلق وللالتهابات التنفسية المتكررة خاصة في الحنجرة، وقد يمتد الأمر إلى التهاب الصدر والقصبات الهوائية. ذوو اضطراب طيف التوحد كذلك عرضة للإصابة بالفيروسات والالتهابات المتكررة، إذ أنهم يعانون غالباً من انخفاض مستوى المعادن والفيتامينات في الدم، لذلك يحتاجون لنظام غذائي صحي متوازن غني بالفيتامينات والمعادن.

وعلى صعيد آخر، مهم جداً كذلك أن نتذكر أن تعذّر ممارسة الكثير من ذوي الإعاقة الجسمية والصحية لأنشطة حياتهم اليومية وخاصة الحركية منها بشكل طبيعي بسبب الإعاقة التي يعانون منها كفيل بإضعاف مناعتهم غالبا؛ إذ أن تقوية المناعة يتطلب القيام بنشاطات من شأنها تنشيط الدورة الدموية لديهم.

ولعل من الأهمية كذلك الإشارة إلى سيطرة رتابة السلوك لدى ذوي الإعاقة وميل غالبيتهم لأنواع محددة من الأطعمة قد تفرضها طبيعة المشكلة الصحية أو التحسس الغذائي أو تناول تلك الأطعمة كسلوك جرى الاعتياد عليه، قد يقلل فرصة تناول ذوي الإعاقة للأغذية المتوازنة، وبالتالي يصبحون عرضة للأمراض والفيروسات الأمر الذي يضعف مناعتهم.

وفي هذا الإطار، قد يطرح البعض تساؤلات أكثر دقة: ما الأسباب وراء ضعف المناعة لدى ذوي الإعاقة؟ ما المؤشرات الدالة على ضعف المناعة لديهم؟ ما الذي يمكن فعله لتقوية المناعة لدى ذوي الإعاقة خاصة في زمن الجائحة؟

وللإجابة على هذه التساؤلات وغيرها الكثير مما يمكن طرحه في ذات السياق، يمكن القول: أن من أهم أسباب ضعف المناعة لدى ذوي الإعاقة وتباينها هو وجود مشكلات وراثية لدى غالبيتهم ووجود مشكلات صحية وجسمية والإصابة ببعض المتلازمات والتعرض للاضطرابات الغذائية، علاوة على تناول البعض منهم للأدوية الكيميائية وانخفاض القدرات الوظيفية التي من شأنها أن تضعف قدرة ذوي الإعاقة على إتباع الإجراءات اللازمة لضمان مناعة قوية أو إيجابية. أما عن المؤشرات الدالة على ضعف المناعة لدى ذوي الإعاقة، فلعل من أهمها: معاناتهم من الالتهابات الرئوية الحادة والمتكررة والتهابات الشعب الهوائية والتهابات الأنف والأذن والحنجرة والالتهابات الجلدية، إضافة لمشكلات الجهاز الهضمي. وفي إطار معرفة ما الذي يمكننا فعله لضمان تقوية مناعة ذوي الإعاقة، فإن من المهم معرفة أن عمل الجهاز المناعي في الجسم عموما يعتمد- بحسب ما نشر معهد Doherty Institute للأمراض والمناعة- على بعض الخلايا المناعية الدفاعية والتي تقوم بعملها بشكل مشابه عند تعرض الشخص لأي التهابات فيروسية أخرى، مع الإشارة إلى بعض أجهزتنا الدفاعية قد تحتوي على نقاط عمياء يتعذر عليها التعرف إلى بعض الجراثيم أو الفيروسات أو مكافحتها خاصة في ظل خصائص بعض الفيروسات الغامضة، ولعل فيروس كوفيد-19 إحداها.

وفي هذا السياق، مهم جداً الإشارة هنا إلى أنه كلما زادت قوة الجهاز المناعي زادت قدرته على مكافحة الفيروسات والقضاء عليها قبل الإصابة بالأمراض والعكس صحيح، ولمعرفة كيفية الاعتناء بالجهاز المناعي علينا أن نعرف الأجهزة المناعية في أجسامنا، وآلية عملها لضمان سلوك الطريق الصحيح في تقويتها وتعزيز دورها، خاصة في زمن الجائحة، كما علينا أن نتذكر كذلك أن الهلع وشدة القلق يسببان مناعة أضعف ضد فيروس كورونا، كما أن التهافت على تناول بعض الأدوية وأقراص الفيتامينات بحسب ما رُوّج له على أنه يقي من الإصابة بفيروس كورنا- نتيجة تأخر وجود عقار لمكافحة فيروس كوفيد-19- ليس أمراً دقيقاً؛ لاسيما أن الأدلة على غير ذلك غير مؤكدة، كما أن تناول الأدوية وأقراص الفيتامينات أو المكملات الغذائية (في حال عدم نقص الفيتامينات أو المعادن في الجسم) دون استشارة طبية بهدف تقوية المناعة لا يقود إلى نتائج إيجابية غالباً، إذ أن الإفراط في تناول أقراص فيتامينC مثلاً والذي كثُر الحديث عنه مؤخراً على أنه يقي من الإصابة بفيروس كوفيد-19 قد يؤدي إلى تكون حصوات الكلى لدى ذوي الإعاقة. وفي هذا السياق لا بد من التحذير من التعاطي مع أنواع الأدوية التي يجري الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلانات المختلفة. وفي المقابل فإن تناول الأطعمة الصفراء التي تحتوي على قيم غذائية عالية قد تقوي المناعة وتقي من الامراض المعدية؛ لا سيما أنها غنية بمادة الكاروتينات، وهي مادة تتحول في الجسم لفيتامين A وهذا ما أكدته الجمعية الألمانية للتغذية.

ولعل أهم ما ينبغي اتباعه كذلك لتقوية المناعة في ظل انتشار فيروس كوفيد-19 هو العمل بما نشرته منظمة الصحة العالمية (WHO) من طرائق لدرء الإصابة بالفيروس وتقليل القلق والهلع لدى عامة الناس وخاصة من هم يعيشون خطر الإصابة سواء أكانوا يعيشون في مناطق ثبت انتشار الفيروس فيها أو كانوا قُربى لمخالطين أو لديهم ما يستوجب القلق كالمرض أو الإعاقة، ومن تلك الطرائق ضرورة اتباع نظام غذائي صحي يضمن تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة، وممارسة الأنشطة الرياضية، وتنظيم أوقات النوم- لا سيما أن قلة النوم تضعف قدرة نوع من الخلايا اللمفاوية تسمى الخلايا التائية على مكافحة الأمراض-، والمحافظة على النظافة مع عدم الإفراط فيها؛ إذ أن الإفراط في غسل اليدين بالمعقمات مثلاً قد يضعف الخلايا الدفاعية في الجلد. وفي ذات السياق، لا بد من تجنيب ذوي الإعاقة الاتصال الوثيق بالأشخاص الذين يعانون من أمراض فيروسية، ومنع الاستخدام المفرط للمضادات، وتجنب استخدام الأدوات المشتركة للطعام أو الاشتراك في أدوات النظافة الشخصية، مهم كذلك أن نتذكر بأن الحصول على المعلومات من مصادرها الموثوقة، وتقليل متابعة التغطية العالمية لانتشار الفيروس أو تجنب الاخبار السلبية على أقل تقدير مقابل نشر التفاؤل والأخبار الايجابية كلها عومل لها من دور كبير في تقوية المناعة وتمكين العافية النفسية.

إن حماية ذوي الإعاقة عموماً وخاصة في زمن الجائحة من شأنه تعزيز سلامتهم وسلامة المجتمع- لاسيما أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع- وتمكين حقوقهم وخاصة ما يرتبط منها بالحقوق الصحية والسّلامة الشخصية والحماية الاجتماعية، وهذا ما دعت إليه اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المواد السابعة عشر والخامسة والعشرين والثامنة والعشرين، بل أنها أشارت كذلك إلى حقوق ذوي الإعاقة في حالات الخطر والطوارئ الإنسانية، حيث دعت الاتفاقية صراحة في المادة الحادية عشرة منها إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة في حالات الطوارئ، ولعل الجائحة اليوم تشكل أكبر خطر على البشرية جمعاء، كما أنها أكبر طارئ يعصف في العالم بأسره. من هنا، فإن توقف مراكز الأشخاص ذوي الإعاقة عن العمل التفاعلي عن قُرب، وإلزام ذوي الإعاقة في بيوت ذويهم يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح؛ إذ أن فيه حماية لذوي الإعاقة والعاملين معهم من خطر الإصابة بالفيروس، ومثل هكذا مطلب يجب أن يُدعم، خاصة في ظل إمكانية اتباع أنظمة العمل عن بُعد في كثير من تلك المراكز، كما يجب دعم الممارسات المرتبطة بهذا السياق باجراءات ومتابعات تضمن لأسر ذوي الإعاقة المشاركة الفاعلة لضمان تلقي ذوي الإعاقة الخدمات التي يحتاجون إليها.

نهاية المطاف، لا شك أن رعاية ذوي الإعاقة وتمكين حقوقهم يشكل أكبر تحدٍ لأسر ذوي الإعاقة وللعاملين على رعايتهم وتدريبهم وتأهيلهم، إلّا أن خوفنا على أبنائنا ذوي الإعاقة يتطلب اليوم منّا كأفراد وأسر ومؤسسات ألّا ندّخر جهداً في سبيل حمايتهم في ظل الظروف الراهنة جراء انتشار فيروس كورونا المستجد، فسلامتهم سلامة للجميع.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :