facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السلطة في زمن الكورونا


المحامي مازن الحديد
06-05-2020 10:26 PM

الظروف الاستثنائية تتطلب إجراءات استثنائية، وقد تبنت غالبية دول العالم إجراءات تفاوتت في صرامتها لمواجهة جائحة كوفيد 19، ويعتبر ذلك امراً ضرورياً وملحاً فلا يمكن الاعتماد فقط على الوعي العام والالتزام الطوعي لضمان تحقيق مبدأ التباعد الاجتماعي وفرض اغلاق الحدود وتتبع المصابين بالوباء وعزلهم، وقد رافقت اغلب هذه الإجراءات الاستثنائية تقييد للحريات وبالذات حرية التنقل والاجتماع بالرغم من انها حقوق أساسية لها حماية قانونية وفق نصوص الدساتير الوطنية العصرية، الا ان هذا التقييد المؤقت يتفق مع القانون الدولي وقانون حقوق الانسان الدولي، بالأخص الحق في الحياة والحق في الصحة المنصوص عليهما في الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. علاوة على ان الشعور السيكولوجي البشري السائد المرتبط بالخوف من الخطر والمتمسك بغريزة البقاء الإنسانية قد ساهم ليس فقط بقبول هذه الإجراءات الاستثنائية وانما بدعمها بل وارتفعت شعبية السلطة ومستوى الكاريزما لشخوص السلطة.
وفي بعض دول العالم قامت السلطات المحلية بتوظيف الظروف الاستثنائية واستغلال الاجراءات الاستثنائية بالتمتع بصلاحيات أوسع تسهم في إطالة مدد بقاءهم على رأس السلطة وتعمق نفوذهم، ومن شأن ذلك أن يجعل النهج الديمقراطي في العمل السياسي من أبرز ضحايا هذا الوباء ايضاً. ففي هنغاريا، إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، صدر قانون يمنح الرئيس سلطة مطلقة ويحيد البرلمان، وتبع ذلك اصدار مرسوم رئاسي يفرض عقوبة مدتها القصوى الحبس لخمس سنوات في حال التعبير عن اراء من شأنها ان تقوض الجهود الرامية لمواجهه الوباء. بينما في الكيان الصهيوني قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإغلاق المحاكم بذريعة انتشار الجائحة بالرغم من انه متهم اصلاً بالفساد في ثلاث قضايا تنظر بها هذه المحاكم، وأيضا قام بفرض برنامج مراقبة شاملة على مواطنيه عبر اجهزة الهاتف المحمول يشرف عليها جهاز الامن الداخلي الإسرائيلي"الشاباك". وتم القضاء على المظاهرات السلمية المنطلقة منذ أشهر وقبل ظهور الوباء في التشيلي، اما في بوليفيا فقد تم تأجيل الانتخابات الرئاسية المنتظرة، وفي الفلبين تم اصدار قانون طوارئ يمنح رئيس الدولة سلطة مطلقة، وغير ذلك من أمثلة لدول تنتقل رويداً رويداً وبثبات من الديمقراطية الى الاوتوقراطية.
اما في الأردن فالوضع مختلف، فطبيعة العقد الاجتماعي المقدس بين الشعب الأردني والنظام الملكي الهاشمي كانت وستبقى صمام الأمان في مواجهة كافة التحديات والانزلاقات، بالإضافة الى دور المؤسسات العريقة للدولة وبالأخص الأمنية في ضمان مبدأ توازن السلطات وعدم توسعها.
الا ان مسألة الاستحقاق الدستوري المرتبط بعقد الانتخابات النيابية في موعدها تعتبر على درجة عالية من الحساسية وتؤكد على قدرة الدولة بالتكيف مع الازمات وضمان استمرارية الحياة بكافة تفاصيلها وبالأخص الحياة الديمقراطية.
ولحتى يومنا هذا لم يتسنى لنا بعد التيقن من مستقبل الوباء محليا او عالميا وموجاته سواء في الربع الأخير من العام الحالي او حتى خلال العام 2021 لعدم وجود دليل علمي دامغ يؤكد انتهاءه عبر لقاح او عقار، وبالتالي تصبح منهجية التأقلم وادامة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالحد الممكن متطلب وطني، وعليه فان عقد الانتخابات البرلمانية بموعدها ضرورة ملحة.
في الحقيقة وبموجب تحليل يتناغم مع تطلعاتنا وامالنا ومتسق مع اهداف البرنامج السياسي الإصلاحي فقد يشكل تحدي جائحة الكوفيد 19 فرصةً ضمن السياق الوطني، بحيث طالما تطلعنا كأردنيين بضرورة انبثاق برلمان عصري مسيس وليس خدماتي، وبانتخاب نواب وطن وليس نواب احياء، وطالما رغبنا بنواب أصحاب برامج سياسية وطنية شاملة ومنهجيات عمل ذات ابعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وليس بأصحاب رؤوس الأموال وممثلي مجموعات المصالح، لا سيما ومع استمرار تحدي جائحة الكوفيد 19 فانه من الممكن تعويض إشكالية ضرورة تحقيق التباعد الاجتماعي عبر إحلال وسائل التواصل الاجتماعي الالكتروني والمواقع الالكترونية والوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة بدلاً من الاجتماعات والزيارات، والتي من شأنها ان توفر للمرشحين منابراً تستند على مبدأ "تكلم حتى اراك"، بحيث تتيح لهم التعبير عن برامج عملهم وتقديم مقترحاتهم لمواجهة مختلف التحديات التي تواجه الوطن برمته وبالأخص الاقتصادية منها، والتي بموجبها سيتم انتخابهم كنواب وطن عبر ما سيتم طرحه من أفكار وبرامج عمل منطقية قابلة للتحقق وقدرتهم على الحوار والنقاش ومهاراتهم بالإقناع الذهني وليس كنواب خدمات و واسطات، وبعيداً عن قدرتهم على حشد العشيرة، وغير متصل بإمكانياتهم المادية بنصب المقرات الانتخابية والدعوة للولائم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :