facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اصلاح التشريع والادارة في القطاعات الاستثمارية بعد كورونا


د. ابراهيم العموش
27-05-2020 03:29 PM

• التنافس الدولي على المستثمرين سيكون على أشده.
• تشجيع الاستثمار هو طوق النجاة.
• في قانون الاستثمار الكثير مما يعيق الاستثمار.
• وضع حد للبيروقراطية الحكومية ضرورة ملحَة.
• التخلص من القواعد القانونية البالية مصلحة وطنية.

بعدما أصاب عصب الحياة الاقتصادية من عطب نتيجة جائحة كورونا، اصبح لا بد للدولة من الاسراع في اتخاذ ما يلزم من إجراءات من شأنها التخفيف من آثار هذه الجائحة.
بالتأكيد سيرتفع عجز الموازنة وسيتجاوز الدين العام نسبة 100% من الناتج المحلي الاجمالي. وبالتأكيد سيكون هناك انكماش اقتصادي قاس. وبسبب تأثر جميع دول العالم بهذه الجائحة فإن من المتوقع أن يتراجع الاستثمار الخارجي المباشر بشكل كبير. وربما ستعمد الحكومة الى إحالة اعداد كبيرة من موظفي القطاع العام على التقاعد بحجة لزوم معالجة الترهل الاداري. وسيتأثر تبعا لذلك مستوى معيشتهم.
ايضاً، تسببت جائحة كورونا في اغلاق المنشآت الخاصة بشكل كلي أو جزئي لفترة طويلة ونتج عن ذلك انهاء خدمات عدد كبير من العاملين في القطاع الخاص وسيزداد هذا العدد يوما بعد يوم. وسترتفع بالتأكيد نسبة البطالة وتتناقص فرص العمل وتتوسع الطبقة الفقيرة على حساب الطبقة الوسطى، وبلا شك سترتفع معدلات الجريمة بشتى انواعها.
وفي ظل عجز الحكومة وحدها عن معالجة مشكلتي البطالة والفقر، أصبح لزاماً عليها العمل على تشجيع الاستثمار المحلي وتعزيزه والسعي لجلب الاستثمارات العربية والاجنبية. ولأن التنافس بين الدول على المستثمرين سيكون شديداً فإن دخولنا في المنافسة يتطلب إجراء تعديلات تشريعية جوهرية تمس آلية اصدار القرار في الهيئات المعنية بتشجيع الاستثمار ويتطلب أيضاً تنفيذ انقلاب عاجل على مفاهيم وقواعد قانونية بالية عززت من سلطة الادارة في تعطيل وعرقلة الاستثمار وكرست كل اشكال البيروقراطية الحكومية في التعامل مع القطاع الخاص.
باستقراء نصوص قانون الاستثمار رقم (30) لسنة (2014) (المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم 5308 بتاريخ 16/10/2014) نجد أن الهدف الرئيس من إنشاء هيئة الاستثمار هو "جذب الاستثمار المحلي والاجنبي وتشجيعه وترويجه وضمان ديمومة المناخ الاستثماري الجاذب وتنشيط الحركة الاقتصادية وتعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية ...." ونجد أن الاحكام التفصيلية لهذا القانون لا تخدم هذا الهدف (من حيث الزمان والموافقات) بالسرعة المطلوبة.
فالمادة 18/أ من القانون تنص على ما يلي:
"يلتزم المندوب المفوض بإصدار قراره بخصوص الرخصة وفقا للمتطلبات والشروط والاجراءات المطلوبة وضمن المدة الزمنية المحددة في دليل الترخيص وفي حال عدم تحديد مدة لاصدار القرار بخصوص الرخصة في الدليل، يجب أن لا تزيد مدة اصدار القرار على 30 يوم عمل من تاريخ استكمال المتطلبات القانونية المحددة في دليل الترخيص".
نلاحظ على هذا النص ما يلي:
1- أن مدة 30 يوم عمل مدة طويلة وغير مبررة وتكرس بيروقراطية الادارة الحكومية.
2- أن هذه المدة تبدأ من تاريخ استكمال المتطلبات القانونية المحددة في دليل الترخيص. وهنا تتجلى كل مظاهر تعسف الادارة. ذلك أنه قد يطلب "المفوض" من مقدم طلب الترخيص "وثيقة ما" في اليوم الأخير من مدة الثلاثين يوما اللاحقة لتقديم الطلب. وعندها يبدأ احتساب 30 يوما من جديد وهكذا دون نهاية.

وتنص المادة 18/ب من القانون ذاته على ما يلي:
" في حال كان إصدار الرخصة يستدعي تحويل الموضوع الى اي لجنة أو جهة لاجراء أي كشف أو القيام بأي إجراء دون أن يحدد التشريع المعني المدة التي يجب أن تصدر تلك اللجنة أو الجهة قرارها او تنسيبها خلالها، يجب أن يصدر ذلك القرار او التنسيب خلال المدة المحددة في الفقرة (أ) من هذه المادة".
وهنا أيضاً تتكرس بيروقراطية الادارة وتعسفها مرة أخرى ويصبح أمر إصدار الرخصة تائه بين اللجان التي يتم تشكيلها و"الجهات المعنية" ودون ضابط زمني معقول وتتكرر الممارسات التعسفية (التنكيلية) التي اعتادت عليها الادارة الحكومية لسنوات خلت وتصدق عليها ملاحظاتنا المنوه عنها أعلاه حول الفقرة (أ) من المادة (18).

وتنص المادة 18/د من القانون ذاته على ما يلي:
"اذا رفض المندوب المفوض منح الرخصة او في حال عدم صدور القرار من المندوب المفوض وفق المدد الزمنية المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة لطالب الرخصة أن يتقدم باعتراض للرئيس (رئيس الهيئة) خلال ستين يوما وفي حال عدم التمكن من تسوية موضوع الاعتراض خلال خمسة عشر يوما، على الرئيس أن يحيل الاعتراض الى اللجنة الحكومية المشكلة بموجب الفقرة (و) من هذه المادة".
ويلاحظ على هذه الفقرة ما يلي:
1- انها وان كان في ظاهرها ما يخفف على طالب الرخصة إلا أنه في باطنها الكثير من البيروقراطية. فرئيس الهيئة الذى رفع إليه الاعتراض لن يجرؤ (للأسف) على مخالفة قرار المفوض (والذي هو دائماً من صغار موظفي الدولة) وسيرفع أمر الاعتراض الى اللجنة الحكومية المنصوص عليها في الفقرة (و) من المادة (18).
2- وتنص الفقرة (هـ) على أن "على اللجنة الحكومية ان تصدر قرارها خلال (30) يوما من تاريخ احالة الاعتراض إليها ويكون قرارها قابلاً للطعن لدى محكمة العدل العليا". وهنا تطول مدة البت في أمر الترخيص أكثر فأكثر ويصار الى المماطلة والتسويف والتعسف وتتجلى بيروقراطية الادارة الحكومية في أبشع صورها. وعلى الهامش، نلاحظ أن الفقرة (هـ) قد اشارت الى "محكمة العدل العليا"، مع أن تعديل الدستور لسنة 2011 نص على انشاء قضاء اداري على درجتين وأن قانون القضاء الاداري رقم (27) لسنة (2014) المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم 5297 تاريخ 17/8/2014 (اي قبل نشر قانون الاستثمار) قد نص على ان يكون القضاء الاداري على درجتين (محكمة ادارية ومحكمة ادارية عليا) وبالتالي ألغى "محكمة العدل العليا" !!!!.
وأمام كل هذه العقبات وأمام هذه النصوص التي تكرس سلطة الادارة بما في ذلك من اساءة لاستعمال السلطة (والذي يعد فساداً ادارياً) وافساح المجال للفساد المالي (المتمثل بطلب الرشوة) أو لتدخل ذوي النفوذ (الواسطة والمحسوبية) ماذا علينا أن نفعل؟ ماذا عسانا أن نفعل (في البعد التشريعي) لندخل سباق التنافس على المستثمرين لتعويض جزء مما سنخسره في اعقاب جائحة كورونا؟. وهنا نرى ضرورة ملحة للانقلاب على بعض القواعد والمفاهيم القانونية البالية. لقد ورث النظام القانوني الأردني (في القانون الاداري) قاعدتين قانونيتين من الفقه القانوني العربي هدفهما تعزيز سلطة الإدارة على الافراد وإظهار جبروتها وسطوتها.

الأولى: ان سكوت الإدارة (امتناعها) عن اتخاذ قرار يتوجب عليها اتخاذه خلال مدة معينه يعد قراراً ضمنيا بالرفض. وهذا ما نصت عليه المادة 7/ب من قانون القضاء الاداري بقولها: "يعتبر في حكم القرار الاداري رفض الجهة المختصة اتخاذ القرار أو امتناعها عن اتخاذه اذا كان يترتب عليها اتخاذه بمقتضى التشريعات النافذه". وبموجب المادة 8/هـ من القانون ذاته يبدأ ميعاد الطعن "بعد انقضاء ثلاثين يوما من اليوم التالي لتاريخ تقديم المستدعي طلباً خطياً لتلك الجهة لتتخذ ذلك القرار".

الثانية: أن القرار الإداري (الذي تصدره الإدارة الحكومية) يولد ومعه قرينة السلامة. وهذه القاعدة تعني أن الأصل أن الإدارة محقة في قرارها سواء أكان برفض الطلب (كطلب الترخيص او التسجيل) أم بالامتناع عن إصداره. وهذه القاعدة راسخة في ذهن القاضي العربي فيكون من الصعب على من يلجأ للقضاء الإداري اقناع القاضي بتعسف الإدارة وسوء استعمالها للسلطة. ولذلك فإن الانطباع الساكن في عقل وقلب الساعي لمخاصمة الإدارة هو ان القاضي الإداري هو محام للإدارة وان وجدانه مسكون برغبة الحكم لصالحها. ولما كان القضاء الإداري هو الملاذ الذي يلجأ اليه الافراد بحثا للإنصاف وطلباً لدرء تسلط الإدارة وتعسفها، فإن قاعدة قرينة السلامة التي يتمتع بها القرار الإداري (وهي قاعدة بالية) تضعف ثقته في الحصول على حقه القانوني أمام القضاء الإداري بل وتهدم ثقته بالقضاء الإداري برمته.

وفي ظل التنافس الدولي على المستثمرين، والذي سيكون محموماً في أعقاب جائحة كورونا، لا بد من التخلص من هاتين القاعدتين لتشجيع الاستثمار واستقطابه (لتعظيم ايرادات الخزينة وتوفير فرص عمل جديدة) بالإضافة الى إجراءات أخرى يتوجب على الدولة اتخاذها، تناولها الكثيرون من المهتمين بهذا الشأن، كتخفيض الضرائب والتوسع في منح القروض وتبسيط إجراءات الحصول على الجنسية مقابل الاستثمار.

فبالنسبة للقاعدة الأولى: يتوجب على الدولة الإسراع بتعديل المادة (18) من قانون الاستثمار والمادة (7/ب) من قانون القضاء الإداري وبحيث يعتبر سكوت الإدارة (امتناعها) عن اتخاذ القرار خلال المدة المحددة لإصداره قراراً ضمنيا بالموافقة لا بالرفض. وبهذه الصورة، يتخلص المستثمر من مماطلة الإدارة وتسويفها وتعسفها ويدفع الإدارة الى الإسراع في البت بالطلب سلباُ أو ايجاباً. فإن صدر قرار صريح بالموافقة خلال المدة المحددة فخيراً فعلت، وإن صدر القرار صريحا بالرفض خلال المدة المحددة كان للمستثمر اللجوء للقضاء الإداري ان كان محقاً في طلبه. ايضاُ لا بد من التخلص من طبقات اتخاذ القرار الواردة في المادة (18) المشار اليها لتحقيق الغايات التي أنشئت من أجلها هيئة الاستثمار المنصوص عليها في قانون الاستثمار والمنوه عنها في هذا المقال. اذ يفترض أن تشكل هيئة الاستثمار مكانا واحداً لإنجاز معاملة المستثمر، والمكان الواحد (One Stop Shop) لا تتم خدمته بخلق طبقة فوق أخرى لإصدار قرار منح الرخصة (طبقة المندوب المفوض، وطبقة اللجنة المختصة وطبقة رئيس الهيئة وطبقة اللجنة الحكومية). كما يجب أن يتم توظيف تكنولوجيا الاتصال لحوكمة إجراءات منح الرخصة. وفي هذا السياق نقترح ان يتم تقديم طلب الترخيص الكترونياً من خلال الاستعانة بالخدمات الالكترونية ( E-Services)، الخاصة بالهيئة على النحو التالي :
• ان يكون للمستثمر (اسم مستخدم) و (كلمة مرور) كوسيلة اتصال ودخول الى النظام الخاص بهيئة الاستثمار.
• يقوم المستثمر بتقديم طلب الترخيص وتحميل الوثائق المطلوبة للحصول على الرخصة من خلال الموقع الالكتروني للهيئة.
• عند تقديم الطلب يقوم النظام بأرسال رسالة نصية الى جهاز المستثمر الخلوي او بريده الالكتروني للتأكيد على استقبال الطلب من قبل الهيئة. حيث أن الطلب يحصل على رقم تعريفي خاص به.
• يستطيع المستثمر متابعة حالة الطلب الكترونيا من خلال النظام.
• خلال اسبوع من تقديم الطلب يقوم المندوب المفوض أو اللجنة صاحبة الاختصاص بدراسة الطلب والتحقق من الوثائق المقدمة. فإن تبين لها وجود نواقص في الوثائق فعليها اشعار المستثمر (خلال مدة الاسبوع) من خلال رسالة نصية او من خلال البريد الالكتروني الخاص به، بضرورة تزويد الهيئة بالوثائق المطلوبة خلال أسبوع من تاريخ الاشعار.
• في حال عدم وجود اي نواقص، أو في حال وجودها وقيام المستثمر بتزويد الهيئة بها خلال أسبوع من تاريخ اشعار المستثمر بضرورة تزويد الهيئة بها، تصدر الهيئة قرارها خلال مدة أقصاها (21) يوما من تاريخ تقديم الطلب إما برفض الطلب أو بالموافقة عليه واشعار المستثمر بذلك من خلال قنوات الاتصال المذكورة. واذا انقضت هذه المدة (أي 21 يوماً) ولم يصدر القرار صراحة بالموافقة أو الرفض، تعد الهيئة قد وافقت ضمنيا على الطلب ويصدر النظام الالكتروني هذه الموافقة (آلياً) ويشعر المستثمر بذلك من خلال قنوات الاتصال المذكورة ويقوم المستثمر بتحميل هذه الموافقة من خلال النظام الالكتروني. إن الأخذ بهذا الطرح من شأنه أن ينهي بيروقراطية الإدارة ومماطلتها وتسويفها وتعسفها وسوء استخدامها للسلطة ويدفع القائمين على الإدارة الى الإسراع في دراسة طلبات الترخيص (لتفادي الوصول الى حالة الموافقة الضمنية) ويحد من الفساد الإداري والمالي والواسطة والمحسوبية. وغني عن القول أن هذا الطرح يقلص المدة اللازمة لإصدار القرار عوضاً عن المدد الطويلة التي تضمنتها المادة (18) من قانون الاستثمار.
أما القاعدة الثانية والتي مفادها أن القرار الإداري يولد ومعه قرينة السلامة، فيستوجب الأمر ضرورة التخلص منها بتوعية القضاة وتنبيههم الى أنها أصبحت قاعدة بالية وأنها تعزز تغول الإدارة على حقوق الافراد ولا تخدم الاستثمار ولا تحقق العدالة والانصاف لأصحاب الحقوق.
أن ما سبق بيانه يمكن تطبيقه ايضاً على الكثير من التشريعات القطاعية ذات الصلة بالاستثمار كقانون الشركات وقانون الأوراق المالية وقوانين النقل والطاقة وغيرها.
خلاصة القول، إن لم نسارع الى الإصلاح التشريعي للحد من تعسف الإدارة، لن نتأهل لدخول سباق التنافس على المستثمرين. فهل من مجيب؟؟؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :