بغض الطرف عن تلك الفوضى العارمة والمخجلة التي رافقت إعلان نتائج الثانوية العامة صباح اليوم، إلا أن سماء عمان والمحافظات إمتلأت بدوي الألعاب النارية، وضجت شوارعها بالفاردات الصاخبة، وقد يكون أن هذه الظاهرة قد تولدت لدينا، إي ظاهرت إطلاق الألعاب النارية في عز الظهر، نتيجة شغفنا بالصوت وتبعياته ونغماته.
فقبل اختراع البارود، كان صوت دق النجر(المهباش) هو الذي يجمع الناس لأفراحهم وأتراحهم، وهو الذي يعلن عن تجمعهم في مناسباتهم، فالمظلوم أو المضيوم أو المفزوع، كان يدق مهباشه بقوة؛ ليجمع الناس إليه، ورغم أن هذا المهباش صار فعلا ماضيا واسقر في خزائن المتاحف وبتريناته، إلا أننا ما زلنا نتمسك بصوتيته ورمزيته، ولهذا لا نتوانى أن نستخدم الألعاب النارية كأداة صوتية، ليس إلا.
فنحن في غالب أمرنا، يحلو لنا أن نكون ظاهرة صوتية، فعدا عن تمترس بعضنا خلف القاعدة التكتيكية الشهيرة (خذوهم بالصوت)، فإننا ما زلنا نمعن بتكرار ماضينا التليد، بقوالب جديدة مثيرة للشفقة، وإلا ما المعنى أن نطلق ألعاباً نارية في وضح النهار، أو أن نقرع خزانات الماء الفارغة على أسطح منازلنا في تعبيرنا عن فرحنا: المهم أن نخرج صوتا!.
وما يؤكد أننا ظاهرة صوتية فريدة من نوعها في الأرض، فنحن الشعب الوحيد في العالم، الذي يطلق الألعاب النارية نهارا جهاراً؛ لستمتع بصوتها المفرقع فقط، مستغنيا عن جانبها الضوئي البهيج المفرح، الذي يسر الناظرين ويمتعهم في سواد الليل، وهذا ما لمسناه صباح اليوم بعد إعلان نتائج الثانوية العامة!!.
تقول لنا الفيزياء، إن الضوء يستطيع أن يلف الكرة الأرضية سبع مرات بالثانية الواحدة، فلا شيء أسرع منه في الوجود، والبرق والرعد يحدثان في ذات اللحظة، ولكننا نرى وهج البرق، ثم وبعد فترة نسمع الرعد قارعا أسماعنا، وكذلك الشعوب وسرعاتها في تقدمها، فمنها من هو ضوء يتقدم، فيما آخرون ما زالوا يحبون بأدني من سرعة الصوت في عالم ضوئي، لا يؤمن إلا بسرعة الضوء!.
ramzi972@hotmail.com