أنا منحاز للعسكر بعشق دائم، لأني ابن عسكري قديم، وجل أخوالي من العسكر، وثلة من أعمامي انخرطوا في صفوفه، وطفل من أطفالي ثقب رأسي بإلحاحه المكرور؛ حتى فصلت له بدلة عسكرية مهيبة بقبة حمراء وتاج ونجوم، لتواكب أحلامه الدائمة؛ بأنه سيصبح عسكرياً يحمي الوطن (يطخطخ) الأعداء، في بعض ألعابه وحروبه، أو حين (يدبك) مع أقرانه في روضته مغنياً: والجيش يا حي الله.

كلنا يعتز بجيشنا العربي الباسل، ولكل منا جبهته، التي يرابط عليها في ميادين الحياة وساحاتها وفعالياتها، فهذا بقلمه وورقه وكتابته وصحيفته، وذلك بطبشورته وسبورته، وآخر وراء رشاشه ومدفعه، وهذا ليس بجديد علينا، بل عتيد عتيد، ولا نحتاج أن نؤكده كل حين وأوان.
لكن ما آلت إليه قضية الزميلين موفق محادين وسفيان التل، الموقوفين في سجن جويدة، اللذين تمنينا لو تم تكفيلهما، ريثما يقول القضاء كلمته الفاصلة والعادلة. أو تمت معاملتهما بطريقة تليق بأصحاب الرأي. هذاالأمر يجعلنا نؤكد أن القضاء مظلتنا التي تظل الجميع دون استثناء، وهذا مصدر فخر ثانٍ نضيفه، بكل إيمان لمقدرات ومكتسبات البلد.

وقبل كل شيء، ومن نافلة القول،أن نعيد التأكيد على أن ما من كاتب يعضُّ بطن أمته، أو يعقر ناسه، أو يدوس على مقدرات بلده، وما من كاتب إلا وينحاز إلى تراب بلده، ولو اختلفنا في الأسلوب والطريقة والنهج، عندها على المتضرر أن يلجأ للقضاء، وهذا حق طبيعي لا يسلب من أحد.

ولهذا، وكما إننا لم ننكر حق التقاضي على أحد؛ فإنني وددت لو لم أسمع من الذين لجأوا لحكم القضاء في قضية الزميلين، قولهم أنهم في هذا المرة يلجأوؤن إلى القضاء، وأنهم في المرة القادمة سيقطعون لسان من يمس جيشنا. فهذا كلام كبير وثقيل، سيشعرنا بالضيق، وبالضيق الأكيد، وسيشعرنا أننا في خندقين متقابلين، لا في خندق واحد.

الجيش للجميع، وحماية وسند للجميع، ولا يحق لأحد أن يختبىء وراءه، ويستقوي على الآخرين ويتوعد بقص ألسنتهم.
ramzi972@hotmail.com