facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سورة الكهف


د. يوسف عبدالله الجوارنة
21-07-2020 09:52 AM

نظر الوالد في وجهي وَلَديه، وقرأ فيهما رغبتهما عن الانتظام في المراكز الصّيفيّة لتحفيظ القرآن الكريم، التي تبدأ في (غُرَّة تمّوز) من كلّ عام، بمبادرة من جمعيّة المحافظة على القرآن الكريم في المراكز القرآنيّة التّابعة لها، ومن وزارة الأوقاف والشّؤون والمقدّسات الإسلاميّة في المساجد. وينتظم الطلاب طول شهر كامل في حلقات التّحفيظ، بين يديّ ثلّة من الأساتذة المتطوّعين الذين يَحْرصون على مراجعة محفوظات الطلاب، ويقدّمون لهم مستويات جديدة في الحفظ؛ فمن الطلاب من يتابع بعدُ في المراكز الدّائمة، ومنهم من ينتظر لعام قابل.

رغبا عن ذلك؛ لأنَّ المُشرفَيْنِ اللذين يتولّيان التّحفيظ في المركز أو المسجد الموجودَيْنِ في الحيّ الذي يَسْكنان فيه، فيهما غلظة وتراخٍ فضلا عن تنفير؛ أحدهما اجتهد وتقدَّم في العلوم الشّرعيّة، ويعمل لدى مؤسّسة أكاديميّة، تلحظه وقد خلصت فيه الحياة؛ فإذا مشى جرَّ رجليه، وكان أبطأ من غراب نوح، وإذا تكلّم لا تَسْمع منه إلا همسًا، لا يَسْتوعب الطلاب ولا يُلاطفهم، كأنّهم معه في غرفة صفّيّة لها رباط ونظام. وثانيهما يعمل لدى الأوقاف: لم يُحصّل تحصيل الأوّل، لكنّ فيه فتوّة وشدّة، وسرعة حركة، ومبادرات في الكلام. ربعة، مفتول، يُحبّ العمل لكنّه تنقصه الخبرة والقدرة على استيعاب الطلاب في حلقات التّعليم. لذلك، كان الطلاب يشاغبون وينفرون ويعاندون ولا يحفظون؛ فإنّ الرّجلين يؤدّيان نشاطًا لأجَلٍ، وهما في غيبة عن الاحتواء والحنوّ والاستيعاب.

أدرك الوالد الذي كان يَدْفع بولديه كل عام إليهما، أنْ لا فائدة من غَصْبهما وإكراههما، فقال لهما وقد عَلَت صُفرةٌ مُحيّاهما، وتَجمّد ماء الحياة فيهما، وتَحْدوه رغبة في أن يعيشا في ظلال القرآن الكريم: ما بكما؟ وما دهاكما؟ قالا: لا نَحْفظ عند الشّيخين "وأبونا شيخ كبير"، فطرب الوالد إليهما، وقال لهما: احفظا معي "سورة الكهف" التي تقرآنها كلّ جمعة، ففي حديث أبي سعيد الخُدريّ، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- قال: "مَنْ قرأ سورة الكهف كما أنزلت، كانت له نورًا يوم القيامة من مقامه إلى البيت العتيق" (المستدرك/ 2072)، وعنه -موقوفًا- قال: "مَنْ قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء الله له من النّور ما بين الجمعتين" (المستدرك/ 3392)، وفي حديث أبي الدّرداء عن رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- قال: "مَنْ حفظ عَشْر آياتٍ من أوّل سورة الكهف، عُصِم من فتنة الدجّال" (مسلم/ 257). ثم قال: إنَّ قراءتها في كلّ أسبوع يُدخل في قلب المؤمن سكينة وطمأنينة، يفتقدهما إنْ تَراخى في قراءتها والأنس بها، وإن لكل منكما -إذا حفظتما- جائزة قيمة في نهاية الأمر. هنا هزّ الولدان رأسيهما، وقالا: نعم.

جلس الوالد إليهما، وقرأ بين يديهما السّورة قراءة صحيحة، واستمع إلى قراءتهما في السّطور مرّة وثانية وثالثة، وطلب منهما -وقد هيّأ لهما- أنْ يَسْتمعا إلى أحد المُقرئين المُجوّدين، ويتابعا معه السّورة حرفًا حرفًا، وبعد أنْ طابت نفسه بقراءتهما تَرَكهما إلى الأجل المَضروب. وكان في نهاية كلّ أسبوع يسائلهما، وهما يُراجعانه إنْ عرض لهما عارض في القراءة والحفظ.

غدا الوالد يَلْحظ سعادة مشرقة بادية على ولديه وهما يَحْفظان "سورة الكهف"، وكانا من قبل شاحبين كأنّهما يَمْشيان في بيداء لا ماء فيها. وفي اليوم الموعود كان اللقاء، ما أجمل اللقاء! إذْ قدّم الولدان حفظًا رائقًا في الصّدور، وحَصَل أحدهما من مئة على درجة مئة، وقصّر الآخر عنه في ثلاثٍ، ثمّ أخذ كلٌّ منهما جائزته وانصرف.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :