كارلوس سليم: «الامبراطور العادي» الذي يراقص الأرقام
13-03-2010 05:33 AM
ملاك عقيل
لا يُشبهه لقب «ميداس»، البطل الأسطوري... والأحمق الحالم بتكديس المال من دون جهد. مع ذلك يحلو للكثيرين مناداته بـاسم «ميداس»، مع ميل لتغيير مغزى الأسطورة.
ليس في وجهه ما يوحي بالاستثناءات، لكن كارلوس سليم الحلو (مواليد 1940) يتقن الكثير ويتلبّس دهاءً يجعل من اسمه بحد ذاته لقباً. يبادر ويتحرك عندما يعجز الآخرون عن الحركة. يتحاشى السياسة ويساير أسيادها. يمزج بين ذكاء لامع وأعصاب فولاذية ومعرفة دقيقة بقوانين اللعبة. يلاعب الأرقام كالدمى، يرقّصها في رأسه، الأرجح ليس بدافع الجشع. فصاحب إمبراطورية المليارات ينام على وسادته مقتنعاً بأنه «لن آخذ شيئاً معي إلى اللحد».
قبل عام ونصف اشترى كارلوس سليم، المكسيكي اللبناني الأصل (علماً أن صحيفة «ميلييت» التركية أشارت في عددها الصادر أمس، أن سليم من أصل تركي، هاجر أجداده من لبنان عام 1902)، نسبة 6,4 في المئة من الشركة التي تملك صحيفة «نيويورك تايمز». كانت المرة الأولى التي يستثمر فيها سليم في المجال الإعلامي، بعدما تركزت امبراطورية استثماراته طوال السنوات الماضية في قطاع الاتصالات. خطوة إضافية «متواضعة» في سجل انتصاراته الذهبية، لكنها كانت كفيلة بدفع كارلوس للإمساك بيد بيل غيتس، أغنى أغنياء العالم، وإزاحته عن واجهة «السطوة المالية». يومها قال «ميداس»: «لا يهمني أن أكون أغنى رجل في العالم... لا أعرف إذا كنت الرقم واحد أم الرقم 20». ويعبر صاحب المليارات عن أولوياته في طلاّته الإعلامية النادرة: «تحقيق تناغم بين أعمالي وحياتي الأسرية والشخصية... هذا أهم من ثروتي». لأسباب تخصه ابتعد طويلاً عن عالم الأضواء، وبقرار ذاتي منه انجذب مجدداً الى إغراءاتها.
يتحدث بالتفصيل عن شغفه بلعبة البايسبول الأميركية. يعرض بفخر مجموعته الفنية من اللوحات والمنحوتات. ويشرح باعتزاز كيف ورث الفطنة في إدارة الأعمال من والده المهاجر اللبناني يوسف (جوليان) سليم، الذي استثمر في العقارات وافتتح متجراً في ذروة الثورة المكسيكية. قبل كل شيء، يعترف سليم بهوسه اللامحدود بالأرقام: «بعض الأشخاص تعنيهم الكلمات، وأنا تعنيني الأرقام». معادلة ملياراته الـ53 بسيطة وغير معقدة: «شراء شركات بأسعار رخيصة وإدارتها بذكاء لتحويلها الى مصدر ربح». فلسفة تقترب من أسلوب وارن بافيت، المنتمي الى نادي أغنياء العالم، أكثر منه الى أسلوب بيل غايتس. هي الأرقام نفسها التي يقول إنها تبرّئه من الاتهامات بممارسة الاحتكار وباستخدام نفوذه لخنق المنافسة.
شركة «تليمكس» للاتصالات هي جوهرة التاج التي حوّلت كارلوس من ثري عادي الى رجل فاحش الثراء، وفتحت أمامه أبواب جنّة المليارات. هو الشخص نفسه الذي، منذ كان في العاشرة من عمره، امتلأت جيوبه بالمال لأنه يبيع المشروبات والوجبات الخفيفة لأفراد أسرته والأقارب. حين أصبح شاباً لم يفارقه الدفتر والقلم. يقيّد كل ما يكسب وما ينفق. اليوم تضم امبراطوريته عدداً من أشهر متاجر التجزئة الكبرى في المكسيك، وأكبر شركاتها للاتصالات والفنادق والمطاعم والتنقيب عن النفط وشركات للبناء، وفي جيبه ورقة صغيرة تذكّره إذا نسي أنه «أغنى أغنياء العالم».
البداية كانت تأسيس شركة «انبورسا» الاستثمارية عندما كان في الـ25 من عمره، ثم شركة «كارسو» للعقارات... وتطول اللائحة، إلا أن الاستثمار الانساني الأحب الى قلبه هو زواجه من سمية ضومط جميل ـ المكسيكية اللبنانية الأصل.
ملياردير الكوكب يقول «الثروة مثل البستان... عليك أن تجعله ينمو ويثمر ليصبح أكبر وأكثر تنوعاً». مع ذلك تتناقض ثروة سليم بشكل كبير مع نمط حياته المقتصد. يعيش في المنزل نفسه في المكسيك منذ 40 عاماً. يقود سيارة مرسيدس قديمة لكن مدرعة وترافقه مجموعة من الحراس. يتحاشى اليخوت والطائرات الخاصة وأساليب حياة النخبة في المكسيك. في الآونة الأخيرة سلّم «الأمبراطور» الإدارة اليومية لشركاته، لأبنائه الثلاثة وبعض شركائه في العمل، مع العلم أن أكثر من ربع مليون عامل يداومون كل يوم في شركات «العملاق». معاونوه يقولون إن أهم أسباب نجاحه تأكيده الدائم بأن رجل الأعمال يجب أن يكون مطيعاً لمستشاريه في كل ما لا يملك خبرة فيه. وما لا يعرفه الكثيرون عن «الامبراطور» اللبناني المهادن للساسة، أنه في قلب المواجهة ضد الهيمنة الأميركية على العالم، ويحارب «مقلّدي الأميركيين». لكن هذا لا يمنعه من البحث عن فرص استثمارية في الولايات المتحدة، من دون أن يضطر بالضرورة الى التحدث باللغة الإنكليزية التي يتقنها ويرفض التحدث بها في المناسبات العامة.
السفير.
......................
أغنى رجل في العالم كان منذ صغره رجل أعمال داهية
(رويترز) - ظهرت بوادر موهبة مبكرة على كارلوس سليم وهو مكسيكي من أصل لبناني حصل على لقب أغنى رجل في العالم لهذا العام.
كانت جيوب سليم منذ أن كان طفلا في العاشرة من العمر تمتليء بالنقود لانه كان يبيع المشروبات والوجبات الخفيفة لأفراد أسرته.
وحين كان شابا كان يحتفظ بدفاتر يقيد فيها كل ما يكسبه وما ينفقه واشترى سندا ادخاريا حكوميا تعلم منه دروسا قيمة عن الفائدة المركبة.
وبعد ذلك باكثر من نصف قرن جمع سليم (70 عاما) ثروة قدرها 53.5 مليار دولار ليتفوق على مؤسس مايكروسوفت بيل جيتس ويتصدر قائمة أغنى أغنياء العالم وفقا لتصنيف جديد نشرته مجلة فوربس يوم الاربعاء الماضي.
وتضم امبراطوريته الضخمة عددا من اشهر متاجر التجزئة الكبرى في المكسيك وأكبر شركاتها للاتصالات والفنادق والمطاعم والتنقيب عن النفط وشركات للبناء وبنك انبورسا مما يجعل من الصعب أن يمر يوم في المكسيك دون أن تدفع له بعض المال.
وخارج المكسيك يملك سليم حصصا في مجموعات مرموقة مثل ساكس للتجزئة وشركة نيويورك تايمز.
وفي عام 1990 كانت هناك علامة فارقة في مشواره حين اشترى هو وشركاؤه شركة الهاتف الحكومية تيلمكس مقابل 1.7 مليار دولار. وحولها الى جوهرة تدر المال وأنشأ شركة امريكا موفيل ووسعها من خلال صفقات استحواذ لتصبح رابع اكبر شركة للخدمات اللاسلكية على مستوى العالم.
وفي حين يتهمه منتقدون باللجوء للاحتكار لجمع ثروته فان سليم له فلسفة بسيطة بشأن جمع الاموال.
وقال لرويترز في عام 2007 "الثروة مثل البستان... في البستان ما يجب أن تفعله هو أن تجعله ينمو وتستثمر فيه ليصبح اكبر او تنوع لتخوض مجالات أخرى."
وما يميز سليم الذي يدخن السيجار هو شراء المؤسسات التي تواجه مشاكل وتحويلها الى مناجم ذهب.
وفي عام 2008 اشترى حصة أقلية في نيويورك تايمز حين هبط سعر السهم. الان يمكن أن يدر عليه مبلغ 250 مليون دولار أقرضها للناشر 80 مليون دولار وأن يمنح سليم حصة قدرها 16 في المئة. لكن سليم يقول انه غير مهتم بأن يصبح من بارونات الاعلام الامريكي.
لكن استثمار سليم في الصحف احدث هزة في المؤسسة الاعلامية بنيويورك. وفيما تكهن مستثمرون الاسبوع الماضي بأنه قد يتحرك للاستحواذ على حصة اكبر في صحيفة التايمز فان عملاق الاعلام روبرت مردوك قال انه يشك كثيرا في أن تتخلى العائلة عن السيطرة لغريب خاصة من خارج البلاد.
تعلم سليم دروسه الاولى في التجارة من والده جوليان سليم حداد وهو مهاجر لبناني جاء الى المكسيك في أوائل القرن العشرين وافتتح متجرا باسم (نجمة الشرق) واشترى عقارات بأسعار رخيصة اثناء الثورة المكسيكية.
وفي عام 1987 حين هبطت الأسهم خلال واحدة من أزمات المكسيك الكثيرة رأى سليم فيها فرصا بينما خشي اخرون من حدوث كوارث واشترى اسهما بأسعار منخفضة وباعها حين تعافت.
وقال سليم ذات يوم "نعلم أن الازمات تكون دائما مؤقتة وليس هناك شر يستمر 100 عام. هناك دائما قفزة.
"حين تكون هناك أزمة يدعو هذا الى التكيف. يحدث رد فعل مبالغ فيه وتبخس قيمة الاشياء."
وتتناقض ثروة سليم الهائلة بشدة مع نمط حياته المقتصد. وهو يعيش في نفس المنزل منذ نحو 40 عاما ويقود سيارة مرسيدس قديمة غير أنها مدرعة ويتبعها حراس. وهو يتحاشى الطائرات الخاصة واليخوت والاشياء الفاخرة الاخرى التي تقبل عليها النخبة بالمكسيك.
بعد أن درس الهندسة أسس سليم شركة عقارات وعمل سمسارا في بورصة المكسيك.
ومع تنامي ثروته فتح شركة سمسرة في منتصف الستينات وبعد ذلك بعشر سنوات بدأ ممارسة الهواية التي تميزه بشراء شركات متداعية من بينها شركة للسجائر. واشترى متجر ومقهى (سانبورنز) وشركة لادارة المناجم وشركة لصناعة الكابلات والاطارات.
وبحلول عام 1990 كان سليم قد كون ثروته التي استخدمها مع شركاء لشراء تيلمكس ليدشن امبراطورية للاتصالات. ولدى شركة ( امريكا موفيل) الان 201 مليون عميل من البرازيل الى الولايات المتحدة.
وسلم سليم الادارة اليومية لشركاته لابنائه الثلاثة وشركائه الاوفياء في العمل لكنه يظل مسؤولا بشكل واضح حين يظهر معهم في وسائل الاعلام.
ويشارك سليم في مكافحة الفقر والامية وسوء الرعاية الصحية في امريكا اللاتينية ويشجع مشاريع رياضية للفقراء لكنه لم يعلن قط اعتزامه تخصيص مبالغ كبيرة من ثروته للاعمال الخيرية مثل جيتس او الملياردير وارن بافيت.
ويقول ان رجال الاعمال يفعلون خيرا اكبر حين يوفرون الوظائف والثروة من خلال الاستثمار لا أن يكونوا مثل "بابا نويل" الذي يحقق الامنيات.
من نويل راندويتش