facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إصلاحات ضريبية دون فرض ضرائب جديدة


محمد نور الدباس
16-12-2025 01:30 AM

خلال تصريح لمدير العام لدائرة ضريبة الدخل والمبيعات حسام أبو علي، أن الحكومة تبنّت خطة للقيام بإصلاح ضريبية دون فرض أي ضرائب جديدة أو زيادة في معدلات ونسب الضريبة الحالية، فما هي الإصلاحات الضريبية دون فرض ضرائب جديدة؟ وفي هذا الإطار توضيحاً لذلك نقول إنها الطريق الأصعب والأكثر عدالة، ففي كل مرة تُطرح فيها مسألة الإصلاح الضريبي، يتبادر إلى الأذهان هاجس واحد، هل يعني ذلك زيادة جديدة على الضرائب؟ غير أنّ الإصلاح الضريبي الحقيقي لا يُقاس برفع النِسَب، بل بقدرة الدولة على بناء نظام عادل وكفؤ يحقق إيرادات مستدامة دون إنهاك المواطن أو خنق الاقتصاد.

فالحديث عن إصلاحات ضريبية دون رفع الضريبة يعني الانتقال من منطق الجباية السهلة إلى منطق الإدارة الرشيدة، فالمشكلة في كثير من الدول، ومنها الأردن، لا تكمن في انخفاض نسب الضرائب بقدر ما تكمن في ضيق القاعدة الضريبية، واتساع الاقتصاد غير المنظّم، وضعف الامتثال الضريبي.

وأولى خطوات هذا النوع من الإصلاح تتمثل في توسيع القاعدة الضريبية، بحيث يدفع كل من يحقق دخلًا أو ربحًا نصيبه العادل، بدل استمرار تحميل العبء على شريحة محدودة من الموظفين وأصحاب الدخول الثابتة، فدمج الأنشطة غير الرسمية، ومكافحة التهرب الضريبي، كفيلان بزيادة الإيرادات دون المساس بجيوب الملتزمين.

كما يشكّل تحسين آليات التحصيل محورًا أساسيًا في الإصلاح، فاعتماد الأنظمة الإلكترونية، وتطوير قدرات التدقيق، والحد من التسرب المالي، لا يقل أهمية عن أي تعديل تشريعي. فالدولة التي لا تحصّل ما هو مستحق لها، لا يحق لها أن تطالب المواطنين بالمزيد.

ومن بين أكثر الملفات حساسية، ملف الإعفاءات الضريبية، فالإصلاح لا يعني إلغاء الإعفاءات الاجتماعية، بل مراجعة الامتيازات التي مُنحت دون معايير واضحة، ولم تُثبت أثرًا حقيقيًا على الاستثمار أو التشغيل. إن إعادة توجيه هذه الإعفاءات نحو مستحقيها يعزز العدالة ويغلق أبواب الهدر.

ولا يمكن لأي إصلاح ضريبي أن ينجح دون تحقيق العدالة الضريبية، فالشعور السائد بعدم المساواة بين المكلّفين يقوّض الثقة ويضعف الامتثال. حين يرى المواطن أن القانون يُطبّق على الجميع، وأن الشركات الكبرى والأرباح العالية تخضع لرقابة حقيقية، يصبح الالتزام الضريبي خيارًا أخلاقيًا قبل أن يكون التزامًا قانونيًا.

في المحصلة، الإصلاح الضريبي دون رفع الضريبة هو خيار سياسي واقتصادي شجاع، يتطلب إرادة حقيقية لمواجهة التهرب، وضبط الامتيازات، وتحسين الإدارة. وهو الطريق الأصعب، لكنه الطريق الوحيد الذي يوازن بين حاجة الدولة للإيرادات وحق المواطن في نظام ضريبي عادل ومحفّز للنمو، فالدول لا تُبنى بكثرة الضرائب، بل بحُسن إدارتها.

وبالنتيجة القيام بـإصلاحات ضريبية دون رفع الضريبة يعني إدخال تغييرات على النظام الضريبي وآليات عمله بهدف تحسين العدالة والكفاءة وزيادة الإيرادات من دون زيادة نسب الضرائب أو فرض ضرائب جديدة على المواطنين. ويمكن توضيح ذلك عبر عدة محاور؛ منها محور توسيع القاعدة الضريبية أي زيادة عدد المكلّفين بدفع الضريبة بدل تحميل العبء على نفس الفئات، وذلك من خلال؛ دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد المنظّم، ومن خلال مكافحة التهرّب الضريبي، ومن خلال إلزام الأنشطة غير المسجّلة بالتسجيل الضريبي، والنتيجة هنا إيرادات أعلى دون رفع النسب.

ومحور تحسين التحصيل الضريبي ويشمل؛ تطوير أنظمة التحصيل الإلكترونية، وتقليل التسرب والفساد الإداري، وتسريع إجراءات التدقيق والمطالبة، والنتيجة هنا أن الدولة تحصل على مستحقاتها كاملة دون زيادة العبء، ومحور إعادة هيكلة الإعفاءات والتنزيلات، أي؛ مراجعة الإعفاءات غير المبرّرة، وإلغاء الامتيازات الضريبية التي لا تحقق فائدة اقتصادية أو اجتماعية، وتوجيه الإعفاءات لمستحقيها الحقيقيين، والنتيجة هنا عدالة أكبر دون فرض ضريبة جديدة، أما محور تحقيق العدالة الضريبية فيظهر من خلال؛ تطبيق الضريبة التصاعدية بشكل عادل، والحد من التلاعب المحاسبي للشركات الكبرى، ومساواة المكلّفين أمام القانون، والنتيجة هنا أن يشعر المواطن بعدالة النظام حتى دون زيادة الضريبة، وأخيراً محور تشجيع الامتثال الطوعي عبر؛ تبسيط الإجراءات، وتعزيز الثقة بين الدولة والمكلّف، وربط الضريبة بالخدمات العامة بشكل واضح، والنتيجة هنا ارتفاع الالتزام دون ضغط قسري.

خلاصة القول، إن الإصلاحات ضريبية دون رفع الضريبة تعني؛ تحصيل أفضل، وعدالة أوسع، ونظام أكثر كفاءة، بدلًا من الحل السهل وهو رفع النسب الذي يرهق المواطن ويضر بالاقتصاد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :