facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السلط الألم الصامت


د.مصطفى التل
26-11-2020 01:13 AM

* السلط الأصل اللغوي والبشري :
السلط تتربع على مرتفعات البلقاء , وتبعد عن العاصمة عمّان نحو 30 كم , السلط ترجع بأصلها اللغوي الى الكلمة اليونانية (سالتوس) , وهو اسم القائد اليوناني الذي فتحها زمن الإسكندر المقدوني , وللمعنى ترجمة في العربية يحمل عدة أوجه , منها "الوادي المشجر" أو "أرض التين والعنــب" أو "الجبال المقطوعـة" أو "الحجر القاسي". هذا وعُرفت السلط بأسماء متعددة عبر التاريخ منها جادارا بمعنى "الجدار الحائط"

التواجد البشري في السلط يعود بجذوره الى العصر الحجري والبرونزي (3500-2000) ق.م , وهي بذلك تُعد من أقدم المدن في المنطقة بعد ( أريحا ) , مدينة السلط كانت عامرة في العصر العمَوني أو ما يعرف بزمن العمونيين , وبقيت مزدهرة في زمن اليونان والرومان , وقبل الاسلام كانت محط قوافل لبلاد الشام , حتى أن أبا سفيان رضي الله عنه اشترى ضيعة في ضواحي السلط قبل اسلامه أثناء تجارته الى الشام , وقام ابنه يزيد بفتح السلط صلحا أثناء الفتوحات الاسلامية لبلاد الشام .
وتوالى على السلط العهد الأموي ومن ثم العباسي , حتى جاءت الغزوات الصليبية و دخلها الصليبيون فدمروا جميع الآثار العباسية والاموية فيها , وهدموا قلعتها , وجعلوها مركزا للانتاج الزراعي حيث كانوا ينقلون نصف انتاجها من الحبوب والفواكه إلى ملك الفرنج في القدس , ومن ثم استردها صلاح الدين , ومن ثم العصر المملوكي , ومن ثم دولة الخلافة العثمانية .

و السلط المدينة الحديثة تتكون من ثلاثة جبال هي ( السلالم , الجدعة , القلعة ) , حيث يتشكل مركز المدينة عند التقاء الوديان الثلاثة بشكل ضيّق ومبسط للمدينة حيث ضم مساجد ومراكز ادارية تابعة للدولة , وبعض المرافق التجارية , كما أنها تضم بعض عيون الماء , بينما تتوزع التجمعات السكانية على سفوح الجبال الثلاث , والتي تسمى بــ( المحلات ) , والمحلة هي منطقة سكنية تضم عددا من الحارات وتضم عشيرة او اكثر، فالمدينة تتنوع في التقسيمات على اسس النسب او المصالح او القرابة .

* السلط الأثرية :
السلط جذورها ضاربة في التاريخ الانساني , لذلك هي عامرة بآثار تلك الحقب المختلفة , فمن الآثار الرومانية في تل الجادور، مثل الآبار والأعمدة الحجرية والأواني الفخارية والنحاسية والنقود التي تعود للقرن الأول قبل الميلاد، إضافة إلى الأرضيات الفسيفسائية في منطقة مدرسة السلط الثانوية, إلى المقابر الرومانية، وقلعة الأيوبيين التي بناها السلطان الأيوبي عيسى بن أيوب عام 1198.
وليس انتهاءا بمقبرة العثمانيين , مبانيها أخذت الطابع الاسلامي , وتأثرت بالنظام العام للمباني في نابلس حيث أنها كانت ضمن قضاء نابلس ابان الحكم العثماني , هذه المباني تتميز بالحجر الأصفر والقباب والنوافذ القوسية .
السلط انفردت عن باقي أخواتها في المملكة الأردنية الهاشمية بضمها أكثر من 23 مبنى تراثيا , وأكثر من ألف بيت تراثي كانت تمثل عصرا ذهبيا لبلاد الشام ورافدا أساسيا لها, والناظر بشكل عام لمدينة السلط المركز ومبانيها يجدها أنها تتميز بطرق رأسية تصلها مجموعة أدراج مما أعطى المدينة طابعا خاصا ومنظرا فريدا .

*السلط السياحية :
وسط مدينة السلط يقدم نموذجا متميّزا لمتحف تاريخي معاصر , حيث تتميّز السلط السياحية بعدة انواع سياحية تنقسم الى عدة مسارات تتناسب مع طبيعة السياح أنفسهم , أجملها المهندس ( أيمن أبو جلمة ) مدير سياحة السلط في تقرير أعدته صحيفة ( الدستور ) الأردنية بأربع مسارات سياحية :

المسار ألأول ( مسار الوئام ) :

مسار الوئام وهو الأول الذي ينطلق من المتحف ويتحدث عن التعايش الديني والترابط الإجتماعي والتكامل المعماري، ومن ثم زيارة ساحة العين؛ التي سميت بهذا الإسم نسبة لعيون المياه الغزيرة التي كانت مصدرا رئيسياً لسكان المدينة والمكان الذي كان وما زال أهل المدينة يجتمعون فيه لغايات إجتماعية وإقتصاديّة وثقافيّة ودينيّة وترفيهيّة وابرزها الإستمتاع بلعبة المنقلة النبطيّة التي ما زالت متوفرة ومنذ أكثر من أربعمائة عام، وزيارة مسجد السلط الكبير الذي أشار اليه المؤرخون بيركهارت وسيتيزن والذي تعود أصوله الى الفترة المملوكية، وزيارة المجمع الإنجليزي الذي أسس في منتصف القرن التاسع عشر ويحتوي على كنيسة الراعي الصالح والمستشفى الإنجليزي؛ الذي لعب دورا هاما في معالجة ابناء المدينة خلال الحرب العالميّة الأولى وضحايا الزلزال الذي ضرب المنطقة عام 1927م ومدرسة الأحد الأساسية، وزيارة شارع الخياطين والسير في شارع الخضر المؤدي لمقام وكنيسة الخضر "عليه السلام" الذي بني عام (1682) م، والسير ضمن شارع الحمّام حتى الوصول للجامع الصغير وكنيسة دير اللاّتين التي بنيت على الطراز الإيطالي بإرتفاع شاهق وتصاميم روّعة في الجمال، وكذلك العديد من النقاط الجاذبة التي تحتوي على أمثلة حيّة على الترابط الإجتماعي والتعايش الديني والتلاصق المعماري.

المسار الثاني (مسار الحياة اليومية ) :

بحسب ابو جلمة : إ"تحد سكان المدينة في نظام اجتماعي واحد تتشابه فيه عاداتهم وتقاليدهم ونمط حياتهم اليومية واتجاهاتهم الإجتماعية والسياسية، وتجمعهم ضوابط إجتماعية تقوم على مجموعة من القيّم والمعايير والأعراف السائدة يتم الشرح عنها خلال هذا المسار".

لافتا ان هذا المسار يبدأ بمتحف السلط التاريخي في ساحة العين ويستمر حتى ساحة الميدان من خلال شارع الحمّام "الذي هو سبب التسمية نسبة لوجود حمّام تراثي" والذي يحتوي على التجارب الحيويّة والعريقة بمحلات تجارية على جانبيه تسرد قصة المكان ومليء بشتى ملامح الحياة المعاصرة الممتدة من فترات الإزدهار وبمعظم تفاصيلها، تستوقف الزائر اثنان وعشرون نقطة خلال المسار ليعيش تجربة أهل المدينة وتختلط برائحة القهوة والهيل لدى العطّارين ومحلات الحلويات التي تُحضّر يدوياً على مدار العام بنكهة السمن البلدي.
ويستطيع الزائر مشاهدة الحرف التراثية الحيّة كحرفة الإسكافي، إلى جانب الحرف القديمة الأخرى كبيع مستلزمات الحيوانات والتبغ والحناء، التي استمرت لغاية الآن، مع سماع أصوات الباعة الذين يهتفون لبيع الخضروات والفواكه والاعشاب البريّة العطريّة منها وذات الاستخدام الطبي لعلاج كثير من الأمراض.

المسار الثالث ( التعليمي ) :

ويتم خلال هذا المسار زيارة المدارس القديمة في المباني التراثية وشرح عن تاريخ ونشأة التعليم في مدينة السلط وأهميتها منذ بروز الحركة التعليميّة وخلال القرن التاسع عشر، وبدء الإهتمام بتأسيس الكتاتيب في المساجد والبيوت، وبعدها المدارس الطائفية للذكور والإناث على حد سواء للبعثات القادمة من أُوروبا ، أما في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين فقد تأسست المدارس الرسميّة بتبرع من أبناء المدينة والذي أكد على وعي الأهالي بأهمية التعليم وأصبحت مدرسة السلط الثانوية التي ما زالت شامخة على جبل الجادور مصدر فخر للمدينة بتخريج العديد من القامات الرفيعة والتي التحق بها الطلاب من كافة أرجاء البلاد.
وفي هذا هذا المسار ينطلق الزائر من متحف السلط التاريخي بجولته إلى مدرسة الأحد وهي من ضمن المجمّع الإنجليزي وتعود لعام (1851) م وبعدها الى مدرسة الروم الأرثوذوكس (1850) م الواقعة بجانب مقام وكنيسة الخضر والتي تستقبل الطلاب المسلمين والمسيحيين على حد سواء للدراسة فيها، ثم ينتقل الى مدرسة دير اللاتين (1886) م بجانب شارع الحمّام وهي من المدارس القديمة في السلط للطلبة المسلمين والمسيحيين، ثم ينهي الزائر جولته في مدرسة السلط الثانوية للبنين التي تعود لعام (1923) م وهي أول مدرسة للتعليم الثانوي في الأردن بتبرع من الأهالي، وبناؤها تراثي مكوّن من قاعات وغرف كبيرة وتحتوي على ساحات واسعه وبلاط الأرضيات المزخرف، وتحتوي على ارشيف متكامل من الصور للخريجين منذ التأسيس، ومتحف الكتاب المدرسي الذي يحتوي على المراجع والكتب التي كانت تدرس منذ تأسيس التعليم الثانوي.

المسار الرابع (التراثي ) :
وهذا المسار متخصص للباحثين والدارسين والمهتمين بتاريخ العمارة في مدينة السلط حيث تم الربط بين أهم المعالم المعماريّة والتاريخيّة للمدينة وإبراز مراحل الإمتداد العمراني وسط المدينة وتطور النماذج والطرز المعماريّة التراثيّة التي تشكل مزيج من العمارة الإسلامية والاوروبية وحسب الفترات والتطورات والأحداث التي عاصرتها المدينة منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، وكذلك تصاميم المباني والطرق الهندسية المتّبعة في البناء وخصوصا الأسقف والمواد المستخدمة ومراحل تعدد الطوابق، والذي ارتبط تصميمها حسب غايات الإستخدام بنماذج متعددة،.

وفي هذا المسار يبيّن ابو جلمة ان الزائر ينطلق من متحف السلط التاريخي بجولته الى الجامع الكبير والمجمع الإنجليزي والمجمعات السكنيّة في ساحة العين ومن ثم صعود الأدراج للإطلاع على وسط المدينة من منطقة مرتفعة ومشاهدة نماذج من المباني في منطقة الجدعة ومن ثم زيارة مقام وكنيسة الخضر وبعض المباني الهامة وبعدها زيارة الجامع الصغير ومجمع دير اللاّتين والمحال التجاريّة والعديد من المباني في شارع الحمّام، ثم زيارة مبنى طوقان ( متحف السلط الاثري) وبعض المباني في شارع الميدان وشارع اليرموك.

ينتهي أبو جلمة من تقديم المسارات السياحية في السلط بقوله : " وتم إستخدام بعض هذه المباني كمتاحف ومعارض ومطاعم وبيوت ضيافة للزوار " .

* السلط الخدمات :

واقع الخدمات بشقيه الحكومي والأهلي في السلط , لا يرتقي الى مكانة السلط التاريخية من جانب ومن جانب آخر لا يرتقي الى ما تصبو إليه السلط من نهضة سياحية وصناعية وخدمية .

فالزائر للسلط يلمس بشكل جلي و واضح نقص الخدمات العامة , وان وجدت يلمس تهالكها , فلا خدمات عامة تقنعه بالبقاء فيها أو زيادة اقامته بها , ولا بنية تحتية تلامس أهدافه من الزيارة .

- الخدمات الحكومية :
تكاد تنحصر الخدمات الحكومية في السلط بمجمع دوائر الخدمات الحكومية " مجمع المناصير" , هذا المبنى الذي يقع على تقاطع جسر زي , لا يتناسب مع ما يضمه من دوائر حكومية مختلفة , من تربية وتعليم ومديرية اراضي السلط ومديرية أوقاف السلط , يضاف اليها صندوق التنمية والتشغيل , وغيرها من الدوائر ذات الطبيعة الكثيفة للتعاملات اليومية المباشرة للمواطنين وللمستثمرين ان وجدوا .

فعدا عن عدم تناسبه مع أقل الاشتراطات الحكومية لتأجير المباني للخدمات الحكومية , فإنه يفتقر الى أقل درجات المرافق العامة التي تؤهله الى أن يكون مجمعا للدوائر الحكومية المختلفة , فلا مواقف للسيارات للمراجعين والموظفين على حد سواء , ولا تنظيم للأنشطة التي تترافق مع هذه الدوائر مثل مكاتب تقديم الخدمات وغيرها .

هذا المجمع حقيقة يعكس للزائر والمواطن في السلط على حد سواء , مدى سوء التنسيق بين الدوائر المختلفة في السلط في انتقاء المباني التي تُرشح لأن تكون مؤهلة لتقديم خدمات عامة للمواطنين , من حيث راحة المواطن أولا , ومن حيث مراعاة طبيعة الخدمات التي ستقدمها الدوائر التي ستتوطن فيه لاحقا .
يضاف الى ذلك , سوء تزويده بمصادر الطاقة مثل الانقطاع المتكرر للكهرباء فيه بشكل يومي تقريبا , وسوء الشبكة الالكترونية فيه أيضا مثل انقطاع خطوط الشبكة العامة للانترنت مما يعطل الدائرة برمتها لساعات طويلة .
كل ذلك يتزامن مع إزدحام خانق في الشارع الذي يخدمه, عداك عن الحوادث شبه اليومية أمام المجمع والكوارث التي تحدث نتيجة هذا الإزدحام , فالمراجع لهذا المجمع , يجد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما :
مخالفة قواعد السير باصطفاف سيارته وذلك لأنه مجبر اجبارا على هذا المجمّع لتلقي خدمته والذي يفتقد الى سعة كافية في هذه المواقف بما يتناسب مع طبيعة التعاملات الكثيفة لهذا المجمع .

أو يجد نفسه أمام مخالفة رقيب السير , الذي يحرر المخالفة وهو غير مقتنع بمخالفته للسائق لطبيعة المجمع المستأجر وافتقاده لأدنى درجات المرافق التي تؤهله لذلك .

يضاف الى ذلك أنه غير مخدوم بمواصلات عامة , مما يسمح بالتخفيف من اصطحاب السيارة الخاصة لانجاز معاملة معينة.

كل زائر لهذا المجمع يلمس هذه المشاكل بشكل يومي , ومع تقديم الاعتراضات المتكررة من المواطنين أو من مدراء الدوائر أنفسهم , لا يجدون إلا الصدود , والاصرار على بقاء المشاكل على حالها , وكأن خدمة المواطن في السلط آخر ما يفكرون به , الأهم عندهم أن المبنى موجود , وفيه دوائر مختلفة , هذا هو الأهم عند المخططين لدى السلط .

وعند مراجعتك لأي دائرة مختصة لتقديم شكوى بخصوص هذه الخدمات وسوءها , ستجد أن الجميع يلقي اللوم على غيره من الدوائر المختلفة , وهو غير مسؤول عما يحدث , وتبقى الصخرة جاثمة على صدر المواطن في السلط , لأن المخطِّط لهذا الأمر لا يجد نفسه مسؤولا عما أحدثه من سلبيات , وبالتالي هو غير مجبر على تعديل ما خطط له أو التخفيف من هذه السلبيات على أقل تقدير .
فالبلدية على سبيل المثال قطعت وعودا بحل المشكلة حسب تصريح لصحيفة الغد , بينما حتى اللحظة لم يلمس المواطن أي اجراء من طرف كوادر البلدية لحل المشكلة , وهذه الوعود تضاف الى وعود كثيرة جدا أطلقت سابقا , ووضعت على رف التنفيذ .


- مجمع السفريات في السلط :
السائح والمواطن والزائر لمدينة السلط يصطدم بداية دخوله الى مركز المدينة بتلوث بصري سمعي فوضوي للمجمع , البنية التحتية متهالكة , الانارة تكاد تكون كافية لرؤية مكان المجمع ليلا , تداخل وسائط النقل بشكل فوضوي , أصوات خارجة تسمع صداها من على السفح المقابل للمجمع , أصوات المسافر تختلط مع أصوات ( الكنترول ) مع اصوات سائقي الوسائط , الفاظ نترفع عن كتابتها .
تدافع على وسيلة النقل , الكل يتدافع , شباب وبنات , شيبا وشبانا , تنظيم دور شبه معدوم , اصطفاف وسائط النقل بشكل منظم كباقي المجمعات في المملكة منعدم .

المجمع لا يوحي بأنه مجمع سفريات , والمكان لا يوحي بأنه يبعد عن مبنى البلدية مسافة 200 متر فقط .
هذا المجمع مثال صارخ على تنازع الدوائر المختلفة في السلط على أدوارها , وتداخل صلاحياتها , وتضارب أهدافها .

هذا المجمع تم طرح عطاء حكومي لتوسعته وتنظيمه في عام 2017 , وبشكل مفاجيء تم الغاء العطاء , بحجة مناقلات مالية للمشاريع الأكثر الأهمية , والتي جراءها تم نقل الموازنة المخصصة للمجمع الى وزارة الطاقة .

البلدية اكتفت بأن المخصصات المخصصة للمجمع تم الغائها , وبالتالي أراحت كاهلها عن تنظيم المجمع , وبدأت المنازعات الجانبية بين البلدية واللامركزية للسلط ووزارة النقل .
وفي كل عام يتم طرح العطاء ويلغى بحجة عدم توفير مخصصات مالية , وزارة النقل وهيئة تنظيم النقل أحالت المجمع ومخصصاته الى اللامركزية للسلط , واللامركزية للسلط تصرح بأنه لا يوجد كتاب رسمي وصلها بهذا الخصوص , والبلدية متمسكة بمشروع التوسعة وتوفير تكاليفه من الحكومة نفسها اسوة بباقي المجمعات في مختلف المحافظات .

مجلس المحافظة متمسك بأنه على استعداد تام للتعاون مع البلدية بشأن التوسعة , ولكن لا كتاب رسمي للآن , وكلفة التوسعة هي خمسة ملايين دينار ونصف , الأمر الذي لا يستطيع مجلس المحافظة توفيره , حسب تقرير منشور على الموقع الالكتروني لهيئة تنظيم النقل البري .
المهندس خالد الخشمان يقول في نفس التقري المنشور : "ان عطاء توسعة وتأهيل مركز انطلاق ووصول حافلات السلط طُرح في العام 2017 ،وتم تخصيص الكلفة المالية للبدء بالتنفيذ الا ان الحكومة قامت بالغاء العطاء في حينه وتحويل مخصصاته المالية الى وزارة الطاقة".
يضيف الخشمان : " ان المشاورات بين الجهات الرسمية افضت الى تحويل المشروع على موازنة مجلس المحافظة (اللامركزية ) يتم من خلالها تخصيص مبلغ 5.5 مليون لتنفيذ المشروع الا ان عدم رصد اي مبلغ عن طريق اللامركزية حال دون التنفيذ العام الحالي".

بينما يبرر موسى العواملة رئيس مجلس اللامركزية في البلقاء بقوله : «ان مجلس المحافظة على استعداد تام للتعاون مع بلدية السلط الكبرى لتنفيذ المشروع في حال وصول كتب رسمية تفيد بادراج المشروع على موازنة اللامركزية رغم ان موازنة اللامركزية لا تتحمل تخصيص مبلغ 5.5 مليون في عام واحد ولكن سيتم تنفيذ المشروع على عدة سنوات، حتى يستطيع المجلس تأمين المخصصات المالية المطلوبة"
بينما الناطقة الاعلامية لهيئة النقل البري( عبلة وشاح) بررت موقف الهيئة بان الهيئة على اتم الاستعداد لتنفيذ المشروع في حال تخصيص مبلغ ضمن مخصصات هيئة النقل او موازنة اللامركزية.

المجمع بحالة كارثية , وكل جهة ترمي على الأخرى المسؤولية في تنظيمه , الأمر الذي يمثل نقطة سوداء في تعاون مختلف الجهات والتنسيق فيما بينها لمصلحة المدينة وخدمتها وخدمة زائريها .
وكأن هذه المدينة العريقة أصبحت لقيطة , لا تجد من يخدمها , ولا من يحتضنها , فهي في النهاية تمثل موضوع تنازع بين مختلف الجهات المحلية والحكومية لتبرير الفشل في تنظيم مجمعها الذي هو عنوان المدينة ويمثل الخطوط الامامية لعكس صورة المدينة العريقة .

ويبقى الفشل عنوان المرحلة الحالية في تنظيم صلة المدينة بخارجها متمثلا بمجمع سفرياتها الذي يقف على أبوابها متأهبا يعكس صورة مدينة بشرية هي الأقدم في تاريخ المنطقة .

- مجمع السفريات الداخلي :
أنشيء هذا المجمع ليكون تجمعا لوسائط النقل الداخلية التي تخدم مختلف مناطق السلط الداخلية , ولكن للوهلة الأولى تجد أغلب وسائط النقل فيه مهاجرة لخارج المجمع , وكأن المجمع وجد للاستعراض لا أقل ولا أكثر .
أغلب وسائط النقل تتجمع في الشارع العام المقابل لسوق الحمام , محدثة أزمة مرورية خانقة , أمام أعين كوادر البلدية , ورجال السير .
يحتلون وسط الشارع الرئيسي بدون منازع , لا يجرؤ أي من كوادر البلدية أو اي جهة تنظيمية ورقابية أخرى على لفت نظرهم الى أن هذا شارع عام , غير مخصص لوقوف وسائط النقل العام فيه إلا للتحميل والتنزيل كمحطة تنزيل أو تحميل فقط .
هذا الأمر أوجد حالة طارئة وسط الشارع العام تمثلت بإحداث أزمة مرورية خانقة , وتلوث بصري وسمعي للسائح والزائر والمواطن على حد سواء , مما أوجد صورة نمطية على عدم قدرة الجهات المنظمة لمثل هذه الحالات بالسيطرة على ما يقع تحت أيديها من صلاحيات تنظيمية كما خططت لها .
الكارثة الكبرى أن تجمع وسائط النقل في وسط الشارع العام الخارج عن السيطرة التنظيمية , يقع على أعتاب المتحف التاريخي للسلط الذي يفترض أن يكون مثالا لصورة مدينة السلط النمطية التاريخية السياحية .

وحتى اللحظة , لا زال الشارع العام محتلا من هذه الوسائط للنقل التي يفترض أنها تتجمع بمجمع السفريات الداخلي الذي وجِد لتنظيم هذه الوسائط الناقلة للمواطن والزائر على حد سواء الى مختلف مناطق السلط الداخلية .

ما هو عذر الجهات المنظمة ...؟ ما هي اجراءاتهم ...؟ ما هي مقترحاتهم لحلحلة جزء من هذه المشكلة ...؟ لا شيء يخرج للمواطن في المدينة .

- وسائط النقل العامة الصغيرة ( التكاسي ) .
اخواننا من سائقي المركبات الصغيرة للنقل العام ( التكسي ) في السلط , كان الله في عونهم , يكابدون حرارة الصيف وبرودة الشتاء , لتأمين لقمة أطفالهم .
بشكل عام هذا القطاع في السلط . متناثر في شوارعها الضيقة , بدون أدنى درجات التنظيم , فلا مواقف لهم تسمح لهم بالوقوف فيها لانتظار الراكب , ولا شوارع تسمح باصطفافهم على جوانبها ليتسنى لهم التحمل والتنزيل .
بالعموم يتركز تجمع هذه السيارات الصغيرة العامة في ستة أماكن رئيسية هي :
الدبابنة ( مدخل السلط ) , اشارة السلالم , اشارة بلدية السلط , بداية شارع اليرموك , وسط الشارع العام أمام مدخل سوق الحمام , وأحيانا أمام دير اللاتين المدخل الآخر لسوق الحمام .

بالعموم لا يتحرك سائق التكسي من هذه الاماكن إلا عند تلقيه طلبا مؤكدا , ويندر أن تجد سائق تكسي يقوم بجولة داخل شوارع السلط تنفيذا لطبيعة مهمته في التجول لالتقاط الركاب الذين هم بحاجة لمثل هذه الخدمات .

ومن خلال نقاشي مع أغلبهم , في محاولة مني للوقوف على أصل المشكلة المتمثلة بعدم خدمة المناطق التي تبعد عن مركز المدينة بخدمة التكسي , إلا من خلال أن يكون التكسي قد اوصل طلبا لاحدى هذه المناطق وقفل عائدا الى مركز المدينة المعتاد , فتجده مصادفة ليقلك الى المنطقة التي تريد , وأغلبهم ان كانت المنطقة على أطراف المدينة يعتذر عن أداء الخدمة .
من خلال هذا النقاش المقتطف اتضح أن العوائق أمامهم تتمثل بالتالي :
- أن منطقة السلط منطقة جبلية , وهي بطبيعة الحال تستهلك وقودا اضافيا عند تجواله , وفي اغلب الاحيان لا يغطي مصروف الوقود .
- الضمان المرتفع لسائق التكسي من قبل المالك , وبالعموم المالك لا يعترف بظروف العمل المختلفة .من حيث قلة الطلبات أو ندرتها .
- تقصير البلدية في توفير أماكن مخصصة لهم للوقوف ضمن المناطق الأكثر طلبا على هذه الخدمة . لا بل ذهب بعضهم الى انعدام هذه المناطق .
-ضيق الشوارع التي لا تسمح بالوقوف على أطرافها . فضلا عن ازدحامها المستمر والاختناقات المرورية التي تستهلك أعصاب ووقت السائق والراكب على حد سواء .

هذه الخدمة في السلط بشكل خاص غير منظمة لا من حيث المكان ولا من حيث الزمان , وتتداخل هذه الخدمة مع خدمة وسائط النقل المتوسطة في المدينة.

فكما أسلفنا سابقا , أن وسائط النقل المتوسطة لا تلتزم بمجمعاتها وتحتل الشوارع العامة , ولا تلتزم بأماكن وقوفها فإنها تخلق إزدحاما خانقا في الشوارع , وتحاول تغطية الاماكن المخصصة لخدمة سائقي التكاسي , هذا من جانب.

ومن جانب آخر، إن الناظر لطبيعة توقف وتجمع سائقي التكاسي في الشوارع الضيقة من حيث الأصل , سيلمس الازدحام المروري الحاصل في الشارع المتوقفة فيه هذه التكاسي , ومن ذلك اشارة البلدية تحديدا ومدخل سوق الحمام.

وحتى اللحظة البلدية لم تحرك ساكن , ويبقى العبء الأكبر على رجال السير في الشوارع , مع ازدياد الضغط على سائقي هذه التكاسي.

أكتفي بهذا القدر ..على أن نلتقي في الجزء الثاني من ( السلط الألم الصامت ) , وسيكون مخصصا لشوارعها الضيقة , والاماكن العامة التي تفتقدها السلط خدمة لزوارها وسائحوها , وبعض المشاريع فيها , وفقه الأولويات لدى البلدية ومختلف الدوائر في السلط من حيث المشاريع التي تخدم أهل السلط , مقارنة مع بعض المشاريع التجميلية التي تستنزف موازنة المدينة , بالاضافة للوسط التجاري في مركز المدينة الذي يئن تحت وطئة سوء التنظيم والتخطيط للخدمات العامة ومنها مواقف السيارات أمام هذه المحلات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :