عمون - كشف رئيس هيئة المكاتب الهندسية المهندس عبدالله غوشة عن تراجع اجمالي العمل الهندسي في النصف الاول من العام الحالي الى 18% مقارنة بنفس الفترة لعام 2019، علما بانه في عام 2019 كان التراجع عن السنوات السابقة 23%، وتراجعت نسبة الشقق المبيعة العام الحالي 15% مقارنة بعام 2019.

وقال غوشة إن هذه الأرقام تشكل جرس إنذار بضرورة مساعدة القطاع الذي لا يمكن له النمو في هذه الفترة الصعبة الا بتدخل مباشر من الحكومة اسوة بالعديد من دول العالم.

واكد غوشة الحاجة الماسة الى خطة انعاش وطنية لقطاع الانشاءات بمشاركة القطاع الخاص ضمن مرحلتين، الاولى التدخل الفوري، والثانية خطة استراتيجية متوافقة مع متطلبات المرحلة.

كما أكد ضرورة الإسراع بوضع استراتيجية استثمارية بمشاركة القطاع الخاص تحقق التوازن بين هدف الدولة في دعم برنامج السكن الاجتماعي لمحدودي الدخل وبين مسؤوليتها في تشجيع الاستثمار السكني وتوفير الخدمات ورفع جودتها.

واشار الى انه خلال فترة الاغلاق التام بسبب جائحة كورونا والممتدة من منتصف اذار الى نهاية شهر ايار الماضيين كانت نسبة انخفاض تصديق المخططات والعمل الاستشاري حسب ارقام نقابة المهندسين (56%) مقارنة بنفس الفترات من العام الماضي.

وفيما يتعلق بخطة انعاش القطاع ومساندة الشركات وقطاع الاعمال الصغيرة والمتوسطة اضافة لعمال المياومة الذين يعملون بقطاع الانشاءات، اعتبر غوشة أنها ضرورة ملحة خاصة وأن هذا القطاع يستطيع توليد فرص عمل لـ (112) مهنة مساندة، ويشكل (5.5%) من القوى العاملة بمساهمة تقدر بـ (3%) من الناتج الاجمالي.

واعتبر أن التراجع في حجم المشاريع والمبالغ المخصصة من قبل الحكومة لمشاريع القطاع العام رافقه تراجع اعمال القطاع الخاص بسبب الازمة الاقتصادية حتى ما قبل كورونا وعدم وجود رؤيا واضحة لتشجيع الاستثمار في القطاع.

وتابع غوشة: «خلال جائحة كورونا تاثرت العديد من القطاعات ولكن لا بد من دراسة الاسواق العالمية وقراءتها من حيث الاجراءات وشدة تاثرها بالصدمة وتاثير ذلك على اقتصاد تلك الدول والرؤيا المستقبلية اخذين بعين الاعتبار ان السياسات التنموية والاقتصادية ما قبل كورونا لم تعد صالحة لما بعدها».

واعتبر أن من هذه التحولات الاثر الاكبر للتحول الرقمي السريع والمباغت الذي فرضته الجائحة على المفاهيم التخطيطية وتكنولوجيا الانشاءات.

وزاد غوشة «عالميا نجد انه تم رجوع الاستقرار الى سوق العقارات والانشاءات خلال الربع الثالث ومؤشرات الربع الاخير من هذا العام في العديد من الدول (اميركا، المانيا.سنغافورة، الامارات....الخ) والتسارع في سرعة امتصاص وتشافي القطاع، وانه كان اكبر بكثير من العودة للاسعار والمشاريع مما كانت عليه الازمة الاقتصادية العالمية (2007-2009)، اي ان السوق امتص الصدمة وعاد الى الانتاج بصورة اسرع مما كان متوقعا مقارنة بالازمة المالية العالمية، وكان لسياسات هذه الدول الدور الاكبر في استمرار العملية الانتاجية».

وفي ربط غوشة لما يدور في العالم بهذا القطاع، قال انه وفقا للدراسات العالمية فان الاستثمارات التجارية العالمية انخفضت خلال فترة جائحة كورونا بما يقارب (30%) في الاشهر الستة الاولى من هذا العام مقارنة بعام 2019، اما منطقة الشرق الاوسط فان الانخفاض بلغ (13%) والسبب ان منطقتنا بالاصل تعاني من ازمات مالية وعسكرية وسياسية واقتصادية وانخفاض حجم الاستثمارات بدءا من عام 2016.

وأضاف «اكدت هيئة التنبؤ بالتشييد في كل من اميركا واوروبا انه من المتوقع عودة راس المال والتدفقات الاستثمارية في قطاع الانشاءات والعقارات خلال عام2021 وان الاستثمارات ستتجاوز (28مليار يورو) مقارنة بالعام 2019 اي ان العالم سيكون مقبلا على فترة انتعاش تبلغ ذروته عام 2023 ».

وتساءل غوشة عن موقع الأردن مما سيحدث اقليميا وعالميا في فترة ما بعد جائحة كورونا خاصة ان التراجع في قطاع الانشاءات والعقارات هو متراكم منذ عام 2015 وان معدل نمو قطاع الانشاءات هو بالسالب (-1.3% الى-0.4%) ما بين 2015-2019.

ورأى انه اذا لم يتم حل مشاكل القطاع وتحفيزه ما قبل الجائحة، فإننا لن نستطيع الانطلاق الى ما بعد الجائحة، وعلينا التقييم ما قبل شهر شباط 2020 من خلال عدة نقاط لعل أبرزها قطاع الاسكان والذي يمثل 75% من قطاع الانشاءات الذي يتعرض لعدم المواءمة بين العرض والطلب، وخروج العديد من المستثمرين من السوق العقاري، وعدم كفاءة البرنامج الوطني للاسكان الذي اطلقته الحكومة السابقة في خريف 2019 من خلال (برنامج تحفيز الاقتصاد)، حيث لم يتقدم اي مستثمر لهذا المشروع (المفترض انشاء 900 وحدة سكنية في عدد من المحافظات).

واستشهد غوشة بنتائج الاردن ضمن تقرير ممارسة الاعمال الصادر عن البنك الدولي لعام 2019، مبينا أن الاردن يحتل المركز (138) من اصل (190) دولة في مجال استصدار رخص البناء بعدد يتجاوز 20 اجراء (علما بان ترتيب الامارات والمغرب والسعودية هي كالتالي 3-34-28 عالميا على التوالي)، وهذا مؤشر قوي على ضعف الاجراءات والبيروقراطية التي تضعف مجال المنافسة في الاستثمار في قطاع الانشاءات.

واعتبر غوشة اننا في الأردن أمام تحد يستوجب وضع هذا القطاع المهم امام صانع القرار لما يمثله من اهمية في دعم الاقتصاد وتخفيف حدة البطالة، وايجاد فرص العمل بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، خاصة ان الدراسات العالمية تؤكد ان العالم مقبل بايجابية نحو قطاع الانشاءات، واذا لم نستطع ايجاد الحلول واستقطاب الاستثمار المحلي والعالمي سنكون خارج المعادلة الاستثمارية اضافة للمفاهيم العالمية بالتخطيط لما بعد كورونا من حيث الضواحي السكنية والعمل عن بعد والتوازن بين التخطيط العمراني والجوانب الصحية.(الرأي - طارق الحميدي)