facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سَـعد ..


رنا شاور
14-04-2010 05:25 AM

رياح خماسين وطقس مغبر وقاتم . بدت الطبيعة قاسية ذاك اليوم. الأحد مساء كنت أقود سيارتي بحذر لضبابية الأفق المشبع بالأتربة. أغلقت نوافذ السيارة جميعها لسد الطريق على الغبار أن يتسلل إلى الداخل. الرياح النشطة في الخارج والتي تندفع إلى أنفك وفمك ورئتيك تجعل من عملية التنفس الطبيعية أمرا ً صعبا ً.

بدا من بين الغبار الكثيف كخيال. لم أشفق عليه لمّا رأيته من بعيد، كنت أنوي ان أنهره إذا اقترب، فالمنظر يتكرر كثيرا ولم تعد تملك تعاطفا حيال روتينية المشهد: أطفال يتسولون أو يستدرون العطف بإيهامك أن علبة العلكة التي يسترزقون منها تفتتت تحت عجلات سيارة.

كانت الساعة التاسعة والربع مساء، طفلتي نائمة في الكرسي الخلفي للسيارة. انشغلت بانتظار الإشارة الخضراء بتقليب الراديو، عندما فاجأتني وأدارت حواسي طرقات واهنة على النافذة ، بدا طفلا ً يمد يده ويتمتم بكلمات خافتة حفظها لزوم الشغل.

تقاسيمه الحزينة استوقفتني . فتحت النافذة واندفع غبار كثير. لكن الطفل الذي أمامي لم يلح بطلب النقود. وقف يمد يده صامتا ً. كان وجها مغرقا ً في الطفولة وفي الخجل، تفرست في ملامحه: إنها ملامح أشبه ماتكون خارجة من لوحة زيتية. رأيت نفسي أبادره بالسؤال : ما اسمك؟.

تردد ولم يجب، فأعدت عليه السؤال.

- اسمي سعد.

- اسم جميل، هل تذهب للمدرسة ياسعد؟ - نعم..لا.. أقصد أحيانا ً.

وكم عمرك؟ - عشر سنوات.

- ما اسم مدرستك؟ تردد ، ثم قال في غير ثقة :اسمها ذات الصواري.

- طيب هل لك أخوة؟ - لي أخت واحدة متزوجة وسبع أخوة ذكور.

- اين هم الآن؟ تلفت خلفه ، بدا خائفا ً حديث العهد في المهنة.

كررت عليه السؤال: أين أخوتك ياسعد؟.

- واحد متزوج، وواحد على الإشارة التي تقابلنا، وواحد يعمل في الأمانة هو الذي يرسلنا إلى هنا، والباقي عاطلون.

- ولماذا تتسول يا سعد؟ ألا تحب أن تكبر وتصبح طبيبا ً أومهندسا أو محاميا؟.

- أريد لكن «هم» الذين أحضروني إلى هنا وأنا أخاف منهم.

- «هم» من يا سعد؟ - أخي وآخرون لا أعرفهم.

لم أنتبه للإشارة الخضراء إلا على زوامير السيارات التي تقف خلفي.

ملاحظة: كانت نيتي تتجه لمقالة تناقش قانون الضمان الإجتماعي المؤقت أو المرأة والإنتخابات النيابية المقبلة، لكن دقائق قليلة جدا ً تحدثت فيها إلى (سعد)، الذي لم يكن له من اسمه نصيب، تؤكد لك في حينه أن أي طرح آخر سيبدو مقزّما ً أمام مأساة الطفولة في الشوارع.

انسلّ سعد من أمامي، بعد أن نقدته بعض الذي معي، كخيط دخان، ودمعة معلقة بين مقلة عينه ورمشه. إنها أسئلة كثيرة وموجعة تدور في بال كل منا عندما يرى طفلا ً يتسول. فمن يضع لها الإجابات؟. لم نكمل حديثنا بعد يا سعد.

الراي





  • 1 ابو ابراهيم 14-04-2010 | 01:02 PM

    والله قصه حقيقيه بس نسئل حالنا لماذا هذا الطفل الجميل الذي يحمل اسم سعد ولم يجد معنى اسمه في الحياه وين راحة حماية الاسره عنو ليش ما بتشكل لجنه وتشوف شو الي جبر الناس هذي على الشحده او البيع انا بعرف رجل يوقم في التسول هو مرتو بس والله عليه صحه احسن من واحد بلعب حديد ومعاه صنعه بطعميه ذهب لاكن هذا ما بدو يتعب بلمره لازم الحكومه ولجنة حقوق الانسان حط حد لائنو صارة تجاره يوم ما الناس تعرف انو الحكومه بركوض وراهوم بخافو لائنو الحكومه يوم ما تمسكو بدها تعرف انو هذا الشخص صحيح انو محتاج او لاء واتوقع لاو حطينا صندوق في كل جامع حتى الناس تتبرع فيه منقطع النا الي بتشحد وهيه مش محتاجه ويكون مسؤول عن الصنودق لجنة حقوق الانسان وتابع الناس المحتاجه وتساعدها من الصناديق الموجوده في الجوامع هيك منحافض على الناس الفقيره عنجد ومنقطع عادة الشحده وبيع العلكه على الاشارات شكرا

  • 2 abu kareem 14-04-2010 | 01:14 PM

    انا اتابع مقالاتك ودائما ارى فيها بعض الملاحظات ولكن هذه المقالة جميلة ومؤثرة شكرا لك

  • 3 د. سعد بني محمد / جامعة آل البيت 14-04-2010 | 01:17 PM

    شكراً للاخت رنا على هذه المقالة الرائعة، راجياً الالتفات الى هؤلاء الاطفال ومحاولة انتشالهم مما هم فيه.

  • 4 أسامة العمري 14-04-2010 | 08:26 PM

    مقال رائع كعلدة جميع مقالاتك. الحقيقة هي أن المشكلة تقع في انفسنا كبشر و شعوب و ثقافات..

  • 5 14-04-2010 | 09:15 PM

    يا سعد لو التشوف الشيب ماني شايب


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :