facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فايق وراد .. مناضل واقعي


طاهر العدوان
01-05-2010 04:09 AM

قلما تجتمع في السيرة الذاتية "لمناضل" متناقضتا الايديولوجية الثورية والنضالية من جهة والواقعية النضالية والسياسية من جهة اخرى, هذا ما كانت عليه سيرة المناضل الكبير الراحل فايق وراد.

خمسون عاما من النضال, هكذا عنون مذكراته التي صدرت في رام الله. وهو خلال هذه العقود الخمسة كان شيوعيا من البداية حتى النهاية, وفي هذه المذكرات لا يتحدث عن نفسه بالقدر الذي يتحدث به عن حزبه وعن النضالات والسجون والرفاق والبيانات والعرائض والمواقف.

منذ بداياته المبكرة في الحزب الشيوعي حتى وصوله لمقعد في البرلمان الاردني في الخمسينيات وما توالى من سنوات قضى 12 عاما منها في السجون والمعتقلات الى المشاركة في فصول النضال الوطني الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير, هناك كل ما يوحي باننا امام رجل متطرف في انتمائه السياسي والنضالي, لكن ليس هذا ما كان عليه فايق وراد. لقد قاد ورفاقه حزبا شيوعيا, في زمن الحرب الباردة, بمنهج مختلف بعيدا عن الشعارات الرنانة التي تلهب الجماهير وانما بتقديم وطرح "مواقف عقلانية هادئة" كما يصفها وفي المفاصل الحاسمة التي تتطلب مواقف شجاعة فيما يعتقد انه يخدم مسيرة شعبه وحركة تحرير بلاده.

كنت قد التقيت به في مناسبات عديدة في دمشق وبيروت وتونس, لكنني لم اتعرف عليه بعمق, الا في بداية التسعينيات من القرن الماضي, عندما عكفنا كممثلي تيارات سياسية على اقامة تنظيم وطني قومي يساري باسم التجمع الوطني القومي الديمقراطي وذلك في بداية المرحلة الديمقراطية التي انطلقت في الاردن بعد هبة معان عام 1989 . كان لا يزال يعاني من آثار شلل نصفي اصابه في اواسط الثمانينيات. لكنه كان قوي الارادة واضح الفكرة يمثل صوت الاعتدال في نقاشات وجدالات كانت تشتد بين قوى لا يجمعها غير استغلال الهامش الديمقراطي الجديد في البلاد من اجل اطلاق الحريات والغاء الاحكام العرفية والعودة للحياة النيابية.

فايق وراد, من جيل الرواد في نضالات الشعبين الفلسطيني والاردني, وعندما كنا شبابا في المدارس نتظاهر من اجل الوحدة العربية وضد امريكا واسرائيل في شوارع عمان والقدس ونابلس (ايام الوحدة بين الضفتين) كان فايق وراد الى جانب منيف الرزاز وعيسى مدانات ونبيه ارشيدات وعبدالرحمن شقير ويعقوب زيادين وغازي عربيات ومحمود المعايطة ومحمود التل وآخرين من ابناء الضفتين في السجون بسبب مواقفهم وآرائهم السياسية التي كانت الجماهير ترفعها شعارات في المدن والقرى والارياف.

لقد كان هؤلاء المناضلون شريحة غير معزولة عن شعبهم, فهم مثلوا تيارات سياسية واسعة في زمن كانت فيه الشعوب العربية تحلم باوطان قوية موحدة, ومستقبل مشرق ينقل العرب من صفوف العالم المتخلف الى صفوف الامم الحرة الحية.

بعد اتفاقية اوسلو, تحقق لفايق وراد حلمه بإبطال مفعول قرار الاحتلال عام 1967 عندما تم ابعاده من قريته بيتين الى عمان.

لقد عاد الى وطنه حاملا معه تجاربه وسيرته النضالية وألقابه كامين عام للحزب الشيوعي الاردني, عاد وهو في عز تحمسه لمبادئه الواقعية, (فالعودة) عنده لا تقدر بثمن.

عندما سمعت بنبأ وفاته وقد عاش ليرى كيف ان "الواقعية" ايضا لم تؤد الى السلام, تمنيت انذاك ان اسمع رأيه. الى ان وصلتني نسخة من مذكراته من زوجته أم محمد, التي اشكر لها هذه اللفتة الطيبة التي تذكرني بمناضل وصديق اكن له احتراما كبيرا. كما انها اتاحت لي قراءة كلماته في وصف ما آلت اليه الاوضاع في وطنه الجريح فهو يقول في ص 123"بعد كل هذه السنين, حيث ابلغ الان سبعا وسبعين عاما من العمر, لم احقق لي ولشعبي ما ارغب فيه, لقد رغبت دائما في تحقيق الحرية والديمقراطية, لكن ذلك لم يتحقق حتى الان, اقول هذا بكامل الاسى والاسف. مع ذلك فلست اشعر باليأس ابدا".

هذه المسيرة النضالية الغنية بالتضحيات على مدى 50 عاما من المعاناة والسجون والالام تستحق ان تتوج بالامل, وهذا ما يورثه المناضل الحقيقي لابناء شعبه, الذي لا يزال على الطريق يقدم التضحيات من اجل الحرية والتحرير. انها إرادة الاحرار التي لا تضعفها الظروف ولا يغيبها الموت.


taher.odwan@alarabalyawm.net
العرب اليوم والكاتب رئيس تحريرها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :