facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأمية في ثوبها الجديد


د. محمد العايدي
04-05-2021 06:17 PM

هذه المقالة تحمل في طياتها الكشف عن واقعنا المعاصر لعلنا نسهم في تسليط الضوء على مشاكلنا بشكل مباشر ومختصر فالمقصود من هذه المقالة ليس البحث المعمق وإنما الوصف التشخيصي لحالنا.

أوجه هذا المقال إلى الشارع العربي وإلى الفئة العظمى منهم الغارقة في الأمية الجديدة من حيث لا تدري.

إلى الذين يقرأون أغلفة المجلات فقط، ويخطفهم بريقها، ولا يعرفون شيئاً عن كتب ومؤلفات العلماء.

إلى الذي يجذبهم بريق الحياة من غير عمق ولا فهم.

إلى الذين يعيشون بسطحية في كل مايدور حولهم ولا يطمحون إلى الوصول إلى الحقيقة.

إلى أولئك الذين اكتفوا بملذات الحياة المستهلكة ووصلوا إلى تخمة الجهل.

إلى أولئك الذين لا يتفاعلون مع العالم إلا في ما هو مكروه وتافه.

إلى أولئك الذيم يركضون وراء الأضواء ( والسوشل ميديا) ولو كانوا أضحوكة للناس وبلا كرامة.

لا أبالغ إن قلت لكم: إننا نعيش في أمية جديدة أخذت شكلاً متطوراً ومتحوراً من أشكال الأمية الأولى.

كيف تشعر بهذه الأمية الجديدة؟

-تشعر بها عندما تجد أن القليل من الناس من يقرأ لكبار العلماء والكتاب، وفي المقابل تجد السطحيين والقصاصين، والذين يجيدون اللعب بعواطف الناس يتابعهم الملايين.

-تشعر بالأمية عندما تجد أغلب الناس يساقون بسهولة إلى الأشاعة، وبلا وعي، ويحركون كالدّمى بخيوط خفية تضر بمصالحهم وحياتهم وأوطانهم.

-تشعر بها عندما تجد الناس يتزاحمون على محلات الطعام والشراب ولا تكاد تجد أحداً على المكتبات لشراء الكتب أو مطالعتها.

تشعر بالأمية الجديدة عندما يُخدعُ الناس بسهولة في التسميات، وتتغير وجهات نظرهم لمجرد تغير التسمية فما كان غير أخلاقي صار أخلاقياً لأن التسمية اختلفت مع أن المضمون واحد.

تشعر بالأمية عندما ترى أن الأمة بدل أن تسعى لايجاد موطئ قدم لها بين الأمم وتزاحم في العلم والمعرفة تراها تنقضّ على ذاتها وتقطع نفسها إربا إرباً وبلا رحمة.

الأمية الأولى والأمية المتحورة:
فالأمية الأولى مذمومة لأنها لا تعرف الكتابة والقراءة التي هي أكبر وسيلة للتواصل المعرفي بين بني البشر وبدونها يبقى الانسان منكفأ على ذاته بما تحويه من ضآلة المعرفة وسطحية التصور.

وأما الأمية المتحورة اليوم فهي أشد خطراً وفتكاً بالإنسان من أمية الأولى؛ فلا يلاحظها الناس بسهولة مع أنها تفتك بالإنسانية في كل يوم، بل قلبت النظام الإنساني رأساً على عقب بدون أن نشعر، وفي شتى المجالات المعرفية والاقتصادية والطبية والدينية والقانونية وغيرها.

وفي هذا المقال سأتعرض لهذه الوجوه من الأمية الجديدة والمتحورة في بعض المجالات وتستطيع أن تقيس عليها في بقية المجالات الأخرى.

أولاً: الأمية المعرفية
وهي لا تعني عدم القدرة على الكتابة بالمفهوم الأساسي لها، وإنما تعنى أننا مع معرفتنا للكتابة والقراءة إلا أننا عاجزون في الأغلب أن ننتج المعرفة، فتجدنا نذهب إلى المدارس والجامعات ونتخرج منها، ولكن بدون جدوى أو نفع كبير يعود على المجتمعات.

فكم خريج من جامعاتنا ومدارسنا صار مصدِّراً ومنتجاً للمعرفة بعد تلقّيها ؟ واذا كان هناك إنتاج للمعرفة فكم حجمه؟ وما هي أهميته في العالم؟ بحيث يشكل نقطة ارتكاز للتحول العالمي في أي مجال، أظن إنها لا تشكل شيئا يذكر.

فما فائدة القراءة والكتابة اذا أدت إلى تسطيح المعرفة، وكانت لا تقدم ولا تؤخر في ميزان العلم، بل قد يكون الفهم السطحي أخطر من الجهل المطلق، لأنه أن يكون الإنسان أعمى أقل ضرراً من أن يكون مبصراً وفي يده سلاح مزيف ويظن نفسه يحمل شيئا ذا قيمة.
ما فائدة القراءة والكتابة اذا أدت إلى الإنكفاء على الذات وعدم القدرة على التواصل المعرفي أو مجاراة العلوم والمعارف في العالم.
فمن أشكال التسطيح المعرفي أن تجد أن ما يجذب القارئ العربي صورة عاريةٍ على مجلة، أو الاكتفاء بمتابعة أحد المشاهير طيلة حياته يقرأ عنه ويكتب له.

ومن أشكال التسطيح المعرفي أننا زرعنا في أبنائنا كيف نبكي على التاريخ ونستذكر أمجادنا ولكن لم نعلمهم كيف نكون مثلهم أو كيف نشارك العالم في إنتاج المعارف والعلوم.

ثانياً: الأمية الدّينية
الأمية الدينية هي: تحويل الدين من منهج هداية إلى فلكلور وطقوس شكلية.

أو هي: الانتساب الشكلي والظاهري للدّين فقط، بدون الانتساب الروحي والمضموني له.

فالأمية الدينية تكمن عندما نطلق كلمة (الروحي) على الشعبذة أو الشعوذة، لا على السرِّ المتمثل بالطهارة والنقاء مع الله.

الأمية الدينية عندما تجد البعض قابعاً في الماضي ولا يعرف شيئاً عن الحاضر.

الأمية الدينية عندما تجدهم يحصرون الجنة في فئة ويتركون الباقي لجهنم.

الأمية الدينية أن تجد البعض يجعل من الدين مصدراً للتفريق والتشرذم لا حبلاً للنجاة والتعاون.

ثالثاً: الأمية الإقتصادية
الأمية الإقتصادية أن نجعل كلّ شيء قابلٍ للتّسليع أوالبيع والشراء.

الأمية الاقتصادية هي أن نجعل المال هو المعيار الذي تقاس به قيمة الأشياء، فيصر غاية بدل أن يكون وسيلة لمقصد إنساني أسمى.

الأمية الإقتصادية هو أن تقاس جودة الاقتصاد بحجم الموارد التي عندك، لا بمدى استثمار الموارد وتوجيه الطاقات لأن هذه الطريقة هي التي تزيد من تطور المجتمعات وازدهارها وتقدمها، بخلاف الاعتماد على الموارد الطبيعية فقط.

بعبارة أخرى هي العجز عن إدارة الموارد وتوجيه الطاقات وسوء الإدارة لها.

رابعاً: الأمية القانونية
وهذه الأمية هي المؤشر الحقيقي على تحضر الشعوب وتخلفها، فإذا صار القانون في نظربعض الشعوب عقبة كؤود، وصاروا يبذلون كلّ جهد من أجل التحايل عليه، والتخلص منه، ولا يبذلون أدني جهد من أجل الالتزام به، فاعلم بأننا في أمية كبيرة، وإن فتحت المحاكم وسنّت القوانين وكثر المحامون.

الأمية القانونية أن تجد أشخاصاً يتمسكون بالقانون عندما يكون في مصلحتهم، ويتمردون عليه إذا كان في مصلحة غيرهم.

الأمية القانونية عندما تجد البعض يلجأ إلى القانون وهو يعلم أنه على الباطل.

الأمية القانونية عندما تجد البعض يفضل الجلوس طوال عمره تحت مظلة القبيلة والعشيرة وليس مستعداً لأن يقف لحظة أمام القانون.

خامساً: الأمية الطبية
هي ان نُخرّج أطباء بكثرة ولكن بلا إنسانية وان تتحول مهنة الطب من مهنة إنسانية يقصد منه مساعد الغير واحترام الانسان الى مهنة يقصد منها في الدرجة الاولى تحقيق الربح المادي.

الامية الطبية عندما تجد مريضا لا يُعالج ويرمى على بوابة المستشفيات بدون ادنى رعاية لانه لا يملك ثمن العلاج.

الامية الطبية ان تجد البعض يتمارض من اجل الحصول على اجازة من عمله.

الامية الطبية ان تجد ان الرعاية الصحية من آخر أولوياتنا فتجد بيوتنا وفنادقنا أنظف من العيادات والمستشفيات العامة.

الامية الطبية ان تجد أن حجم الرعاية الطبية مرتبطة بالمال الذي تدفعه لتلقيها وتحصل على اهتمام أكثر كلما دفعت أكثر.

خلاصة الكلام علينا أن نبدأ بنشر الوعي بحقيقة الأمية الجديدة في مجتمعاتنا ووضع الخطط لتصحيح المسار في شتى المجالات وإلا فأنها ستؤدي إلى تفكيك المنظومة الأخلاقية والقيمية ومن ثم سنبقى نراوح مكاننا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :