facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اللجنة الملكية والتصورات المستقبلية للحكومات البرلمانية


د. زياد نهار العياصرة
21-06-2021 09:14 AM

ينتظر الأردنيون بفارغ الصبر وفي قادم الأيام مُخرجات البحث والحوار الذي ستجريه اللجنة الملكية، والتي سوف يكون من ضمنها قانون انتخاب جديد يواكب تطوّر ومسيرة الدولة الأردنية على أعتاب المئوية الثانية، وأيًا كان نهج هذه اللجنة فرسالة جلالة الملك واضحة وضوح الشمس، وقد قالها وفي أكثر من مناسبة "الخروج بإطار قانوني يُؤسّس لحياة حزبية فاعلة قادرة على إقناع الناخبين بطروحاتها، للوصول إلى برلمان قائم على الكتل والتيارات البرامجية".

وفي هذا السياق، يبرُز موضوع الحكومات البرلمانية وأهميته في هذه المرحلة التي نحتاج فيها إلى إنجاح العمل المؤسسي، ليس فقط على صعيد البرلمان بل في كل مؤسسات البلد، إلا أنّ الحكومة البرلمانية والتي سوف تكون أحدى المخرجات المتوقعة لعمل هذه اللجنة سوف تُحدث نقلة نوعية للإرتقاء بالعمل البرلماني، وهذا بالطبع لا يتأتّى إلا من خلال دراسة قانون انتخاب جديد يُحقّق هذه الغاية، لا سيما أنّ الحكومة البرلمانية المنشودة هي حكومة أغلبية سياسية في البرلمان، سواء كانت هذه الأغلبية تعبيرًا عن حزب سياسي، أوْ إئتلافًا لعدد من الأحزاب أو كتلا برلمانية يكون رئيس الوزراء منها، وتقوم بالعمل على تطبيق برامجها وتقديم حلول للقضايا المتعلقة أساسا بالدولة ككل، وتكون حكومة مسؤولة وتتحمّل تبعات هذه المسؤولية.

إن المضامين والأركان المجرّدة التي تقوم عليها الحكومات البرلمانية، تتفاوت في حالاتها الملموسة، من دولة إلى أخرى؛ بالنظر إلى الظروف والشروط المحددة في هذه الدولة أو تلك. وفي الحالة الأردنية، يطول البحث في كل ركن من تلك الأركان، بما تمليه الخصوصيات الأردنية. ولكن العقبة الأكبر في الوصول إلى حكومة برلمانية ديمقراطية تبقى متمثلة أساسًا في ضعف الأحزاب الأردنية؛ إذ يصعب بالفعل ذِكر أحزاب قادرة على خوض الانتخابات بأمل الحصول على أكثر من مقعد أو عدد قليل من المقاعد، باستثناءات لا تكاد تُذكر.
وقبل الخوض في عنوان هذا المقال، يمكن القول إن وقائع العمل النيابي الراهن، وآفاق تطويره مستقبَلاً، تتطلّب الاستمرار في تطوير أداء عمل مجلس النوّاب، وتفعيل الكتل البرلمانية فيه، على أساس حزبي، وبرامجي؛ بما يسهم في إدامة الأنموذج القانوني لهذا الإطار ، والتحوّل نحو الحكومات البرلمانية في المستقبل. ومن المطلوب، في هذا المجال، من التمعّن في الحقيقة الماثلة أمامنا، في مجلس النواب الحالي والمجالس السابقة، والتي تقول إن معظم الكتل النيابية لم تضع برامج سياسية لتسترشد بها في عملها، وحتى الكتل التي وضعت لنفسها برامج، لم تستند إليها في عملها، وبالتالي غاب عن بيئة عمل الكتل أحد أهم العناصر التي كان من شأنها أن توحّد السلوك النيابي لأعضاء الكتلة وتوجهاتهم. وجرى الالتفاف على الصعوبات التي تواجهها الكتل في مجال توحيد مواقف أعضائها تجاه التصويت على الثقة بالحكومة والموازنة العامة والتشريعات والقرارات المختلفة بـِ (تعويم) عملية التصويت، أي تصويت كل عضو كما يحلو له. ولم تؤسس الكتل النيابية لنفسها، كهيئات جماعية، دوراً رقابياً محدد المعالم . وهذا يتعارض، بالطبع، مع الرّؤى والطروحات الملكية، وطموحات الشارع الأردني، برؤية أحزاب قوية، ذات برامج إصلاحية سياسية واجتماعية-اقتصادية، تقود الدولة الأردنية، في طريق عمل الحكومات الأردنية.

ومن الظواهر والمظاهر التي يُؤسَف لها في التجربة الراهنة والسابقة، والتي تجدر الاستفادة من دروسها في المستقبل، بأمل تجاوزها في المجالس القادمة، أن الكتل البرلمانية القائمة عموما هي كتل هلامية رملية، وأحيانًا تُصبح ولا تمسي، وهي، مثل غالبية أحزابنا، بمعظمها شخصية، تُحقّق أهداف فئة معينة، وجهة معينة، وهي أحزاب وكتل غير متجذرة. فالكتل تشكّلت في البرلمان بناء على توافق، وليس على برامج أو أفكار، والمطلوب هو تشكيل كتلة أو تجمع أو حزب برامجي؛ ليمثل الأغلبية البرلمانية، ومن ثم يشكّل الحكومة، مع الحاجة إلى أقلية برلمانية تشكل حكومة ظل موازية، وتطوير هذه الآلية بما يتناسب وبيئتنا وأعرافنا وتقاليدنا، وعندها يكون هناك تداول حقيقي وسلمي للسلطة.

ولعلّ في هذا ما يشير إلى أن الطريق نحو برلمان فيه قوى حزبية برامجية، وكتل وتكتلات لديها درجات كافية من القدرة على العمل المنسجم المستقر، فكريًا، وسياسيًا، قد يكون طويلا، ولكن الشروع بالسير فيه أمر مطلوب للوصول إلى الحكومات البرلمانية المنشودة.
ولنا في تجارب أخرى ناجحة ومتقدمة عديدة عبر العالم، ما يمكّننا من المقابلة والمقارنة، والتمعّن في كل ما من شأنه الإرتقاء بعمل الكتل البرلمانية، سواء منها تلك المستندة إلى الأحزاب، أو من تشكيلات مختلطة. ويبقى الهدف الأبعد من كلّ ذلك، مأسسة عمل الكتل البرلمانية، وهي مهمّة قائمة الآن، وستبقى مطروحة، وبقوّة أكبر على الأرجح، في المستقبل، كما ستكون الحاجة إلى المأسسة أكبر، في السعي لقيام الحكومة النيابية البرلمانية العتيدة.

وفي الحالة الأردنية، بخصوصيّاتها، وفي اتجاه هام آخر، يبدو أن دعم دور الأحزاب يتطلّب المزيد من توفير الدعم المالي لها، بحيث يكون ذلك الدعم مبنيًا على أسُس موضوعية، تأخذ في الاعتبار حجم الحزب، ودوره، ثم، وبعد الانتخابات، وزنه في هذه الانتخابات، إلى جانب عدد آخر من المعايير الخاصة بالدعم الحكومي للأحزاب، واعتبار هذا الدعم استثناءً تُمليه حالة الضعف العامة التي تعيشها الأحزاب الأردنية. وسيكون من عناصر الفخر للسلطة التنفيذية الأردنية أن تبادر إلى دعم العمل الحزبي ماليا، مع محاذير أن يتحول هذا الدعم إلى مطمع لجماعات غير سياسية، قد ترى فيه مدخلاً للتكسّب؛ بما يتطلّب ضوابط صارمة.

وفي المقالات القادمة سوف أتحدّث عن أهم السيناريوهات الوطنية المتاحة لنا في الأردن لتشكيل الحكومات البرلمانية، لا سيما أنّ هناك جهود ملكية واضحة في هذا المجال، ولقد قام جلالة الملك، بدور مشهود، بالحوار المفتوح، وعبر جملة واسعة من المشاورات، بالدفع الصريح من أجل تحقيق انتقالات ديمقراطية عميقة، أحد أهمّ تعبيراتها المنتَظَرة، الوصول إلى تشكيل حكومات نيابية ديمقراطية مُنتَخَبة، تفرزها كتل برامجية. وجاءت مبادرات الملك، في الحثّ، والمثابرة، والتوجيه، والإصرار، بأفقٍ وطموحاتٍ أوسع، تجاوزت، في كثير من الأحيان، طروحات عديد من قوى محسوبة على المعارضة، بأطيافها المختلفة.، ويأمل الشارع الأردني أن تخرج مناقشات اللجنة الملكية بمعطيات ورؤى جديدة تُؤسس لنهج جديد يقود الأردن إلى ما يتطلع اليه سيد البلاد في إحداث نقلة نوعية في الحياة السياسية الأردنية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :