يمكن القول إن الحقبة الذهبية الاسرائيلية بدأت مرحلة العد العكسي، وأنها الى هبوط دراماتيكي ملحوظ.

حيث أن معادلة الصراع العربي – الاسرائيلي قد تغيرت لتصبح بعد الاجماع الدولي على المطالبة برفع الحصار عن قطاع غزة، وبعد ابتعاد تركيا « العدالة والتنمية « بزعامة رجب أردوغان وعبد الله غول عن اسرائيل واقترابها من اشقائهم العرب والفلسطينيين، في صالح القضية الفلسطينية والقضايا العادلة في المنطقة .. وهي طبعا قضايا عربية واسلامية قد لحق بها حيف وظلم من قبل الدول الغربية الاستعمارية الكبرى بزعامة الولايات المتحدة الأميركية - التي أوقفت الحقائق على رأسها .. فغزو العراق واحتلاله مثلا اعتبرته هذه الدول أمرا مشروعا بينما اعتبرت مقاومة هذا الاحتلال الاستعماري البغيض ارهابا يحب القضاء عليه وعلى المقاومين .. واعتبرت تدخلها في شؤون السودان والصومال وقبل ذلك في شؤون لبنان وسوريا أمرا مشروعا.

هذه الدول الاستعمارية بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، تريد من جميع حكومات وأنظمة الحكم في العالم الاذعان لارادتها ورعاية مصالحها الاستعمارية قبل المصالح المحلية لبلدانها وشعوبها .. وبعكس ذلك فانها في منظورها الاستعماري دول مارقة ينبغي العمل على اسقاطها ...

امتلاك اسرائيل أسلحة نووية وأسلحة دمار شامل مختلفة في منظور واشنطن وحليفاتها في أوروبا أمر طبيعي ومقبول ويجب دعمه بينما امتلاك أي دولة عربية أو اسلامية في المنطقة منشآت نووية للأغراض السلمية أمر فظيع وخطير وينبغي مكافحته والعمل على تطويق ومحاصرة تلك الدولة وفرض عقوبات سياسية واقتصادية عليها بل والعمل على اسقاط نظام الحكم فيها !!!..

أما اليوم وبعد الهجوم الاسرائيلي الهمجي على أسطول الحرية في المياه الدولية فقد انقشع بعض الضباب عن منظور هذه الدول الغربية .. وبدأت تشاهد بأم عينيها كيف تمارس اسرائيل الارهاب والعدوان على الناس العزل .. وقبل ذلك على الشعب الفلسطيني الأعزل الذي شنت عليه حرب ابادة متواصلة بشتى الذرائع الكاذبة ..

اسرائيل اليوم مطوقة ومحاصرة اقليميا ودوليا .. فمعظم شعوب العالم ولربما جميعها تستنكر سياستها العدوانية على الشعب الفلسطيني وتستنكر أطماعها التوسعية على حساب الأراضي الفلسطينية والعربية .. وحتى الشعوب الأوروبية باتت تعتبر اسرائيل أخطر دولة على الأمن والسلام الدوليين .. والشعب الأميركي الذي أشرت تظاهراته أمام البيت الابيض والتي تعد بعشرات الآلاف من المواطنين، وتظاهراته في العديد من الولايات الأميركية استنكارا للهجوم الاسرائيلي الفاشي على « أسطول الحرية «، يؤكد كله أن اسرائيل في مأزق صعب وهو مأزق سياسي وأمني وأخلاقي ..

صحوة ملحوظة قد اجتاحت الضمير العالمي ازاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة .. حيث راحت معظم الشعوب تطالب برفع الحصار بالكامل عن قطاع غزة وليس تخفيفه كما تسعى دول الاتحاد الأوروبي واسرائيل في اساليب مراوغة وتحايل مكشوفة للتخفيف عن اسرائيل ..

وبالعودة الى التغير الدراماتيكي الذي لحق بمعادلة الصراع العربي - الاسرائيلي نقول : ان على الجانب الفلسطيني والعربي التقاط لحظة الحقيقة اليوم والاسراع في اغتنام فرصة هذا التغير واستغلال هذا المناخ الدولي الذي يتغير أيضا في صالح الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ..

ان من واجب الدول العربية العمل على احكام هذا الحصار السياسي الاقليمي والدولي المضروب حول اسرائيل لاجبارها على الالتزام باستحقاقات السلام العادل وعدم القبول بمساعي جورع ميتشل الذي يسعى لعقد مفاوضات اسرائيلية- فلسطينية تحقق انفراجا سياسيا لاسرائيل ما لم تلتزم حكومة نتنياهو برفع الحصار عن قطاع غزة وبوقف عمليات الاستيطان في القدس وفي ضواحيها ووقف هدم منازل المدنيين العزل ووقف الاعتقالات في الضفة الغربية ... فهذه مطالب عادلة على ميتشل أن يقتنع بها قبل نتنياهو ..

(الرأي)