بعد ان اتضحت مخرجات التعديل الوزاري، واستحداث وزارة فعلية للاستثمار تتضح ضرورة الاختراق الحقيقي لجبهة الاستثمار العصية على جميع من تسنم موقع مسؤولية تشجيع الاستثمار وتحفيزه باتجاه ان يصبح قطاعا جاذبا، مقرا لتوطين الاستثمار الخارجي والمحلي لا ممرا للاستثمار المهاجر.

الاختراق المطلوب تحقيقه قبل البدء، هو توفير قناة اتصال حقيقية بين المستثمرين والحكومة، قناة اتصال واضحة وصريحة وذات استجابة، وقادرة على التأكد من واقعية الطروحات والملفات التي تصلها، وقادرة على إعادة دراسة الملفات السابقة بكل فعالية وشفافية، وتمتلك قاعدة بيانات حقيقية، وذات أذرع اتصال قادرة على الوصول الى المعلومة والى الجهات المعنية دون ابطاء.

النظر الى ما تستطيع المملكة توفيره، "على نظرية الجود من الماجود" كالاتي: الكوادر البشرية المؤهلة والقابلة للتأهيل، والجو المناسب للأعمال الحرة، وأماكن العمل الملائمة وبالتالي توفير المساحات لإنشاء مناطق حرة للعمل الخارجي مثل مناطق التعهيد ومراكز خدمة العملاء، وتوفير مناطق حرة معفية من الضريبة داخل العاصمة عمان وفي محيطها، بوضع تشريعات مناسبة لتسجيل الشركات فيها على غرار منطقة دبي المالية العالمية DIFC، والنصيحة هي بالتفكير بتحويل مناطق مثل العبدلي لمنطقة حرة ضريبيا تسجل فيها الشركات وتمارس فيها الاعمال وتؤجر فيها المكاتب وبالمقابل تستقطب هذه الشركات العمالة المحلية وتضخ أموالا في عجلة التنمية، مقابل امتيازان تستحقها الشركات بما تسهم فيه بوجودها.

ضرورة خلق التوازن بين احتياجات الاستثمار الخارجي في مناطق محيط العاصمة ومقتضيات التنمية في المجتمع المحلي، دون تغول المستثمر على المجتمعات المحلية ودون ترهيب للمستثمرين، والمقابل يجب ان يتم توفير مناخ ملائم للشركات العاملة في حزام العاصمة مقابل توظيف أبناء المجتمع المحلي والاهم من ذلك تأهيلهم لسوق العمل، وإيجاد مشاريع إنتاجية ملائمة بدلا من توزيع المعونات، وتشكيل صناديق لتنمية ودعم المجتمعات المحلية وتدريب أبنائها (بلا منَ او اذى)، وبالمقابل تتمتع الشركات العاملة بالامتياز بما تقدمه للمجتمع، وقد يتم تشكيل مجالس في المناطق التي تتمتع باستقطاب الاستثمارات هدفها تقريب وجهات النظر بين (الضيوف والمعازيب)، وهناك تجارب فعلية قابلة للدراسة، ناعور مثالا، حيث استضافتني ناعور لما يقارب ثلاث سنوات، حين كنت امثل قناة الاتصال بين المجتمع المحلي هناك واحدى اكبر الشركات دافعة الضرائب في المملكة، وانجزنا ما يعد من افضل الشراكات على مستوى الوطن هناك.

القفز الحر نحو استغلال منصة الجناح الأردني في اكسبو دبي، لعقد فعاليات متخصصة بين الصناعات الأردنية لتوفير ما يمكن توفيره من بنود قابلة للعمل-دون انتظار- ابراز الصناعات الدوائية، والصناعات التحويلية، والاستثمار المباشر، والسياحة، والصحة، والسياحة الدينية، كلها يجب ان تكون موجودة لعمل "نوبة مسا" وان تجذب بها الانتباه الى هذا البلد العظيم صاحب الاحتمالات الأعظم، وان تستغل هذا الحدث العالمي وهذه المنصة لتقديم الأردن بما يستحق.

استغلال طاقة وكوادر السفارات في التسويق الخارجي وإدارة قناة الاتصال بين الاستثمار الخارجي والمملكة، وفتح أبواب السفارات المفتوحة على استحياء لعقد اجتماعات الاعمال وادامة الاتصال، السفراء والطواقم الدبلوماسية هم افضل من يمكن ان يقوموا بهذا الدور، اذا ما تم توفير الإمكانات اللازمة لهم وتزويدهم بالمعلومات القابلة للنشر.

أخيرا، دعوة لوزير الاستثمار القادم من بطون المؤسسات الاستثمارية والائتمانية الكبرى للاجتماع مع القطاعات المختلفة، اجتماعات متخصصة من قبل لجان متخصصة لفهم مشاكل القطاعات المتخصصة حول اشكاليات أداء العمل، وفهم الأرقام، وتوفير مجموعات عمل تساهم بإعادة دراسة العبء الضريبي والجمركي على تلك القطاعات، بشرط فهم ما يمكن ان تقدمه هذه الشركات بالمقابل، من توظيف وإعادة تدوير الكفاءات وتاهيل أبناء الوطن، لخدمته.

والله من وراء القصد.

* دبلوماسي اردني سابق

* مدير الاتصال الحكومي في شركة آندز الشرق الأوسط وافريقيا – دبي