facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مدير المدرسة اليقظ


د. عائشة الخواجا الرازم
27-11-2021 12:14 AM

مدير المدرسة الذي يشتكي التلميذ لوالديه بأنه (حرامي ) ولا يصلح لدخول إسطبل ، أو زريبة غنم .

هذا المدير لعله يعلم أن التعليم هو تربية وإحساس لرفعة الروح في البريء رافعا للراس .ويعلم أنه حرام ومحرم على كل تربوي أن يجرح طفلا بيد شكواه الآثمة لوالديه متهما الطفل الطري البريء بأنه حرامي وخسارة أن يدخل المدرسة وأن على أهله تسجيله في زريبة غنم.

وعلى المدير الذي يتلقف التقارير والشكاوى ضد أطفال مدرسته من مربي صفوفهم وقبولها ، عليه مراجعة المربين المعلمين وتربيتهم وتدريبهم من الألف إلى الياء بفن معاملة وبناء الطفل .

وعلى كل وزير تربية وتعليم تشكيل هيئة رقابية تتابع سلوكيات كل معلم ومدير مدرسة يرتكب التشويه ضد أي طفل طري اللحم والعظم، حديث المخ في المدرسة . أو أن المدرسة بإدارتها تتحول إلى بيت النقمة والشكوى بغير عقل ولا رحمة .

ذاك الطفل بجانب الجدار ، ماذا به يبكي ويتلوى ؟

اسمعت لكلمات من والدته وهما يقفان تحت شجيرة قرب مدرسة الطفل ، والطفل ينحني تحت حقيبته ، والمطر من عينيه ينهمر .

سمعتها : عمرك يا دابة ما بتصير بني آدم الله يلعن اليوم اللي شفتك فيه ، ( ولك خزيتني وحطيت راسي في الطين قدام مدير المدرسة والأساتذة ) حرامي وسراق؟

وراحت تلطش رأسه بالجدار وتكرر عبارات حارقة، بتسرق المحاية والمسطرة من الولد ؟ بكرة بتسرق مصاري، الله يقطع مصارينك !

كنت أقترب وأستمع وقلبي يأمرني بالتدخل فيما يعنيني ولا يعنيني حينما يصدر لي ربما أمر جانبي يصرخ في وجهي : من تدخل فيما لا يعنيه ، لقي ما لا يرضيه .

خسارة فادحة وكأن الأم تقتل نفسا كأنما تقتل نفوس الأطفال في نفس واحدة .

ترددت واقفة لدقائق لكن أمانة العقل والعاطفة تجمعت في مخي ( نون والقلم وما يسطرون ) وذاك القلم يعتري خطواتي أينما حللت بأمانته التي أقسم الله سبحانه بالقلم .

اقتربت أكثر ووجهت كلامي للطفل قبل الأم وأنا أتحدث دون أن ألمس الطفل وقرمزت بجانبه :

شو مال القمر زعلان ؟

زعلان ؟ والشعرات الحلوين ممشطين بجننوا ؟ورحت اقترب رويدا رويدا ، وامسح على رأسه ثم وجهه بيدي ، والأم تنفر بكلمات غاضبة وتوجه شكواها لي : خزاني...والله يا اختي... المدير طارده سراق !

المدير قاللي : خليه عندكي في الدار لحتى يتربى، ابنكي حرامي واحنا الحرامية بنفصلهم . خذيه لحتى تربوا اولادكو.!

نظرات الطفل نحوي كمن يتشبث بمجداف نجاة ،لكن ابتسامة نائحة من وجهه فاقت دموعه في وجهي .

وضعت يدي أملس تسريحة شعره . وأخرجت منديلا من حقيبتي ومسحت عينيه وأنفه المحمر لشدة الضغط والتوجع بين يدي أستاذه ومدير مدرسته ، ثم والدته ، ثم الشجرة والمطر والخوف والتهديد ، وينهمر الوعيد ولكمات الأم وتوبيخ البيت والأب في البيت كما أتخيل ...

توهج نار قلبي : كل هذا يحيط بطفل جديد حديث على مصاعب ومصائب ونكبات هذه الحياة ؟

راح يحدثني بأنه أخذ مسطرة الولد ووضعها في حقيبته لأنه ...أخذها .

أخذته للإدارة ،وتحدثنا ، كان أسلوب المدير : صحيح كلامك دكتورة ، وأنا أحترم تدخلك وقبل تدخلك وحضورك تشرفنا بك في المدرسة فأنا اقرأ لك منذ سنوات وأنا طالب في الجامعة ، وكم أقدر لك هذا الاهتمام، ولكن هذا الولد )شقي وإيده طويلة وما بيوفر إشي تحت نظره يعني الطايح رايح )

.ولكن عشان خاطرك ، عادي خليه يروح للصف ، لكن والله ما بضمنه !

كنت تمنيت لو شاركني المدير بخلق نفس جديدة تعالج قضية الطايح رايح بأن يقول مثلا : صح الولد كويس وما شاء الله عليه ، وما راح يحصل منه أي غلط بعد اليوم والمسطرة والقلم والمحاية هدية مني وكل يوم لازم أشوفه .

ونزار مؤدب ومرتب وأنا بضمنه وأنا ومعلمه واثقين إنه شاطر وصادق وأمين..والأم هي المدرسة الأولى .

نظرت في فنجان قهوتي الذي كرمني به المدير ، ووجهي ممتقع الملامح في قاع الفنجان اللامع المقروء .

فجأة وقف المدير : حمل نزار وقال : يالله تعال معي على صفك يا نزار عشان نحكي للصف قديش إنت شاطر واصحابك بحبوك .

(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :