facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الدين قيم عامة لا نظم تفصيلية


محمد العودات
06-03-2022 10:30 AM

إذا ما تحدثت عن العلوم القانونية الحديثة يقول لك أحدهم لماذا نأخذ من الغرب العلوم القانونية إسلامنا به كل شيء، إذا ما تحدثت عن العلوم السياسية الحديثة يقول لك البعض لماذا نأخذ من الغرب إسلامنا به كل شيء، إذا ما تحدثت عن حقوق الإنسان يقول لك البعض لماذا نأخذ من الغرب إسلامنا به كل شيء، إذا ما تحدثت عن حقوق المرأة يقول لك البعض لماذا نأخذ من الغرب إسلامنا به كل شيء، ويسوق لك بعض الأدلة والاشارات

هذه المقارنات عادة يستخدمها المؤمنون بتصادم الحضارات ، وعادة ما يضعون المنتجات الغربية في العلوم الإنسانية كنقيض للدين الإسلامي ويصورون إنتاج الأمة أكثر صلاحية وتفوق وسمو ، معللين ذلك بإن الأمة غنية في العلوم الإنسانية ويجب علينا عدم الاستقراض الحضاري من الأمم الأخرى.

هذه الأفكار التي تقوم على المغالاة في المعتقدات والحط من كل المنتجات الأخرى ناتجة عن خلط كبير في فهم طبيعة الدين، فالدين أو النص المقدس من القرآن والسنة النبوية جاءت في العلوم الإنسانية تنادي بالقيم العامة العناوين العريضة دون الخوض في التفاصيل، فيما قدمت الشريعة الإسلامية نظم تفصيلية في بعض الأمور المتعلقة بالأسرة مثل الزواج والطلاق والميراث، وقدمت الشريعة الإسلامية نظم تفصيلية فيما يتعلق بالسلم المجتمعي من خلال النص التفصيلي لبعض أنواع العقوبات في جرائم محددة.

أبدعت الحضارة الإسلامية في العلوم الطبيعية باستخدام المنهج التجريبي إذ أخضعت كل شيء إلى التجربة المادية المحسوسة فما ثبت بالتجربة يتم قبوله وما لم تثبته التجربة الحسية يتم الإعراض عنه هذا المنهج نقل العلوم الطبيعية في الحضارة الإنسانية إلى مراحل متقدمة جدا، هذا المنهج التجريبي الذي أبدعه المسلمون الأوائل كان المحرك الأساسي لكل هذه النهضة الإنسانية بعد أنّ نقله الرومان لاحقا وأبدعوا به وبنوا عليه رغم رفض الكنيسة لهذا المنهج ومحاربته في العصور الوسطى .

قدم المسلمون الأوائل في العلوم الإنسانية كثير من النظريات والأفكار والإبداعات وترجموا من كل علوم الأمم وأخذوا منها وخصوصا من الحضارة اليونانية والحضارة الرومانية، إلا أنهم أحجموا كل الإحجام عن ترجمة العلوم السياسية وخاصة العلوم اليونانية والتي تتحدث عن حكم الشعب وتداول السلطة .... الخ وتم استبدال هذه العلوم بفتاوى دينية تم استصدارها في حينها تبرر الحكم الفردي الجبري.

العلوم الإنسانية شأنها شأن العلوم الطبيعية أو التجريبية فهي في تطور دائم ونمو مستمر، فلا يمكن لأي علم أن يثبت على شكل معين أو هيئة معينة وتبقى العلم تنمو وتتطور بشكل دائم وتقدم بها نظريات حديثة بما يحقق مصالح الناس مثل علوم التربية والعلوم القانونية والعلوم السياسية والعلوم الإدارية ...الخ.

أنتجت الحضارة الغربية كم هائل ونظريات كبيرة في العلوم الإنسانية وفي كل المجالات تربوية اقتصادية سياسية قانونية إدارية فلسفة ...الخ، ثم قامت بمأسسة هذه العلوم وعولمتها من خلال اتفاقيات ومؤسسات تنزل هذه العلوم على أرض الواقع فتم إنشاء المنظمة العامة لحقوق الإنسان وتم عمل اتفاقيات حقوق الانسان واتفاقيات حقوق الطفل، واتفاقيات مكافحة العنصرية والتمييز ضد المرأة، اتفاقيات حقوق الأسرى، اتفاقيات البعثات الدبلوماسية واتفاقيات منظمة العمل الدولية ... الخ.

موقف الإسلام مع العلوم بشكل عام جاء بالحظ على التعلم والأخذ من الغير ، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ليقر كل العلوم والمعارف الأخرى في علوم الأخلاق التي سبقت الإسلام فقال "إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق" ، وقال صلى الله عليه وسلم في حلف الفضول " لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت" ، وقال في إدارة أمور الحياة في قضية النخيل أَنتُم أَعلمُ بأَمرِ دُنياكم، وفي العلوم السياسية جاء الإسلام بخطوط عامة وعريضة فقال تعالى وأمرهم شورى بينهم فاجتهد كل واحد من الخلفاء في شكل النظام السياسي ونقل السلطة بشكل مختلف عن الآخر قبل ان يتحول الى الحكم الجبري بعد ذلك ، وفي العلوم القانونية وضع الإسلام إطار عام وقال تعالى "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل "وفي حقوق المرأة قال النبي "إنَّما هنَّ شقائقُ الرِّجالِ" وفي حقوق الانسان قال تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا" فاجتهد العلماء والخلفاء في تحقيق مقاصد هذه القيم بما يناسب زمانهم ومكانهم وثقافة مجتمعاتهم فظهرت الاختلافات والمواقف في تلك المسائل بما يحقق مصالح الناس ومقاصد الشريعة من القيم العامة التي جاءت بها النصوص المقدسة .

تصوير البعض أن الدين جاء بكل العلوم وأننا لسنا بحاجة إلى علوم الأمم الأخرى يحمّل الدين ما لم يحتمل ويجعل من الدين جامدا عاجزا عن مواكبة التطور وتحقيق مصالح الناس ، كما أنه يحرم الأمة من علوم الأمم الأخرى التي هي أساس رفعتها وتقدمها وتطورها .

إذا ما فهمنا الدين الإسلامي على أنه دين القيم العامة لا النظم التفصيلية سوف نخرج من هذه المقارنات الدائمة ما بين المنتج الإسلامي والمنتج الحديث ، وتصوير أن الحضارات الأخرى نقيض للحضارة الإسلامية وتصوير الحضارة الإسلامية بإنها تمتلك كل النظم والتفاصيل وأنها المعلم وعلى كل الحضارات أن تجلس أمام الحضارة مجلس التلميذ تتعلم منها ، هذا الطرح والتصور الحق أذى كبير في الأمة الإسلامية وأقام مجموعات فكرية متعصبة حرمت الأمة من العلوم الإنسانية الحديثة فتخلفت الأمة بينما تقدمت الأمم الأخرى ، مجرد حرمان الأمة على سبيل المثال من الأخذ بالعلوم السياسية الحديثة من حكم الشعب والديمقراطية ساد لدينا الإستبداد فتولد من ذلك التخلف والنكوص وساد لدى الآخرين الحرية وكان لديهم الإبداع والتقدم .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :