مالكم لا ترجون لله وقارا؟
علي الزعتري
09-04-2022 10:40 AM
ننتظرُ آذان المغرب الذي سيأتينا عبر التلفزيون والمسجد القريب للبيت. يُدهِشُكَ التلفزيون الأردني ما بين التلاوة والآذان بسلسلةِ إعلاناتٍ متوالية يقترب عددها من عشرة. موسيقى وحركات وألوان وتمثيل مختلطة بالتهنئة برمضان. ثم الآذان. الإعلان في غيرِ وقته مدعاةٌ لاستجلاب السخط على المُعْلِنْ والمُعْلَنِ عنه. وهو كذلك استقواء على ما نعتبره فترة الدعاء والسكينة. لكن التلفزيون يرى في الإعلانات دخلاً لا يمكن رفضه في وقتٍ يتحلق الناس أمامه منتظرين المغرب فهي لحظة الذروة. ولو أضاعَ التلفزيون وقار اللحظة. محطةٌ أُخرى ليست حكومية تُعلنُ قبل قراءة القرآن وبتسلسلٍ طويلٍ ومشابه. ثم تبثُ الآذان لكنها تقطعُ وقارهُ بإعلانات تصاحبهُ كشريط الأخبار! تخيلوا الآذان يناجي الصائم والمحطة تُعلنُ في ذاتِ الوقت بومضاتٍ أسفل الشاشة.
ويتردد السؤال القرآني الخالد: ما لكم لا ترجون للهِ وقارا؟
هجمة الإعلانات داءٌ يُصيبُ إذاعةَ القرآن الكريم كذلك. وغيرها من محطات ذات توجهٍ ديني فيسلبُ من المستمع الرغبة للاستماع. ويسلبُ وقاراً يجب أن تبثهُ هذه الإذاعات. لكنه المال الإعلاني.
أستمعُ لمحطةٍ أمريكية عامة تُمولُ من التبرعات والهبات برامجها رصينة تحليلية وليست دينية لكنها تخوض في شؤون الدين والدنيا من باب الثقافة. إسمها National Public Radio NPR وإعلاناتها هي عبارة عن تنويه بصوتٍ إذاعي لطيف عن من يدعم البرنامج المذاع. لا تقطع برنامجاً لإعلان ولكنها قبله أو بعده تشكر من دعمه.
أما عندنا فستسمعُ وترى مقاطع تمثيلية، بعضها يقتربُ من السماجة، مُجبراً لأنك تريدُ أن تقترب من برنامجك أو أن تسمعَ آذان المغرب. لا بُدَّ من رأيٍّ من وزارةٍ معنية. ألا ترونَ ذلك، لإِعادةِ الوقار الذي ينسحبُ أمام التجارة؟ قد يقول قائل أنت حُر فلا تسمع ولا ترى وقد يقولُ لا شُبهةً دينيةً في الإعلانِ بهذا الوقت وبهذه المحطات. وأقولُ، إن أبغضَ الحلال بغيض؛ وأن الإعلان في هذا الوقت وبهذه الصورة مهما كان بلا شبهة يبقى بغيضاً لأنه يهدر الوقار المأمول والمتوقع. وأن لقراءة القرآن والأذن وقاراً يجب أن يُحمى.