facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحنت المخفي المفاجئ


د.م. أحمد محمود الحسبان
11-04-2022 10:38 AM

(فلان ضرب رأسه الحنت)، تقال لمن مرّ بتجربه قاسية حولت مسار حياته من التياسة الى الفهم.

وأقول أن كلامَهم صحيحٌ، فالانسانُ غافلٌ بطبيعة حاله - (وإن أكثرهم لغافلون) - كثيراً ما تشتتُ بوصلةَ حياته صروفُ الدهر ومشاغلُ الدنيا، فيبقى بغفلته هذه ولو تظاهرَ أنه بالغٌ راشدٌ حكيم، فما ذاك الا تدافعٌ بالقصور الذاتي لحالةٍ ابتدائية كانت صحيحةً، ومسايرةٌ لديمغرافيةٍ اجتماعية حكمتها ثقافات العيب وكلام الناس، لكن الهداية الجوهرية الحقيقية، لا تأتي الا بعد حدثٍ فارق مهم، يلتقي به المرء بزمكان ما بمسار حياته، فيكشف له حقائق لم يكن يراها قبله، وقتئذ تجتمع في عقله صحوةٌ منيرة مع غفلةٍ مظلمة، يصار عندها لتغيير المسار بنضج كافٍ الى قناعات جديدة، تُحدثُ طفرةً نوعية في روتين حياته لما هو أفضل انجازا، واكثر سعادة، واعمق نظرة، وارشد سبيلا. ذلك الحدث هو الحنت غير المرئي الذي يظهر فجأة في وسط الجبهة، لا يسدي نصيحة هادئة أخوية، بل يصفع ضارباً النواصي، كرشق ماء بارد في صبح شتاء قارس من أمّ رؤوم، ارادت الصحوة بلا كسر عظم ولا جرح لحم، بل لتنشيط عصب.

كثيرٌ من عمالقة الدنيا كانوا يسيرون بمسارب خاطئة، الى ان (خبطتهم) حنوت الدنيا المخفية فجأة، فجعلت منهم عظماء بعد ان كانوا نكرات، وابدعوا بعدما فشلوا، واختلفت حنوت احداث التغيير لكل منهم، فهذا كوته نار فقد الام او الاب، وذاك عصرته حاجة الفقر والعوز، وذياك كسرت قلبه مرارة فشل ما بالدراسة، وأخر عانى من مرض عضال، وهكذا الى ان تحول كل منهم لإنسان آخر، تفجرت طاقاته، وتنورت آفاقه، وكُشف غطاء بصيرته، فبصره يومها حديد، وانقلب الى حال جديد، وهناك نوعٌ مختلف فتح الله عليه نور هدايته، بلا حنت غير مرئي مفاجئ، ولا حدث فارق ولا تجربة قاسية، هؤلاء هم المحظوظون بدعوة أم او أب، او هداية رب رحيم.

اللهم نسألك هدايةً قبل صحوة الموت، بلا ألم فراق، ولا أنين مرض، ولا مرارة فشل، ولا مفاجآت الحنوت المخفية، اللهم هداية من لدنك تنير بها دروبنا، لنرَ الخير خيراً، والشر شراً، قبل فوات الأوان، ومغادرة المكان. آمين.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :