عمون - نشر الدكتور بسام الزعبي على صفحته في الفيسبوك كلمة رثاء لرجل الأعمال الأردني عصام سمارة، الذي توفي يوم أمس إثر إصابته بمرض السرطان، والذي اكتشفه متأخراً، ولتأتي الكورونا وتنهي حياته، وجاء في الرثاء:
عصام سمارة الأخ العزيز.. والصديق الصدوق الوفي.. والطيب النقي.. والتاجر التقي.. في ذمة أكرم الأكرمين..
في اللحظة التي كنت أدعو فيها له في صلاة العشاء والتراويح بالشفاء في المسجد النبوي الشريف.. لم أكن أعلم أن روحه قد عانقت السماء قبل ساعات.. لم أكن أعلم أنه أصبح من أهل السماء.. لم أكن أعلم أنني لن ألتقيه في العيد لتبادل التهاني والضحكات والحكايات..
وفي صلاة فجر اليوم في المسجد النبوي.. تحولت الدعوات بالشفاء.. إلى دعوات بالرحمة والمغفرة والعتق من النار.. فسبحان مغير الأحوال.. وقد أتتني البشارة بك سريعة أنك ستكون بأمان برحمة من الرحمن.. حيث قرأ الإمام (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ).
عندما جلسنا آخر مرة عدت فيها للأردن حدثني مطولاً عن السرطان اللعين.. وعن الكيماوي المؤلم في الجلسة الأولى.. ولكنه أخبرني أنه جاهزة للقدوم للرياض بين كل جرعتين!!!.
لا إله إلا الله محمد رسول الله
إنا لله وإنا إليه راجعون
حسبنا الله ونعم الوكيل
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
عصام الحامد الشاكر الراضي بقضاء الله لم يعد من أهل هذه الدنيا الفانية.. في الجلسة الأخيرة لنا طلب مني أن أمنحه شحنة من الإيجابية.. فأنا بحسب رأيه (إيجابي ومتفائل).. لكنه سألني سؤالاً كبيراً ومؤلماً.. لماذا حالنا هكذا مع أن بلدنا يستحق الأفضل؟؟..
طلبت منه أن لا يفتح علينا المواجع والآلام.. ومع ذلك أصر أن ندخل بالتفاصيل المريرة.. رغم أنه اقتنع مني أن الأردن سيبقى بخير.. وهو يؤمن على ذلك.. اللهم احفظنا واحفظ الأردن.
عصام الذي أضر به الكثيرون من الشركاء والمقربين والحاسدين.. كان دائم الحمد لله على فضله.. وكان يؤمن أن الأرزاق مقسومة من العلي القدير..
١٧ عاماً قضيناها بصداقة عميقة حولتنا لإخوة نشعر ببعضنا عن بُعد.. فقد اشتركنا بأن تعرضنا للظلم في عملنا ورزقنا من بعض ممن حولنا ومن بعض ذوي القربى.. لكنه كان الصابر الشاكر القابل بقدر الله.. وكان يصبرني على ذلك الظلم.. لأن الغد أفضل.. وخير الله عظيم وواسع..
عصام الأخ والصديق والإنسان المحب للجميع.. لم يكن يتقن الكذب والنفاق والحقد.. فستغل الكثيرون طيبته.. وضغطوا عليه من كل الجهات.. وعلى الدوام كان العافي عن الناس والكاظم لغيظهم وظلمهم..
مهما كتبت عن عصام لن أوفيه حقه.. ومهما وصفته لن أتقن التعريف بصفاته.. وما يعزيني به أنني على يقين تاااااام أنه كان قريب من الله.. وكان القريب من الأيتام والفقراء.. وأنه كان الكريم المعطاء..
وبكل تأكيد سأبقى أذكر محاسنه وصفاته وحُسن أخلاقه في المجالس ليبقى ذكره عامراً بين الناس.. وليبقى الجميع يترحم عليه.. ويبقى الأمل بالخير والخيرين منتشراً بين الطيبين أمثاله..
أودع عصام بهذه الكلمات وأنا الذي قلت له عند وداعنا الأخير.. إذا سبقتني إلى هناك فاحجز لي مكاناً معك وبقربك.. تبع ذلك ضحكة عميقة من كلانا.. وكان الوداع الحزين، وقد كنت على يقين داخلي أنه الوداع الأخير من شدة وصفه لألم الجرعة الأولى.. وبكل تأكيد وثقة قلت له.. نراكم على خير.. ولكن أين؟؟.. الله أعلم!!.
عصام أنا مطمئن عليك لأنك بين يدي الله.. آنسك الله.. ثبتك الله.. ويمن كتاب ويسر حسابك وأكرم مآبك.. رحمك الله أيها الحبيب الطيب.. وإلى لقاء نسأل الله أن يكون في الفردوس الأعلى.. آمين آمين آمين.
الداعي لك مع صوت الله أكبر في مسجد رسولنا الأعظم
أخوك وصديقك ومحبك أبو شجاع
المدينة المنورة