facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ضعف التعليم البيئي في الأردن: أزمة المياه أنموذجا


المحامية اسراء الترك
22-04-2022 12:02 AM

نشرت مجلة التعليم البيئي أحد أهم المجلات العلمية المحكمة عالميا عام 2018 بحثا تحليليا مهما عن تدريس الحق في المياه في المدارس الأردنية للدكتور حسام حسين المدرس في كلية العلاقات الدولية في جامعة اوكسفورد – بريطانيا، وتكمن أهمية الدراسة باعتبار ان الأردن من أفقر ثلاث دول في قطاع المياه من حيث الكمية المتاحة للسكان والصالحة للشرب على مستوى العالم.

وبعيدا قليلا عن البحث، وسواء أكانت المعلومة الخاصة بمشكلة المياه في المملكة حقيقية وشفافة أم لا، وسواء أكانت المشكلة في الإدارة وليس في الكمية كما تبين لي خلال السنوات الستة عشر الماضية من العمل في مجال البيئة، لا يمكن انكار أن تعليم الأجيال وتنويرهم نحو هذه المعضلة حاجة وأولوية لا مناص منها، علهم يستطيعون إيجاد الحلول العلمية والعملية لهذه الأزمة، ويفعلون ما عجزت عن فعله الأجيال السابقة.

لقد خلص الباحث في الدراسة المشار إليها الى نتيجة جوهرية واحدة وهي أن الطلاب ومنذ الصفوف الأولى يتعرضون للتعرف على مشكلة المياه وأن هذا التعرف يتصاعد مع انتقال الطلاب من مرحلة دراسية الى أخرى، لابل وتزيد المعرفة والتفاصيل وتتوج هذه المعرفة في الصفوف الثانوية حيث يبدأ المؤلفون لهذه الكتب المحتوية على موضوع ندرة المياه بوضع توصيات لحل مشكلة المياه، اضف الى ذلك الحديث عن القيم الإسلامية المتعلقة بواجب كل مسلم اتجاه الماء، لكن هذه التوصيات على أهميتها لا تخرج عن الإطار النظري بعيدا عن المنهج العملي الواجب غرسه في نفوس الأجيال إزاء هذه المعضلة، إذ لابد من وضع الطالب في جو الواقع وتغيير سلوكه اتجاه تعامله واستخدامه اليومي للماء وهو افضل طريقة وانجحها لاستدامة هذا المورد، فمثلا لجعل استخدام المياه الزراعية اكثر استدامة يمكن اقتراح زراعة محاصيل أكثر استدامة، بدل ان يتم اقتراح الري بالتنقيط مثلا او اللجوء الى المزيد من التقنيات التكنولوجية.

ويبدو أيضا أن بعض الحلول تحظى بدعم وتأكيد وتعزيز خاصة: المهمة الهيدروليكية مثل بناء السدود، وحصاد المياه؛ فالكتب المدرسية، تدفع بشكل رئيسي نحو اتجاه حلول جانب العرض - وهذا يعني زيادة الموارد المائية - أو الحفظ، بدلا من التوجه نحو إدارة أفضل للموارد المائية من خلال حلول جانب الطلب - وهذا يعني تقليل الطلب الحالي على الموارد المائية. لذلك، يتبين أن الكتب المدرسية تساهم في إعادة إنتاج نفس خطاب ندرة المياه بشكل نظري بحت ، وهذا سوف يؤدي لامحالة الى انتاج قادة تنظير لا قادة تغيير عمليين محترفين للإبداع وباحثين عن الأفكار العملية الخلاقة وهم يديرون دفة العمل الذي يشغلونه، فمثلا بدل ان نشرح ما هو واقع الحال في قطاع المياه في الأردن، علينا أيضا مساعدة الطلاب بإيجاد حلول عملية، مثلا لماذا لا يتم عمل مشروع لترشيد استخدام المياه في المدرسة لمدة فصل دراسي كامل وبهذه الطريقة التطبيقية يتبين للطلاب اننا قادرون على إدارة ناجحة للمياه مهما كانت الظروف، وبخضم ذلك نحيي في قلوبهم قيمنا الشرقية العربية والإسلامية بالسلوك العملي كما فعل محمد صلى الله عليه وسلم مع سعد بن ابي وقاص رضى الله عنه فعندما مر افضل الخلق عليه الصلاة والسلام بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ بماء منهمر فَقَالَ: "مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ؟ قَالَ سعد: أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ".

فكأن رسالته صلى الله عليه وسلم في هذا الواقعة تقول: مارس العبادة لكن بمسؤولية اتجاه الأرض ومواردها. ولا ننسى كذلك ان هذه الطريقة بالتدريس فيها تحفيز على التفكير الإبداعي العملي للطلاب، لأننا من خلال التعليم العملي نوصل للطالب رسالة أنك سوف تدرس في المدرسة وسوف يقوم المعلم أو المعلمة بتقديم أقصى ما يمكن تقديمة من معرفة، لكن ليست كل المعرفة موجودة في الكتب لتستطيع ان تعيش وتقود ان سارت بك الاقدار الى القيادة في بلدك في أي مجال كان.

ويبقى أن نشير إلى أن الدكتور حسام حسين اعتمد في بحثه على المنهج التحليلي والواقعي، ومن خلاله قام بالاضطلاع ومراجعة كل الكتب المدرسية المعتمدة والصادرة من وزارة التربية والتعليم الأردنية وبكل المجالات، كما قام بمقابلات مع شرائح مختلفة من المعلمين والمعلمات على مستوى المملكة، حتى يتسنى له حقيقة معرفة أين، وكيف، يسلط الضوء على الحق في المياه، وماهية تدريسه في المدارس الأردنية.

ويشير الباحث أيضا الى ضرورة أن يفهم الناس انه في كل مكان على هذه البسيطة ثمة قضية حساسة وذات أولوية لابد من خلال التعليم تسليط الضوء عليها، بحيث توجه افعالهم بالنتيجة نحو إيجاد وتنفيذ حلول مناسبة لحل هذه القضية او المشكلة بصورة مستدامة، باعتبار ان هؤلاء الطلاب هم قادة المستقبل في بلدهم، وهذا ما يجب أن يكون عند الحديث عن أزمة المياه في الأردن.

ولعل هذه النتيجة التي أكد عليها الباحث هي التي يجب أن تحظى بالعصف الذهني والاشتباك التعليمي والتربوي اللازم لإخراج أزمة المياه في الأردن من أدراج الترف الفكري، إلى أولويات التفكير والعمل الوطني لاسيما في ظل أزمة المياه العالمية في ظل زيادة الطلب وشح الموارد، والحروب التي بدأت تطل برأسها على منابع المياه ومصادرها في أكثر من بقعة فوق هذه المعمورة.








  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :