facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رسالة الملك شأناً وطنياً عاماً


سامح المحاريق
20-05-2022 10:44 AM

أخوكم عبد الله الثاني ابن الحسين، هكذا يختتم الملك رسالته إلى الأسرة الأردنية، أي أننا أمام خطاب إنساني قبل أن يكون رسمياً، وعادةً ما نخفق في قراءة هذا الخطاب عندما يكون صادراً عن الملوك أو الرؤساء، لأن الأمور تغيب في وسط جماعات جاهزة ومتأهبة لإضاعة المعنى، ومن نسميهم عادة بالمنافقين أو السحيجة!

الأمر جلل، ويتعلق بولاية العهد وتوابعها في بلد ملكي مستقر يعيش ظرفاً اقليمياً مضطرباً، وتفاصيل كثيرة ليست بالجديدة في الملكيات بالمناسبة، فقد حدثت في بريطانيا والمغرب من قبل أمور مشابهة، إلا أننا في الأردن في قلب صراع متواصل ومعادلات صعبة وحساسة، ولا نمتلك هذه الرفاهية على أية حال.

لم نستطع يوماً أن نفهم الملك الحسين مع أنه أتاح جميع مفاتيح شخصيته في لقائه الطويل في كتابه مهنتي كملك، ولم نلحظ أن الحسين كان يعرف جيداً أن وضعه الملكي هو مهنته في الحياة، ولكنه ليس جميع الحسين الإنسان، فجزء من شخصية الحسين بقي متعلقاً بمرحلة حياته المبكرة في جبل عمان والإسكندرية وكلية هارو، والأمر كذلك بالنسبة للملك عبد الله الثاني الذي قدم معظم مفاتيح شخصيته في كتابه الفرصة الأخيرة.

يعرف الملك أن الأردن بإمكانياته المحدودة يعيش قدراً صعباً، وعدا الجانب السياسي المعقد بجوانبه الإقليمية والمحلية، فإن واقعاً اقتصادياً وثقافياً آخر يضغط على الأردن، فهو الدولة التي تقع بين المشرق العربي الثري بممالكه وإماراته وأنماط معيشته القائمة على رحلة انتقال إلى المستقبل وطموحات متوثبة تغذيها البحبوحة المالية، وبين دول المركز التي تعيش حقبة من الهبوط إلى الواقع بعد أن حملت في مشاريع استقلالها طموحات تستعيد أمجادها التاريخية، وكم هي بليغة عبارة الأردن بلد نفطي من غير نفط.

وهذه الحقائق كان يعرفها الملك الحسين، ويعيشها ويعمل على التعامل معها، ليتشكل واقع أردني على شيء من الغرابة بين الدول العربية، فالأردن يرسل مئات الآلاف من أبنائه إلى دول الخليج بوصفهم أهم صادراته، وفي المقابل، يستقبل مئات آلاف المصريين من أجل العمل في استكمال البنية التحتية في الأردن، ولذلك كان الحسين، يرتدي تارةً الثوب العربي والعقال الأحمر ويتحدث بالرسائل المبطنة والملغزة التي يحبها البدو ويقدرون ذكاء صاحبها، وتارةً أخرى، يرتدي الملابس الغربية وربطات عنق أنيقة ويتحدث بلغة واضحة ومباشرة متمسكاً بقواعد البروتوكول.

كان الحسين يحتاج التواصل مع الجانبين، فهو يحتاج عمقاً عربياً في مواجهة مفتوحة لا يعرف أحد متى يكون توقيتها، ويحتاج للتواجد في المحافل التي عادةً ما تستوطن من الحركة الصهيونية التي ما زالت ترى الأردن جزءاً من مشروعها.

هذه الحياة المرهقة دفعت الملك الحسين إلى الطلب من شقيقه الأمير الحسن أن يتولى ولاية العهد في الأردن، ببساطة كان الحسين بوصفه إنساناً يعرف أن ولاية العهد الشرعية تؤول إلى ابنه البكر عبد الله، وببساطة أيضاً كان يعرف أن مسؤوليته كملك تقتضي أن يكون وراءه في حالة اغتياله، وهو ما كان احتمالاً مفتوحاً أثناء حياة الحسين وظروفها، أن يكلف شقيقه الحسن بولاية العهد، فالملك عايش تجربة الوصاية لبضعة أشهر صعبة، فكيف يمكنه أن يأمن على الأردن في حالة الوصاية التي كانت ستستمر نحو خمسة عشر عاماً لأن ابنه كان في الثالثة من عمره.

الأسرة الهاشمية محكومة بالتاريخ، تاريخ مباشر وآخر عميق، المباشر، يتعلق بتجربتها في حكم مكة المكرمة والصراعات حولها بسبب قيمتها الدينية، والعميق، منذ وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى اليوم، والعيش في التاريخ أمر يدفع باستمرار للتأمل في التجارب بين ولاية العهد الأفقية والرأسية، وكانت تجاربها في المرحلة الأموية والعباسية كارثية، وجميع الدول العربية التي عايشت تجربة المؤسس القوي، مثل الملك عبد العزيز والشيخ زايد، تتوجه في هذه المرحلة إلى العودة إلى الولاية الرأسية بصورة أو بأخرى.

التاريخ الشخصي للملك الحسين كان يفكر بمنطق الولاية الأفقية ليعيش في إشكالية ولاية العهد، فالأمير الحسين بن عبد الله الثاني كان في الخامسة من عمره، ولذلك كان مقترح الأمير بولاية العهد للأمير حمزة متعلقاً بتجربة شخصية لم تكن قائمة سوى على أسباب عاطفية وثقافة الملك الذي عايش أزمنة الاغتيالات والانقلابات، أما من الناحية الإنسانية، فالملك الحسين لم يكن ليسلب حفيده تسلسل الولاية والعلاقة بينه وبين سميه كانت واضحة في الصور التي ما زالت متواجدة ومتوفرة في زمن الانترنت.

التصحيح المبكر للأوضاع كان ضرورياً، فالأردن لا يتحمل فكرة مراضاة الأمراء بطريقة واسعة مثل دول أخرى، وهذه مسألة بقيت منذ عهد الملك عبد الله المؤسس، إذ كان يفضل أن يتوجه أقاربه إلى العراق الثري وليس الأردن الفقير، مع أن المصلحة الشخصية للملك كانت تقتضي أن يزيد أفراد الأسرة في الأردن، خاصة أن الأردن مثل غيره من الدول العربية داخل الجزيرة أو على تخومها، مجتمع عشائري في جوهره.

ما الذي أريده كمواطن أردني؟
في الوقت الذي علي أن أدرك أن الملك قبل أي شيء إنسان له ثقافته الشخصية وانفعالته وتقديراً للأمور يتناسب مع رؤيته للظروف مثل كل إنسان، ويحدث نفسه بالصبر حيناً، ويغضب أحياناً، إلا أنني في المقابل أدرك أن علاقتي به قائمة على تصميم الدولة الأردنية نفسه وسياقها وتاريخها، وهذه الدولة تمتلك شخصية قانونية في المجتمع الدولي، وأنا أحمل جواز سفر أردني يحمل شعار الملكية الأردنية يتيح لي أن أتنقل بين دول العالم، ويوعز لكل موظف وممثل لهذه الدولة أن يسهل مروري، وأن يقدم ما أحتاجه من مساندة عند الحاجة.

عندما نقول ملكنا، ونحن نتحدث عن الملك عبد الله الثاني، فنحن نتحدث عن مرجعية الدولة، قبل أن نتحدث عن الملك بوصفه إنساناً، هذه فكرة ليست بالسهل لأن بها جانباً تجريدياً، والملك يعرف أن تفضيلاته الشخصية وكثير من آرائه في العديد من القضايا ليست متاحة، لسبب بسيط أنه المنصب الملكي هو مهنة ودور ورمز، والرمز أكثر أهمية وعمقاً وتعقيداً.

في المقابل، فمهما كانت الآراء، وهي التي لا تسلب من أي أحد أردنيته أو وطنيته، وقد عايشنا مشاهداً منها مع عودة بعض المعارضين من الخارج، فإن الثابت هو أن ملكية مستقرة تبقى منجزاً وطنياً يخصنا جميعاً ونتحمل كلنا مسؤوليته.

رسالة الملك إنسانية حول موضوع وطني، وفرصة من أجل استعادة بعض الأمور إلى نصابها الصحيح خاصة مع مسيرة إصلاح سياسي يجب أن نستفيد منها حتى ولو كان ثمة اختلاف حول بعض تفاصيلها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :