facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ظاهرة الاعتداءات على الكوادر الطبية!


د. محمد رسول الطراونة
27-06-2022 12:38 AM

«بين حانا ومانا ضاعت لحانا» لا يختلف اثنان على أن جوهر الخدمة الطبية يقوم على «احتمال شفاء المريض وليس ضمان الشفاء» حيث أن التزام الطبيب ينحصر ببذل العناية الطبية الفائقة وليس تحقيق الشفاء، لأن الشفاء بيد الله وهذا ما جاء في قوله تعالى {وإذا مرضت فهو يشفين}، وبالرغم من هذه الحقيقة وغيرها من الحقائق التي لا يتسع المجال لسردها إلا أن حالات الاعتداء على الكوادر الطبية تزايدت في الآونة الأخيرة، ظاهرة ما زالت غريبة على مجتمعنا المتسامح بفطرته ودخيلة على عادتنا وتقاليدنا، ظاهرة قد تتفاقم اكثر إذا لم يتم مواجهتها بحزم وشجاعة.

إن تزايد حوادث الاعتداء على الكوادر الطبية في مستشفياتنا الحكومية مؤشر خطير على فشل كل المحاولات السابقة للتعامل مع هذه الظاهرة، ومع كل حادثة اعتداء تتداعى الجهات المختصة والإعلامية لتسليط الضوء على الحادثة وشجبها واستنكارها، ثم ما يلبث الموضوع أن يطوى و ينسى.

إن تنامي هذه الظاهرة ليس الا مؤشر على أن هناك فجوة ثقة عميقة بين المواطن ومؤسسات الدولة آخذة بالاتساع، وأن المؤسسات الصحية ومرافقها في القطاع العام ليست استثناء من أزمة الثقة هذه التي نعيش، ومن الواضح ايضاً أن ردم هذه الفجوة يحتاج الى جهود متكاملة من جميع الجهات المعنية والى تبني نهج تشاركي من القطاعات المختلفة بعيدا عن المجاملات، حيث أن هناك الكثير من الحلول التي يجب المباشرة بالعمل عليها لمواجهة هذه الظاهرة لعل في مقدمتها وضع استراتيجية وطنية تقوم على التعاون والتنسيق بين جميع الجهات ذات العلاقة من وزارات الصحة والداخلية والتربية والتعليم والجامعات والنقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني للقيام بالتوعية اللازمة بخطورة هذه الظاهرة وأثرها على مستوى الخدمات الطبية خاصة عندما تشعر الكوادر الطبية بعدم الأمان والخوف أثناء مزاولتها لعملها.

ومن الأمور التي يتوجب العمل عليها وبالسرعة الممكنة زيادة أعداد الكوادر الطبية في مؤسسات القطاع الصحي العام وتوزيعها بعدالة بين المستشفيات وحتى بين الاقسام، والعمل على تطوير كفاءاتهم بالاضافة الى تخفيف العبء على أقسام الطوارئ في المستشفيات وتنظيم العمل فيها بشكل افضل بحيث يتم الفصل التام بين مكان تواجد المرافقين للمريض ومكان علاج المرضى وبما يضمن ايضاً إنسيابية المرضى وذلك منعاً لأي احتكاك بين الطرفين وتوفير الكوادر الطبية اللازمة في أقسام الطوارئ والأقسام التي تشهد ازدحاماً من المرضى،.

وبات من الضروري أيضاً تفعيل دور مراكز الرعاية الصحية الأولية كنقطة التماس الاولى مع المريض وتاهيلها لتساهم في تخفيف الاكتظاظ في اقسام الطوارئ ومن الضروري ايضاً الاهتمام بتطوير مهارات الكوادر الطبية في التواصل مع المواطنين، وإعادة النظر في بيئة العمل للكوادر الطبية ومنها ساعات العمل الطويلة للاطباء المقيمين وأن لا يغيب عن الاذهان تطوير التشريعات الرادعة لكبح جماح هذه الظاهرة، علماً أن خبراء علم الجريمة لا يتوقعون ان تنخفض نسبة حدوث و شيوع العنف ضد الكوادر الطبية بتشديد (تغليظ) العقوبة دون التعامل مع جذور هذا الشكل من العنف وفقاً لنموذج منظمة الصحة العالمية المتعلق بجذور العنف ضد الكوادر الطبية والذي يشير الى أن هناك ثلاث مجموعات من عوامل الخطورة لحدوث العنف منها عوامل تتعلق بالشخص المعتدي والذي قد يعاني من اضطرابات الشخصية (الشخصية العدوانية) أو يعاني من بعض الامراض النفسية او الادمان، وعوامل خطورة تتعلق ببيئة العمل غير الآمنة مثل اكتظاظ أقسام الطوارئ بالمراجعين وعدم كفاية المساحات فيها وعدم وجود مقاعد مناسبة في اماكن الانتظار وعدم كفاية الكوادر الطبية، وعوامل خطورة متعلقة بالصورة النمطية السلبية السائدة في المجتمع وفي الاعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي حول تردي الخدمات الصحية في مستشفيات وزارة الصحة والاعتقاد الخاطئ والسائد حول عدم كفاءة اطباء القطاع العام اذ يشكّل فقدان الثقة أرضيّة خصبة للتوتر لدى الطبيب والمريض ومرافقيه على حدّ سواء، وبالتالي زيادة احتمال حصول العنف ضدّ الكوادر الطبية خاصة الأطباء منهم.

خلاصة القول، عدة عقود مضت على أول حادثة اعتداء على الكوادر الطبية ونحن ما زلنا نبحث عن حلول لهذه المشكلة، أتمنى أن لا تضيع الحلول كما ضاعت لحية صاحبنا بين «حانا» و"مانا».

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :