facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الجريمة العائلية مجرمون وضحايا


طاهر العدوان
22-09-2010 04:22 AM

"جريمة السلط" تضرب عميقاً في المشاعر الانسانية. صعب على العقل الاستنتاج بأن أماً قادرة على الاستيقاظ في الليل والتوجه الى المطبخ وتناول سكين ثم تعود الى حيث ينام اطفالها الثلاثة, وتبدأ بطعنهم حتى الموت واحداً بعد آخر. فتقتل طفلتين وتنجو الكبرى وهن جميعاً دون التاسعة من العمر.

مثل هذا المشهد المروع تكرر اكثر من مرة في حياتنا الاجتماعية في السنوات الـ 12 الأخيرة, لا ننسى قصة طالب التوجيهي الذي استدرج كامل عائلته الى الطابق الارضي, في احد احياء عمان, ليبدأ بتنفيذ مجزرته بادئا بوالده ووالدته واخوانه واخواته ليكتمل المشهد الدرامي بـ 11 ضحية من لحمه ودمه.

لا اعرف عناوين رجال الاجتماع في هذا البلد, ولا ان كان اطباء النفس او رجال الدين, او مسؤولو الدولة قد توقفوا طويلاً امام ما يمكن ان يصبح بامتياز "مسلسل الجريمة العائلية", حيث يكون مرتكب الجريمة أبا ضد اطفاله, كما حدث في جريمة الشميساني قبل 10 سنوات او آخر ضد زوجته واطفاله كما وقع في جريمة الرابية. او تلك التي وقعت في الزرقاء او اربد واخيراً السلط ومعان وبينها قائمة طويلة يكون فيها المجرم احد الاقرباء الذين يضمهم مع الضحايا سقف واحد.

إحدى المرات, قمنا في "العرب اليوم" بنشر تفاصيل واحدة من هذا النوع من الجرائم العائلية, ونشرنا بعض التفاصيل المروعة. في ذلك اليوم تلقيت عدداً من الاتصالات, من اصدقاء وقراء يلومونني بالسماح بنشر مثل هذه التفاصيل لانها "تروع من يقرأها وتهز مشاعر النساء والشباب والاطفال" الخ. ومنذ ذلك الوقت, وفي كل مرة يتكرر فيها مثل هذا النوع من الجرائم اشعر بأن هناك نقصاً وخطأ ما وتقصيراً فظيعاً في كيفية انقاذ المجتمع من هذه الوحشية التي ربما يكون مرتكب الجريمة فيها مجرد ضحية تماماً كضحاياه الذين يقتلهم بيديه.

هل هناك من علاج? هل هي مسألة فردية تتعلق بسلوك مرتكب الجريمة ام انها مسؤولية عائلته ومجتمعه? ماذا يمكن ان يُفعل لمواجهة هذا الوباء الخطير? ما هو دور رجل الدين والجامعات, والوعي الاسري, ودور الاطباء النفسيين والاختصاصيين, ما هو الموقف الصحيح الذي ينبغي على وسائل الاعلام وفي مقدمتها الصحافة اتباعه في تغطية مثل هذه الجرائم, الى متى نظل نضع رؤوسنا في الرمال ونتبع (مفاهيم السترة والستيرة) التي يتبعها عادة تغميض العيون وتجاهل احداث لا تزهق الارواح البريئة فقط انما تهز منظومة القيم الاسرية والدينية والاجتماعية والانسانية التي ندّعي اننا متمسكون بها?

عندما تحدث مثل هذه الجرائم في الدول الغربية, تجدها الخبر الاول في التلفزيون والصحف ولايام عديدة حيث يقوم رجال القانون واطباء النفس والرواة من الشهود بالإدلاء بآرائهم مما يوفر للرأي العام ملفاً وافياً عن شخصية مرتكب الجريمة وبيئته وتصرفاته قبل ارتكاب الجريمة بما يشكل توفيراً للمعلومات والشواهد التي تساعد المجتمع على التمييز بين تصرفات الشخص السوي وذلك الذي تنبىء تصرفاته بأنه غير طبيعي وانه يمكن ان يرتكب عملاً خطيراً.

حان الوقت للمراجعة والبحث والاستقصاء من قبل كل من له علاقة بسلوكيات البشر وفهم طبيعة الناس. فالوقاية خير من العلاج, فنشر التحذيرات والمعلومات واساليب التوعية من خلال وسائل الاعلام والندوات والصحافة, قد يمنع وقوع جريمة اخرى, بأن يقوم الزوج او الزوجة, العائلة, الام او الأب, الجيران بمعرفة سلوكيات من يعيشون معهم ثم اللجوء الى مراكز اجتماعية وصحية ذات طابع خاص تتحرى كل شكوى او ظاهرة. وفي بلاد اجنبية يسأل الطفل على مقاعد الدراسة ان كان يتعرض للضرب او الاعتداء او الاهانة من والديه ويكون تدخل الشرطة والجهات المسؤولة حازماً وحاسماً لحمايته.

لا اريد ان افتي بما هو من اختصاص غيري, لكني اقول بأن عدم الاكتراث بمسلسل الجريمة العائلية واعتبارها مجرد جريمة, هو محض خطأ فادح فتكرارها يقتضي الاستنفار ودق اجراس الانذار.

taher.odwan@alarabalyawm.net
العرب اليوم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :