عمون - يرى اخصائي الطب النفسي الدكتور وليد سرحان، أن ما يسمى بوصمة العار التي تلاحق المصابين بالامراض النفسية، تزيد العبء عليهم، وتؤدي إلى تمييز مرفوض، فليس غريبا بمجتمعاتنا أن يطرد شخص من عمله بسبب تشخيص اصابته بالاكتئاب.

وقال الدكتور وليد سرحان، إن افتراضات كثيرة يضعها المجتمع عن الاشخاص المصابين بأمراض نفسية، تكون بعيدة كل البعد عن المريض والمرض، كأن يعتقد الاخرون أنه سيصبح شخصا شرسا بعد تشخيصه بالاصابة..

وأضاف أنه رغم الانتشار الكبير للأمراض النفسية عالميا، إلا أن المصاب يفاجأ عند تشخيصه بالاصابة، معتقدا أنه كان لديه مناعة وقد سقطت هذه المناعة، الأمر الذي يولد غضبا وخجلا لدى المريض، يقوده إلى التكتم والبحث عن وسائل متعددة لعلاج الأمر فيوجه رسائل إلى اطباء نفسيين عبر السوشيال ميديا، وبالتالي عزلته عن العالم والتأخر في العلاج..

ويقول سرحان، إن المريض يبدأ يعامل نفسه بمعاملة مختلفة، وكذلك تبدأ اسرته بمعاملته كشخص منبوذ أو غير طبيعي، حتى وإن كان المريض بسيطا، ما يتسبب بعزلة اجتماعية لدى المريض، والمزيد من المعاناة..

وأكد أنه عندما يصل المريض إلى مرحلة زيارة العيادة النفسية يكون قد وصل إلى مستوى متقدم من المعاناة، لكنها لن تنتهي هنا، بل تبدأ مرحلة جديدة من المعاناة بعد ان يشخص المرض.

ويقول سرحان إن مرحلة المعاناة هذه تتشكل بـ "كيف سيأخذ العلاج؟"، فعند التوجه إلى المختبر لاجراء تحليل الدم الذي طلبه الطبيب النفسي، يقوم المريض باخفاء اسم الطبيب حتى لا يعرف احدا أن يراجع عيادة نفسية، وفي الصيدلية يكون كله حرج من نوع الدواء المراد صرفه، ويقابله الصيدلي "بابتسامة صفراء" وفق سرحان..

اما عند عودته إلى البيت ليعلن أنه يتلقى علاجا نفسيا عند طبيب مختص، يقول سرحان، إن ثورة تقوم ضده، محذرة من العلاج والادمان والدخول في متاهات، لاقناعه بالتوجه إلى شيخ "ليرقيه" بدلا من العلاجات النفسية "الكلام الفاضي"، ويبدأ المريض معركة مع المرض والمعاناة والوصمة والمجتمع وردود الفعل كلها في آن واحد..

سرحان أكد ضرورة أن يكون انهاء هذه الوصمة ليس بالشعارات والبوسترات، بل يجب أن تكون عملية مضنية تتطلب استئصال الشعور بالخزي والعار، مشيرا إلى أن اطباء اختصاصات اخرى ينصحون مرضاهم بعدم التوجه إلى طبيب نفسي إذا اظهرت فحوصاتهم الطبية عدم وجود مشاكل لديهم.

ووصف تحذير اطباء الاختصاصات الاخرى من مراجعة الاطباء النفسيين بالكارثة، مؤكدا ان كل التخصصات الطبية يتحملون مسؤولية هذه الكارثة ولا يمكنهم التنصل منها.

وقال إن "هذه التحذيرات السخيفة لا تزيد المرضى إلا معاناة".

وأوضح سرحان أن المجتمع سواء المجتمع الطبي او بشكل عام لا يدرك مدى التطور الذي حصل في علم النفس عبر العقود الاخيرة، ولا يعرف أن الطب النفسي تطور بصورة كبيرة عبر عقود مضت.