facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هزائم الملاعب وخسارتها


حسين الرواشدة
17-10-2022 01:00 AM

هل كشفتنا الرياضة أم ورطتنا؟

أعرف أن الإجابة تحتاج لنقاشات طويلة، ومصارحات أعمق، لكن ما حدث قبل ايام في إحدى المباريات، وغالبا ما يتكرر في معظم المواسم، يضعنا، دولة ومجتمعا، أمام وقائع مفزعة، لابد من التعامل معها بمنتهى الحكمة والجدية، المسألة هنا لا تتعلق بمجرد شغب في الملاعب، أو على المدرجات، وإنما تحول إلى «كرة» تتدحرج، فتخرج أسوأ ما فينا من «كره» وانقسامات مغشوشة، وأحقاد دفينة.

دفعنا على جبهة السياسة أثمانا باهظة لغياب الثقة، و الانسحاب من المشاركة بالعمل العام، والاستغراق باليأس والتلاوم وجلد الذات، الآن ندفع على جبهة ‏الرياضة أثمانًا أخرى للتعصب والشحن الاجتماعي، وفتح المقابر التاريخية، في المرة الأولى افتقدنا الروح السياسية، وفي الثانية افتقدنا الروح الرياضية، وبينهما غابت هويتنا الوطنية الواحدة، و انتصرنا لنوازع الفرقة والتشرذم، والاصطفافات المخجلة، النتيجة أننا خسرنا جميعا، الوطن والمواطن على حد سواء.

كشفتنا الملاعب أم ورطتنا؟ أعتقد أنها فعلت بنا الأمرين ‏، كشفتنا لأن لدينا مشكلة في الأصل، فحالة مجتمعنا ليست بخير، المؤشرات عديدة ومتنوعة : تصاعد حدة الجريمة، انتشار تعاطي المخدرات على إيقاع الفقر والفساد، تراجع حضور الطبقة الوسطى لحساب ثنائية طبقية أعلى هرمها الأثرياء، وقاعدتها العريضة من الفقراء، التسفل الأخلاقي وانحدار الذوق العام، إحياء نزعة «من أنتم ؟»وما تحمله من تصنيفات تجرح المواطنة والإنسانية ‏، كل هذه المؤشرات وغيرها، أفرزت من المجتمع ما نسمعه يتردد على المدرجات والمنصات والمجالس، وما نراه في المحاكم والشوارع والمدارس والجامعات.

الملاعب ورطتنا أيضا، فيما مضى من سنوات كانت الأندية الرياضية تشكل مصدات لحماية المجتمع من دخلاء الداخل والخارج، وما زالت ذاكرتنا الوطنية تحمل صورا مشرقة لما فعلته دفاعا عن القضايا الوطنية، الآن -للأسف - تغيرت الصورة، لقد أصبحنا مأسورين، بفعل بعض الأندية، لثنائية قاتلة ‏قسمت المجتمع على أساس الجغرافيا والديموغرافيا، وزرعت في تربتنا الوطنية أشواك الكراهية و»الغل» السياسي والاجتماعي، ثم تمادى بعضها لإلهاب مشاعر الناس بشعارات فاسدة، وهتافات أساءت لتاريخنا وقيمنا وعيشنا المشترك.

أعرف تماما أن للرياضة في العالم أجواء خاصة، يتوزع فيها الفرح والانحياز لهذا الفريق أو ذاك، ولا تخلوا أحيانا من شغب على المدرجات، هذا مفهوم في إطار الصراع على الكرة التي تتقاذفها الاقدام (والأيدي أيضا )، لكن ما يحدث في بلادنا ‏تجاوز ذلك، ووصل حدودا لا يجوز أن يصل إليها، الرياضة حين تقسم المجتمع، وتزرع داخله الفرقة، وتولد فيه النعرات الجاهلية، تصبح وباء خطيرا، يهدد الأمن الوطني، حينئذ يلزم التعاطي معها بالقانون الرادع.

حين تركنا للمتعصبين والجهلاء والغوغاء أن يتقدموا صفوفنا، ثم صفقنا لهم، أصبحت جردة خسارتنا كبيرة: ‏خسرنا الروح الرياضية والأخلاقية، وأسعدنا الذين ينتظرون منا أن ننشغل بمباراة على حساب قائمة قضايانا الكبرى، والأهم أننا خسرنا صفونا الاجتماعي، وجرحنا وحدتنا الوطنية، وقدمنا لابنائنا أسوأ الدروس والنماذج، لقد هزمنا جميعا قبل المباريات وبعدها أيضا.

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :