كلام في الشجار والمشاجرات .. سليمان الطعاني
17-10-2010 06:22 PM
تشهد حياتنا سلسلة متتالية من الأحداث والقلاقل المنذرة بالخوف والخطر ، تلفت الأنظار إلى صور السلوك الانفعالي الأخرق وحالات اليأس والقلق في أوساط مجتمعنا وأسرنا وحياتنا المشتركة جميعا ، وثمة ظاهرة واضحة في حياتنا اليوم إذ أصبح فيها الغضب والعنف عادة نعيشها يوميا ملازمة لسلوكنا، كلنا يرى مدى انتشار حالات الشجار التي تعم مجتمعنا والمتمثلة في صور العدوان المتفجرة هنا وهناك والشجار شبه اليومي في منازلنا بين الأب وأبنائه ومدارسنا بين المعلم وطلابه ومؤسساتنا وشوارعنا وحوارينا .
ترى هل خلت قلوبنا من العواطف أم مات فيها الحب واستيقظ الشر تجاه بعضنا البعض ، أم أن على قلوب أقفالها ، هل نسينا العاطفة في داخلنا والتي نستطيع بها إدارة حياتنا وامتلاك قلوب الآخرين وكسب ودهم وحبهم وزرع الثقة في النفوس المتعبة ومسح الألم عن كواهلنا المرهقة بأخبار المشاجرات وفنون الكيد وأحابيل المؤامرات لبعضنا البعض ، هل مات الحب فينا لدرجة بات معها إنهاء حياة بعضنا البعض أو قطع أرزاق بعضنا ، إن حالة الغضب وموت المشاعر المسيطرة سلباً على حالتنا الصحية والنفسية، وعلى سعادتنا ووضعنا بشكل عام، باتت تصبغ مجتمعنا بألوان شتى من صور العنف التي لم نشهدها من قبل ، وإنها صرخة لإعادة تفعيل العواطف في النفوس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .
ظاهرة العنف ربما جاءت نتيجة للحياة العصرية التي نعيش، فالضغط النفسي والإحباط، المتولد من طبيعة الحياة العصرية اليومية، تعد من المنابع الأولية والأساسية لهذه الظاهرة. ناهيك عن فشل التربية والتنشئة الاجتماعية والأسباب النفسية والبحث عن تحقيق الذات بشتى الوسائل و الثأر للأنا والانتقام لها كل ذلك أسهم في إذكاء جذوة العنف في النفوس وطغيان روح الشر والقسوة بدلا من التسامح والعفو والصفح ، هل أصبح العنف في مجتمعنا ثقافة culture وطبيعة بشرية نحملها ونعتبرها إحدى اللوازم الضرورية في حياتنا لإعادة التوازن لذواتنا المريضة ونفوسنا الأمارة بالشر والسوء والكيد لبعضنا البعض ، اثر مواقف نعتبرها جهلا هجوما ضدنا وتتعارض مع مصالحنا وممتلكاتنا ؟. فنلجأ إلى استعمال آليات الدفاع البدائية .
حالات يندى لها الجبين حياء تتمثل في قطيعة الأخ لأخيه والابن لأمه وأبيه ومعاداة الجار ذي القربى والجار الجنب والكيد والغش والمكر والدهاء والبغض والحسد ، كلها أنبتت أصنافا وألوانا من العنف والكراهية وضعفا في الروابط الاجتماعية لا تؤدي إلا إلى التصادم والتصارع بين أبناء المجتمع الواحد .
أصبح حتى مجرد الاختلاف في الرأي يفسد حياتنا ويكدر عيشنا .
الإنسان لا يولد وهو يحمل بذور الأنا ، ومن معي فهو أخي ومن يخالفني الرأي فهو بلا شك عدوي ، فيما تبقى الحقيقة في غرفة الإنعاش وفي زمن النفاق والتخوين تغدو الحقيقة أول خسائر الواقع، وإنما يولد ولديه استعداد للميل إلى الحق والعدل ، وهذا الاستعداد يجعله يختار الحق في كل مواقف حياته حين تترك له حرية الاختيار ، أين الروابط الاجتماعية وأين السلام الاجتماعي مع النفس والجماعة بل أين الوازع الديني
والرحمة ؟
هل هو فهم خاطئ للحياة ، أم إثبات للذات ، أم ضعف في الشخصية أم هو الإحباط
والفشل والظلم والبطالة وغياب الضمير والقدوة الصالحة ، أم ماذا ؟؟؟
هل غاب الضمير ونام الوازع الديني وأصبح الراعي غير مسؤل عن رعيته .
متى نرقى إلى مستوى أرفع من أدب الحوار والاختلاف دون اتهامات وتجريح وفساد وإفساد ؟
ونن على أبواب الانتخابات النيابية ، لا تسخر من الذي يعثر قبلك، ولا ترم الناس بالحجارة وبيتك من زجاج، فإن مبدأ العدالة بين الناس مطلب بشري وهو لب ما جاء به الإسلام.