facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الغباء الجديد .. صناعي ورقمي


نسيم الصمادي
02-11-2010 01:31 AM

مع بدايات عصر الكمبيوتر كنا نتحدث عن الذكاء الصناعي، متخيلين تكوين نظم معلومات متكاملة تقدم لنا حلولاً عملية وتطبيقية لمشكلات الإنتاج والإدارة والتنمية الاقتصادية الشاملة. وفي عصر الذكاء الرقمي تحول الخيال إلى واقع، وتحول معه الحلم إلى كابوس.

إذا كنت مديرًا متواضعًا مثلي، أي لا تحب "المنظرة"، فإنك على الأقل تحمل جهازي موبايل وساعة رقمية ولاب توب وتستخدم عنوانين للبريد الإلكتروني، واحد شخصي والثاني رسمي، وتدخل على الأقل وبصفة يومية إلى ما لا يقل عن عشرة مواقع إلكترونية: مهنية وإخبارية وبحثية وشخصية. ولا بد أنك تعرف "جوجل" و"ياهو"، وربما لك تواجد على "الفيس بوك" و"يوتيوب" وثلاثة أوأربعة منتديات مهنية وشعبية.

أما إذا كنت أقل تواضعًا فسوف يكون تحت أمرك موبايل و"بلاك بري" أو "آيفون" و2 لاب توب، واشتراكان إنترنت، و4 عناوين بريد إلكتروني. فإن كنت أكثر حظًا وثراءً وترحالاً، أو عدت للتو من أمريكا أو اليابان، وتتقن اللغة الإنجليزية ولغة ثالثة غير العربية، فأنت تملك قارئ الكتب الإلكتروني "كندل" من "أمازون" أو "سوني" وربما "نوك" من "بارنز آند نوبل" أو "بايبروس" الكوري من "سامسونج". وهذه كلها مكتبات إلكترونية تخزن آلاف الكتب التي تنوي قراءتها، ولكنك لن تقرأ منها شيئًا.

أليست هذه أغرب مفارقة عرفتها الحضارة الإنسانية!؟

كلنا نملك مثل هذه الترسانة الرقمية المرعبة التي نظن أنها ستمكننا من الدخول إلى كل خزائن المعلومات في العالم لكي نقرأ ونتعلم ونتغير ونتطور، لكن هذه الأدوات هي نفسها التي تحرمنا من تحقيق نفس الهدف الذي صنعت من أجله. فهل من المعقول أن نحمل كل هذه الأدوات ونفتح كل هذه القنوات،ونبقى قادرين على القراءة والتركيز؟!

المفارقة المؤلمة هي أن هذه الرقميات وضعت كل معارف ونظريات واختراعات العالم بين يديك، ثم حرمتك من مجرد الالتفات إليها. فأنت تستطيع الحصول على كل كتاب في ثوان، وترجمة أي نص في دقائق، لكن "المسجات" و"التويترات" و"الإيميلات" و"الرنات" تحرمك من مجرد الالتفاف إلى هذه الموارد العظيمة التي تحملها بين راحتيك أو في إحدى جيبيك، وتراها تلمع وتبرق وتغيم وتمطر داخل أجهزتك السريعة، لكنك مشتت الذهن ومنهك البدن، ولن تجد دقيقة واحدة أو فرصة سانحة لكي تلتقط أنفاسك وتبدأ في القراءة.

تحولنا إلى مخلوقات رقمية وسطحية؛ نملك أسرع وأعظم تدفق لسيول المعلومات في التاريخ، لكن تواترها و"تويترها" وتوترنا وتشتت أذهاننا يمنعنا من تحويل المعلومة إلى معرفة، ناهيك عن تحويل المعرفة إلى حكمة. فهناك فرق كبير بين المعرفة الواسعة وبين المعرفة العميقة.

بدأت علاقتي بالإنترنت عام 1996؛ وشاهدت وشاركت في مئات المواقع، لكن علاقتي لم تتوطد إلا مع عشرة مواقع، ربما تزيد أو تنقص قليلاً. على رأس هذه المواقع Amazon لشراء الكتب، وYoutube وTED وFora.tv لسماع المحاضرات ومتابعة الاتجاهات، وCNN وموقع الجزيرة للأخبار، وجوجل للبحث عن المعلومات، وأخيرًا Edara.com لخدمة العملاء والقراء. هذا بالإضافة إلى
مواقع بعض المنافسين المتخصصين في مجالات التنمية البشرية والنشر الإلكتروني والتدريب. وكل ما تبقى، كان وما زال كالزبد الذي يطفو على سطح الماء ويذهب جفاء.

صحيح أن عصر النشر الورقي يوشك على الانتهاء، ولكن البدائل الرقمية لن تكون ذات قيمة إلا إذا حققت المعادلات الصعبة: الكيف قبل الكم، والتركيز قبل التشتت، والرسالة "Mission" قبل الرسالة "Message"، وإلا فسوف يتحول الإعلام إلى إعدام، والتربية إلى تعمية!





  • 1 د ابراهيم ربابعة / الهاشمية 02-11-2010 | 10:08 PM

    كلام رائع وواقعي أشكرك استاذ نسيم عرفناك دوما الرجل المثقف المتبصر في كثير من الامور والى الامام


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :