الآيات المحكمات في سورة البقرة
28-01-2023 12:36 PM
عمون - الآيات المحكمات في سورة البقرة
هناك العديد من الآيات المحكمة في سورة البقرة، ومنها ما يأتي:
الآية رقم (144)
قال الله -تعالى-: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)، وسبب نزول هذه الآية قصة تحويل القبلة؛ حيث إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بمكة إلى الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يُصلّي نحو بيت المقدس؛ ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إياه إذا وافقهم في قبلتهم مع ما يجدون من وصفه في التوراة.
وقد صلّى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الهجرة ستة عشر أو سبعة عشر شهراً إلى بيت المقدس، إلا أنه كان يحب أن يُوجَّه إلى الكعبة؛ لأنها قبلة إبراهيم -عليه السلام-، ولأنه كان يُحبّ مخالفة اليهود، فطلب -صلى الله عليه وسلم- من ربه -تبارك وتعالى- أن يأذن له بتحويل القبلة.
وأنزل الله -تعالى- قوله: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً) فلنحولنك إلى قبلة (تَرْضَاهَا) أي؛ تُحبّها وتهواها، (فَوَلِّ)؛ أي حوّل (وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)؛ أي نحوه، وأراد به الكعبة، (وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ) من برٍ أو بحرٍ أو شرقٍ أو غربٍ (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) عند الصلاة، فكان أمر القبلة أوّل ما نسخ من أمور الشرع، ونسخ بآية محكمة حددت القبلة بجهة واحدة وهي المسجد الحرام.
الآية رقم (185)
قال -تعالى-: (يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)،فهذه الآية من جملة آياتٍ محكمات عديدة استنبط منها العلماء إحدى القواعد الفقهية الكبرى، ألا وهي قاعدة "المشقّة تجلب التيسير"، بمعنى أنّ الأحكام التي يترتّب على تطبيقها حرج على المكلّف ومشقّة في نفسه أو ماله فالشارع خفّفها عنه بما يقع تحت قدرة المكلّف دون عسرٍ في تطبيقها، فالشريعة تكون قابلةً للتطبيق من غير مشقّة لا تُطاق.
ولذلك أخبر الله -تعالى- في هذه الآية الكريمة أنّ إرادته الأزليّة قد تعلّقت بجميع المكلّفين تعلقاً يجلب لهم التيسير في جميع الأحكام الشرعيّة التي تعلّقت بهم، وإرادته الأزليّة قد رفعت عنهم العسر في تطبيق أحكامه، بمعنى أن جميع الأحكام الشرعية حتى وإن كان في بعضها مشقة إلا أنها داخلة في دائرة الاستطاعة.
معنى المُحكم في القرآن
المحكم هو ما عُرف تأويله، وفُهم معناه، ويقابله المتشابه، وهو ما لم يُعلم معناه، وقد فُسِّر المحكم أيضاً بأنه ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً، والمتشابه هو ما يحتمل عدة أوجه، فإذا رُدّت جميع الأوجه إلى وجهٍ واحدٍ وأُبطل الباقي صار المتشابه محكماً.
وقيل أيضاً إنّ المحكم ما كان قائماً بنفسه ولا يُحتاج إلى الرجوع فيه لغيره لتفسيره، في مقابل المتشابه الذي يُرجع فيه إلى غيره لتفسيره، وقد أيَّد القرطبي هذا المعنى لأنه بحسب ما يرى جارياً على وضع اللسان؛ لأن المُحكم اسم مفعول من أحكم، والإحكام الإتقان، فما كان واضح المعنى إنما يكون كذلك لوضوح مفردات كلماته.