عمون - ملخص تفسير سورة النور
سورة النورسورة المدينة، وعدد آياتها أربع وستون آية، وقد نزلت بعد سورة النصر، وعالجت أحكام العفاف والسّتر، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُوصي بتعليم النساء سورة النور، وفيما يأتي سيتمّ تقسيم السورة الكريمة إلى مقاطع، مع تفسير كل مقطع بشكل إجمالي.

المقطع الأول: الآيات (1-26)
تبدأ السورة الكريمة بتقرير فيه وجوب الانقياد لِما فيها من أحكام؛ لأنها سورة مفروضة من منزلها -سبحانه وتعالى-، ثم تأخذ بتقبيح فاحشة الزنا تقبيحاً يجعل النفوس تنفر منها، وتأمر بنبذ مرتكبيها، وبتنفيذ حدود الله- تعالى- فيهم بدون شفقة أو رأفة، وتبيّن أن عقوبتهما الجلد مئة جلدة، ثم تبين بعد ذلك حكم الذين يرمون النساء العفيفات بالزنا دون إحضار الشهود الأربعة، وحكمهم هو الجلد ثمانين جلدة.

وتبيّن حكم الذين يرمون أزواجهم بذلك، ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم، وتبين كذلك أن الواحد منهم يشهد أربع شهادات على صدقه، ويتبعها بخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وإذا أرادت الزوجة أن تبرئ نفسها فتشهد أربع شهادات أنه كاذب، وتتبعها الخامسة أن غضب الله عليها إن كان صادقاً.

ثم ذكر الحق -سبحانه-قّصة الإفك على الصدّيقة عائشة بنت الصديق -رضي الله عنهما-، وقد توعدت الآيات الكريمة من أشاع هذا الإفك بالعذاب العظيم الذي أعده الله -سبحانه وتعالى-، كما حضت المؤمنين على التثبت من صحة الأخبار، وعلى وجوب حسن الظن بإخوانهم المؤمنين، وحذّرتهم من اتباع خطوات الشيطان.

ثم ختمت القصة ببراءة السيدة عائشة -رضي الله عنها- من كل ما اتُّهمت به، وبعدها عقبت الآيات الكريمة ببيان قبح فاحشة الزنا، وعقوبة من يقذف المحصنات الغافلات، وهو اللعن في الدنيا والآخرة، ومصيرهم العذاب الشديد في النار بعد شهادة أعضائه عليهم.

المقطع الثاني: الآيات (27-34)
يتحدث هذا المقطع من الآيات الكريمات عنآداب الاستئذان، وعن وجوب غضّ البصر بالنسبة للرجال وكذلك النساء، وعن تعليم الناس الآداب المستقيمة، والأخلاق الحسنة؛ حتى يعيش المجتمع المسلم حياة يسودها الطهر والعفاف والنقاء، كما بينت الآيات للنساء أحكام الزينة وما يجوز كشفه أمام المحارم.

ثم حثّت الآيات الكريمة المؤمنين والمؤمنات بالزواج من أهل الدين والصلاح، بغض النظر عن فقرهم؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- قادر على إغنائهم من فضله، كما حثت الآيات الكريمة الذين لم تتيسر لهم وسائل الزواج على العفاف حتى يغنيهم الله-سبحانه وتعالى- من فضله.

المقطع الثالث: الآيات (35-45)
يبيّن هذا المقطع أن الله -سبحانه وتعالى- هو نور العالم كلّه بسمائه وأرضه، وضرب لذلك مثالاً بديعاً، ثم بينت الآيات الكريمة أن أشرف البيوت في الأرض هي بيوته التي يذكر فيها اسمه والتي يسبح له فيها بالغدو والآصال.

وقد امتدحت الذين لا تُلْهيهم التجارة عن ذكره -عز وجل-، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وحالهم الخوف من الله ومن العذاب، فيكرمهم الله -سبحانه وتعالى- بالفضل العظيم، ثم قارنتها بأعمال الكافرين وجزائهم.

ثم بينت الآيات الكريمة شيئا من مظاهر قدرة الله -سبحانه وتعالى- في هذا الكون؛ من سحاب يتحول إلى مطر لا غنى للناس عنه، وتبادل الليل والنهار، وخلق الدواب على أشكال مختلفة، فسبحان الخالق العظيم!

المقطع الرابع: الآيات (46-57)
يكشف هذا المقطع من الآيات الكريمة للمؤمنين بعض قبائح المنافقين من كذبهم وعدم رضاهم عن الأحكام التي يصدرها الله -سبحانه وتعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، إلا إذا كان الحكم في مصلحتهم، وهذا الكشف عن رذائلهم لكي يَحْذَرُهم المؤمنون، وتقابلهم صورة المؤمنين من أحكام الله -سبحانه وتعالى-؛ ليجزيهم لطاعتهم بالاستخلاف في الأرض، والتمكين في الدين، وبتبديل خوفهم بالأمن.

المقطع الأول: الآيات (58-64)
يعود هذا المقطع إلى الحديث عن آداب الاستئذان، فأمرت الآيات المؤمنين أن يعوّدوا عبيدهم وخَدمهم وصبيانهم الذين لم يبلغوا الحلم على الاستئذان في الدخول عليهم في ثلاثة أوقات؛ وهي ما قبل صلاة الفجر، وفي وقت الظهيرة، وبعد صلاة العشاء؛ لأن هذه الأوقات أوقات عورة قد تكون المرأة أو الرجل بحالة لا يصح الاطلاع عليها.

كما ذكرت بعض الأحكام الخاصة بالدخول إلى البيوت والأكل منها، واختتمت الآيات الكريمة ببيان صفات المؤمنين، وبحضّهم على تكريم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وتعظيمه وتوقيره، وكيفية التعامل معه، لتنتهي السورة الكريمة ببيان أن هذا الكون كله ملك لله -سبحانه وتعالى- وتحت قبضته وعلمه.